هل ترحل قوات اليونيفل بعد التفجير الثالث؟

بين التفجير الأول في 27 أيار الذي استهدف القوه الايطاليه العامله في "اليونيفل" في جنوب لبنان والتفجير الثاني الذي وقع في 26 من شهر تموز الفائت واستهدف زملائهم من القوه الفرنسيه , لم يختلف شيء لا من حيث الدلالات ولا من حيث مكان التفجيرين ومسرحهما المدخلان الشمالي والجنوبي لمدينة صيدا عاصمة الجنوب اللبناني .

ويبدو أن القوى المعاديه للغرب وتدخلاته في المنطقه اختارت ساحتنا الجنوبيه مسرحا للثأر ورد العدوان دون أخذ رأي أصحاب الأرض أو الالتفات الى المخاطر والخسائر الجسيمه التي يمكن أن تسببها تلك الاعتداؤات على قوات حفظ السلام الدوليه المكلّفه بمهمة الفصل بين قوّه غاشمه عاتيه وهي اسرائيل وبين الشعب اللبناني المتسلّح بجيش متواضع ومقاومه لا تملك دبابات وطائرات وأسلحة دمار شامل كما عدوّها ولكنها تملك تجربة عقود من تمرّس في مقارعته وتحقيق الانتصارات عليه بفعل روح الفداء والتضحيه التي يغذيها اراده صلبه و ايمان بالله وبالوطن لا يحدهما حدود .

ولأن الانتصارات التي حققها اللبنانيون على عدوهم الصهيوني تقتضي منهم عدم التفريط بانجازات هذه الانتصارات وأهمها ضمان عدم التعدي على حدودنا الجنوبيه ومراقبتها من قبل تلك القوات الدوليه التي ارتفع عديدها الى 13000 جندي وضابط بعد حرب تموز 2006 اثر صدور القرار 1701 .

لقد نجحت تلك القوات بمهمتها الموكله اليها منذ خمس سوات فلم يجرؤ الاسرائيليون منذ التاريخ أعلاه على ارتكاب خروقات جسيمه باتجاه الحدود اللبنانيه انما كانت خروقاتهم محدوده خوفا على مكانتهم وسمعتهم الدوليه فعاش أهالي الجنوب بأمان وعم العمران في نواحيه حتى لامست جدران منازلهم التي استحدثوها الشريط الشائك الذي يفصل بينهم وبين الأراضي الفلسطينيه المحتله في كثير من الأحيان دون خوف أو وجل,بفعل الشعور أن قوات "اليونيفل" باتت صمام أمان حقيقي للجنوبيين لا يمكن للعدو تجاوزه.

غير أن السؤال الذي يطرأ هنا ماذا ستفعل قوات الييونيفل بعد التفجير الثالث الذي يتوقع الكثيرون أنه لن يتأخر كثيرا بفعل عدم تغيّر العوامل الاقليميه المضطرمه في المنطقه وهي ستظل تثير مشاعر الغضب والاحتقان ضد الدول التي تتكون منها عناصر تلك القوات خصوصا أن أرضنا ما زالت كما هي الخاصره الرخوه لقوات الأمم المتحده ومسرحها جنوب لبنان الزاخر في حدوده الساحليه والشماليه بتجمعات سكنيه فلسطينيه وعربيه ذات مشارب سياسيه راديكاليه وعقائد دينيه متطرفه لا يمكن الركون لها ولا السيطره عليها.

هذا وترد أنباء أنه يدور جدال في اروقة الادارة الفرنسية وسط توجهين الأول يطالب بسحب الكتيبة الفرنسية العاملة في إطار قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان "اليونيفيل" والثاني يريد إبقاءها.

وقالت وكالة الأنباء "المركزية" اللبنانيه نقلا مصادر دبلوماسية أن "جدالا واسعا يدور في اروقة الادارة الفرنسية وسط توجهين يسأل الاول عن جدوى استمرار الوحدة الفرنسية في مهمتها في لبنان في ضوء استهدافها اكثر من مرة من قبل مجموعات ارهابية لم تحدد هويتها واهدافها في حين يرفض من يتبنى التوجه الثاني هذا الخيار ويصر على ضرورة ابقاء القوة الفرنسية في لبنان حفاظا على امنه واستقراره".

وأبدت المصادر قلقها "جراء امكان تكرار حوادث التعرض للقوة الفرنسية اذا لم تتمكن القوى الامنية اللبنانية من اتخاذ تدابير حاسمة تكفل سلامة قوات اليونيفل".

ولفتت إلى أن "اي اعتداء جديد من شأنه ترجيح كفة الرأي الاول ووضع الثاني في وضع محرج، لا سيما ان فرنسا تشارك في اطار مهمات دولية في بلدان اخرى حيث يتعرض جنودها للخطر ايضا".

ونسأل أخيرا هل هناك من يرسم ويخطط لسحب الشاهد الدولي القوي الذي أمن الاستقرار للبنان على مدى السنوات الخمس المنصرمه ومنع حربا جديده كان يمكن أن تندلع في أي وقت ؟

واكثر صراحه هل المطلوب عودة النزاع المسلح على الحدود اللبنانيه الاسرائيليه من أجل التعميه عن الأحداث الجاريه داخل الأوطان العربيه وصرف أنظار المجتمع الدولي عنها؟

أحد لا يملك جوابا حاسما ولكن ما نملكه دعاؤنا ان لا يقع التفجير الثالث فينفرط عقد تلك القوات الدوليه وتعود الى بلادها.

السابق
جورج كتاني: المصاب الثاني في غيبوبة وتحت قبضة القوة الامنية
التالي
كاسيزي ناشد المتهمين الاستفادة من الخيارات القانونية و المحكمة أنشئت لتحقيق العدالة بصورة منصفة ومناسبة