الجمهورية : الكهرباء تفجّر الأزمة بين ميقاتي وعون

 تداخل على الساحة الداخلية أمس القضائي بالكهربائي والسياسي، عاكسا حالة "القلوب المليانة" لا الرمانة السائدة في البلاد، والتي تزداد احتقانا نتيجة الانقسام السائد في الموقف حول ما يجري على الساحة السورية.
فعلى الصعيد القضائي، وغداة إبلاغ لبنان إلى المحكمة الدولية الخاصة به تعذر عثوره على المتهمين الأربعة من أعضاء حزب الله بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، يزور وفد من الأمم المتحدة والمحكمة بيروت اليوم، حيث يلتقي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني السابق الياس المر عند العاشرة والنصف قبل الظهر في مكتب المدّعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا ويطلعه على المستجدات في ملف التحقيق في جريمة التفجير التي تعرّض لها في سيارة مفخخة في انطلياس في 12 تموز 2005. كذلك يلتقي الوفد الدولي النائب مروان حمادة عند الثانية عشرة ظهرا لإطلاعه على مستجدات محاولة اغتياله خريف العام 2004.

أمّا على الصعيد الكهربائي، فقد تكهربت البلاد سياسيا أمس بفعل "الجلسة الكهربائية" لمجلس النواب لإقرار اقتراح قانون برنامج لأشغال كهربائية لإنتاج 700 ميغاوات بقيمة مليار و200 مليون دولار تقدّم به رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون بما يؤمن طاقة مستدامة لكل المناطق اللبنانية، إذ كهربت أجواءها مداخلاتٌ حاميةٌ بين نواب الموالاة والمعارضة، وتخللها تبادل اتهام بين من يريد إصلاح القطاع الكهربائي ومن لا يريده، وتشكيك في شفافية صرف المبلغ المقترح لهذه الخطة.

وقد لامس هذا الجو المكهرب الحكومة معرّضا تضامنها الوزاري لهزّة عنيفة، تفجّرت معها الأزمة الصامتة السائدة بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون التي كانت "الجمهورية" أشارت إليها أخيرا. إذ ما إن انتهت الجلسة إلى تأجيل اقتراح القانون الكهربائي إلى جلسة يعقدها المجلس الأربعاء المقبل، حتى أطلق عون من الرابية النار السياسية على ميقاتي وبعض الوزارء والنواب قائلا: "حالة اللاوعي مرفوضة في رئاسة الحكومة وعند بعض الوزراء والنواب". وشنّ هجوما على تيار "المستقبل" وحلفائه، مطالبا بفتح الملفات. وسأل وزير المال محمد الصفدي "لماذا يتباطأ في فتح الملفات حول الأموال المسروقة؟" وتوجّه إلى اللبنانيين قائلا: "إذا بدكن كهرباء احتلوا المجلس النيابي وأنا معكم، لأننا استنفدنا كل الوسائل".

وإذ أورد بعض وسائل الإعلام مساء أمس أنّ ميقاتي "طلب من قطب نيابي معارض قبل انعقاد جلسة مجلس النواب ليوم أن تساعده المعارضة على إسقاط اقتراح قانون المعجل المكرر حول الكهرباء"، سارع المكتب الإعلامي لميقاتي إلى اصدار بيان أكد فيه "إن هذا الخبر عار من الصحة جملة تفصيلا"، وأشار إلى أنّ ميقاتي "أعلن في خلال الجلسة أنه يؤيد اقتراح القانون مع وضع الضوابط التي تكفل إنجاح المشروع لحل أزمة الكهرباء".
وإلى ذلك قال النائب مروان حمادة لـ"الجمهورية": "إنّ الخلاف ليس على المشروع الذي قدّمه عون، وما عبّر عنه المجلس هو قلّة ثقته بوزير الطاقة، ورفضه منح مليار و200 مليون دولار لأي شخص بلا ضوابط وشفافية ومن دون تفاصيل وخطة. والحل هو أن تأتي الحكومة بمشروع قانون يشمل الضوابط المطلوبة، وعندها يمكن أن يحظى المشروع بإجماع المجلس النيابي". واستغرب حمادة طريقة تعاطي باسيل مع هذا المشروع المحضّر على ورقتين فقط، فيما يطلب موازنة تفوق المليار دولار. وقال إنّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي لم يطرح الموضوع على التصويت "لأنه يحبّذ دائما أن لا تأتي المشاريع من خارج الموازنة".

من جهته، قال وزير المال محمد الصفدي لـ"الجمهورية": إن مشروع عون للكهرباء يجب أن يكون أوضح لأنّ الضوابط ضرورية جدا وستناقش الحكومة هذا المشروع خلال الأسبوع الذي حدّده المجلس لها بغية تعديله".

وبدوره، قال النائب سيرج طورسركيسيان لنا:  "لا يزايدنّ أحد على أحد في موضوع الكهرباء لأنه مشروع فارغ، فكيف يحق لوزير الطاقة أن يطلب مليارا و200 مليون دولار ويتوقع أن يعبر هذا المبلغ في خط عسكري؟" ودعا إلى عدم الاستهانة بهذا الأمر.

وردّ وزير الطاقة جبران باسيل على منتقديه فقال :"كل من وصف المشروع بالفارغ هو الفارغ، لأن كل الاعتراضات عليه جاءت بلا أساس. إنه مشروع عمل تطلّب تحضيره سنة ونصف السنة، وحكومة الوحدة الوطنية كانت قد وافقت عليه وأدرجته ضمن الموازنة". وأضاف: "لقد قامت قيامتهم ليس على المشروع، بل لأنهم في الأساس لا يريدون الكهرباء".

وكان البارز سياسيا أمس زيارة رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط الخاطفة لدمشق يرافقه وزير الأشغال والنقل غازي العريضي، والتي جاءت بعد أيام من زيارته لتركيا. وأفادت مفوّضية الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي في بيان أنّ جنبلاط التقى في العاصمة السورية معاون نائب الرئيس السوري اللواء محمد ناصيف، "وقد اتسم اللقاء بالودّ والصراحة والتفهم، وكان مناسبة لتبادل وجهات النظر في آخر التطورات السياسية الراهنة".

وقالت مصادر اطّلعت على نتائج زيارة جنبلاط لدمشق لنا إنه أبلغ إلى المسؤولين السوريين الذين التقاهم نتائج اجتماعات عقدها مع مشايخ الطائفة الدرزية في لبنان وسوريا تناولت الوضع السوري وما يمكن أن يكون عليه موقف الدروز منها، وانتهت إلى اتفاق على أن لا مصلحة لهم في الدخول على خط الاحتجاج ضد النظام.

السابق
النهار : المر وحماده وشدياق يتبلّغون اليوم
التالي
الحياة :عون يلوّح بالانسحاب من الحكومة بعد انقسام الأكثرية على اقتراحه للكهرباء