البعث وسباق النهاية الدموي !

مع تصاعد الهبة الجماهيرية الشعبية الثائرة ضد بقايا نظام الوراثة الاستئصالي الاستنعاجي البعثي في الشام, وتماسك إرادة المجتمع الدولي والاقليمي الحر بوجه المخططات الدموية الفاشية لنظام البعث السوري, وهو يواجه قدره النهائي والحتمي بعد أن حسم الشعب السوري نهائيا وبشكل مبرم وضعه يبدو سباق النهاية واضحا وجليا في الافاق , فالاضطراب السلوكي الذي يضرب أركان النظام بعد تشديد الطوق الاقليمي عليه وعزله بالكامل قد عبر عن حيثياته من خلال إصرار النظام على المعالجات الامنية الدموية وبالطريقة والعقلية نفسها لإدارة الصراع السابقة, وهي العقلية الدموية المفرطة وإطلاق أيادي أجهزة المخابرات وعناصر "الشبيحة" الطائفيين والمجرمين لمحاولة ترويع الشعب وردع الناس وحفر أخاديد عميقة للفتنة الوطنية الطائفية التي هي سلاح النظام الوحيد من أجل البقاء , فالنظام من الناحية الميدانية والواقعية قد سقط وانتهى أمره, وما نراه اليوم من حمامات دم وعمليات قتل وثأر وانتقام هي الفصل الاخير والحاسم لمسرحية دموية تراجيدية مأسوية عاشها أهل الشام الحرة منذ نصف قرن ويزيد وأيام كان للانقلابات العسكرية وللراديكاليات الحزبية وللعقيدة الفوضوية والعبثية البعثية دورها في صناعة الاحداث بالتعاون مع مخططات الغرب خلال مرحلة الحرب الباردة, وهي مرحلة انطوت أيامها منذ أكثر من عقدين في العالم بينما لا يزال عالمنا العربي يئن من تحت ركامها وبقاياها.

لقد تحالفت العقلية البعثية الفاشية الديكتاتورية مع العقلية الطائفية المسخ الهوجاء لتشكل حالة فريدة من حالات التسلط الديكتاتوري في سورية والتي هي كيان حضاري متألق عبر التاريخ ساهم في رفد الحضارة الانسانية بإبداعات وتجليات رائعة منذ مرحلة ما قبل الاسلام وعصور الفينيقيين, مرورا بالمرحلة الاسلامية, التي شهدت أيام الامويين ازدهارا استمر عطاؤه رغم تبدل الامارات والدول, ثم جاءت مرحلة النهضة العربية والشرقية أوائل القرن الماضي لتتربع سورية ومبدعها على عرش الابداع والتألق والعطاء ولتكون درة الشرق القديم وحاضرته التي لا تعرف الانتكاس ولا النكوص , وما يروج له النظام الهالك وأتباعه وأذنابه من مخاوف مستقبلية على مستقبل سورية ووحدتها الوطنية مذكرين بالتجربة العراقية المرة, هي مجرد تخريصات وتخاريف وأوهام لا علاقة لها أبدا بالواقع السوري, فمن دمر سورية هو نظام البعث العسكري المخابراتي بشكله الطائفي القح المريض, فلا خلاف ولا صراع ولا اقتتال بين الطوائف والملل والنحل في سورية أبدا, ومن يعبث بهذا الملف الصاعق هوالنظام السوري ذاته الذي يخبئ عقليته الطائفية المريضة خلف شعارات التقدم والاشتراكية المزعومة والخاوية فيما يستمر في نهب الشعب وتدمير الوطن والتطاول على دماء أبنائه.

لقد قدمت الطائفة العلوية الكريمة في سورية خيرة رجالها ومناضليها لمقارعة نظام البعث المتوحش, وكانت دماء العلويين في طليعة قوافل الشهداء السوريين من أجل الحرية والتحرر , وما معسكر الشر والجريمة والتخلف المتمحور حول النظام والمدافع عنه من أقطاب التحالف الايراني الصفوي سوى فقاعات هوائية مريضة تعوي وتنبح ضد منطق التاريخ وحقائق الامور.

عندما يكون نظام حزب البعث السوري مدعوما علنا من النظام الايراني وأتباعه وأذنابه في المنطقة فأعلموا ان في الامر مؤامرة واضحة المعالم , فكيف يدافع معسكر الولي الصفوي الفقيه الذي صدع الدنيا بصراعه مع الفرع العراقي للبعث البائد عن أفكار وتوجهات وسياسة البعث السوري الذي لا يختلف في النهاية عن صنوه العراقي الراحل إلا في الاسماء وبعض التفاصيل الصغيرة الاخرى ?

تصوروا أن أحد الصفويين المشعوذين في العراق, مثلا وهوالملا إمام مسجد براثا المدعوجلال الدين الصغير, عضو المجلس الاعلى للثورة الايرانية في العراق, يصرح علنا بأن البعث السوري غير البعث العراقي! رغم أن الفرع السوري يؤكد على أحقيته الايديولوجية في التعبير عن العقيدة البعثية ويعتبر نفسه يسار البعث بينما يصف الفرع العراقي باليمينية والعمالة للغرب! والسبب في ذلك التصنيف هوكون الصغير وشلته أيام اللجوء الذليل في الشام كانوا مجرد وكلاء للمخابرات السورية يقدمون تقاريرهم المريضة لنيل رضا عناصر أمن النظام ومخابراته, وهذه حقيقة يعرفها الجميع, لذلك فحينما يحتشد اليوم معسكر أتباع النظام الايراني وحلفاء البعث السوري الستراتيجيين ويبشرون بدجلهم وخرافاتهم و"أحلامهم" المثيرة للسخرية الممجدة لنظام السفاح البعثي السوري فهم إنما يعبرون عن عقلية الولاء والاصطفاف لصالح السياسة الايرانية الخبيثة التي تعتبر انهيار نظام بعث الشام المتوحش بمثابة بداية النهاية للمشروع التخريبي الايراني في المنطقة , وقد أضحكني فعلا التبرير الساذج الذي ساقه "أحدهم" للدفاع عن بقاء النظام السوري متحججا بأن سقوطه سيطلق سراح الاسلام السياسي في المنطقة! رغم أن ذلك الشخص محسوب على معسكر النظام الايراني, وهنا أتساءل ماهي هوية النظام الايراني المعلنة ? أليست هي الاسلام السياسي ذاته الذي يحذر منه الاغا المحترم?

بصرف النظر عن العديد من الامور والمسلمات التي باتت تطرز الخارطة السياسية الاقليمية فإن سقوط النظام البعثي الدموي السوري بات من حقائق المرحلة الراهنة, وإن انتصار الثورة الشعبية السورية الكبرى ستكون له استحقاقات اقليمية ودولية بالغة التأثير , لقد انحسر بالكامل معسكر الدجل وباتت حرية الشرق القديم هي عنوان المرحلة المقبلة, والفاشيون إلى سعير.

السابق
الاخبار: أوّل اشتباك رسمي في الحكومة والسبب الكهرباء
التالي
اللواء: دعوة الدفاع الأعلى للإجتماع اليوم ورفع العلاقات الى درجة سفارة مع فلسطين