بلدية صيدا: عام انقضى واختلاف على التقييم

عام انقضى من ولاية المجالس البلدية، ربما كان يشكل مؤشراً لاتجاه العمل في المجالس المذكورة، وفي صيدا حيث يشكل الانقسام السياسي الحاد الزاوية التي ينظر كل طرف فيها إلى إنجازات المجلس البلدي. كان لزاماً الاستماع إلى وجهة نظر رئيس المجلس البلدي المهندس محمد السعودي وإلى الناطق باسم بلدية الظل الدكتور عصمت القواص، في ظل غياب شبه كامل لقوى المجتمع المدني.

تقييم عام:

يحاول السعودي أن يسلط الضوء على حدود ما يمكن أن تنفذه البلدية والعوائق التي تواجهها "إننا نواجه روتين العمل الإداري وهو غير مقبول كلياً. ربما هناك إمكانية لأخذ قرار ولكن ليس سهلاً تنفيذه، لقد تم توقيع عقد مع إحدى المؤسسات وبعد مضي أكثر من ستة أشهر لم يبدأ التنفيذ بسبب عوائق تتعلق بالمتابعة الإدارية والعلاقات بين الوزارات المختصة". لكن الدكتور القواص ينظر إلى الموضوع من زاوية أخرى إذ يقول: "إننا نتابع كل أعمال البلدية ونحاول التركيز على موضوع الخدمات، قبل الانتخابات وعدت لائحة السعودي بتنفيذ عشرات المشاريع، لكن فعلياً لم ينفذ شيئاً حتى الآن".

مجارير المدينة:

يشير السعودي إلى أن البلدية تحملت مسؤولية ليست من مهامها، عندما ربطت شبكة الصرف الصحي بالمضخات التي توصل المياه الآسنة إلى محطة التكرير الرئيسة وهي من مهام وزارة الطاقة" كما ساهمنا بالضغط لتأمين مبلغ 300 ألف دولار خلال العام الفائت لتشغيل محطات الضخ والمحطة الرئيسة، لكن الأقوال لا تكفي فالمحطات بحاجة إلى 11 ألف دولار يومياً في ظل انقطاع التيار الكهربائي، وما يجري حالياً هو أحسن الممكن".

ويعلق القواص على ذلك بقوله: "مجرور البرغوث ما زال يصب في البحر، وما يصل إلى محطة التكرير الرئيسة في سينيق يحول مباشرة إلى البحر، لأن الشركة المشغلة ترفض صرف مازوت لتشغيل المحطة، كما أن المضخة عند بحر العبد طافت مؤخراً على المحلات وما يصرح حول الموضوع هو غير صحيح وما يحصل يزيد في تلوث شاطئ صيدا".

رمل على الكورنيش

وفي محاولة لتنظيف وتأهيل الشاطئ في صيدا، قامت البلدية بفرش رمل في المنطقة الممتدة من استراحة صيدا وحتى محطة حبلي عند كورنيش البحر. يقول السعودي "لقد استقدمنا باخرة رمل وتم فلشها على الشاطئ حتى يصير صالحاً للعوم وتأمين أكبر مساحة ممكنة لاستخدامها من قبل الجمهور".

ويرى القواص أن هناك أسباباً أخرى لشراء الرمل يوضحها بالآتي: "اعتاد أحد التجار الصيداويين إحضار بواخر رمل من مصر وبيعها إلى شركات البناء، وآخر سفينة لم تحمل المواصفات المطلوبة مما دفع إحدى الشركات إلى رفض شراء حمولتها من الرمل، وحُلت مشكلة هذا التاجر بأن اقدمت البلدية على شراء كمية الرمل وفرشها على الشاطئ، الهدف هو حل مشكلة التاجر وليس خدمة المواطن".

مكب النفايات

ويشير القواص إلى أن مكب النفايات ما زال مفتوحاً أمام نفايات وردميات مناطق مختلفة، "إن جبل النفايات ما زال قائماً" ويقال "مشي حالو وفتح فروعاً". لقد بتنا نملك 3 مكبات نفايات متصلة ببعضها وعلى الرغم من الإعلان عن توقيع عقد لردمه في البحر فإن ذلك لم يحصل حتى الآن". وأن ما يحصل سيؤدي إلى ردم مساحات أكبر تفتح شهية بعض المضاربين العقاريين وخصوصاً أن هناك مرسوماً بإنشاء شركة عقارية شبيهة بسوليدير.

ويوضح السعودي العوائق التي تواجه المشروع قائلاً: "لقد وقع العقد لإقامة الحاجز المائي الذي سيساعد على التخلص من مكب النفايات، منذ ستة أشهر ولم يصدر أمر المباشرة في العمل. لقد وافق مجلس الإنماء والإعمار على بدء العمل. لكن قوى الأمن أوقفت الشركة المتعهدة وطالبت برخصة من وزارة الأشغال، اتصلنا بوزير الأشغال الذي وعد بإجراء اللازم، وتبين أنه بحاجة إلى موافقة مجلس الوزراء وهو مجلس تصريف أعمال، لكننا حصلنا على مرسوم من رئيس الجمهورية واعتبرنا أن الموضوع انتهى، ثم تبين أن المطلوب أيضاً موافقة وزارة البيئة، وقد أخبرني الوزير محمد رحال "عندما تصلني المعاملة سأوقعها مباشرة". إنه روتين قاتل يؤخر العمل ويمنع المتعهدين من تنفيذ التفاقيات في مواعيدها".

أما معالجة المكب نفسه فهناك عقد آخر، وتقوم وزارة البيئة بتأهيل مقاولين لفرز التراب تحضيراً لردمه حسب الأصول وإرسال النفايات للمعالجة.

معمل معالجة النفايات

يتفق السعودي والقواص على أهمية بدء تشغيل المعمل المذكور، في حين يتهم القواص آل الحريري بالوقوف إلى جانب أصحاب المعمل وأن ما تسعى إليه الإدارة المذكورة هو بموافقة ومباركة من النائب بهية الحريري، إلا أن السعودي يشير إلى خطوات تنفيذية تسعى البلدية للقيام بها لدفع الشركة لبدء تشغيل المعمل وتنفيذ الاتفاقية وإلا ستضطر البلدية لفسخ العقد وتشغيل المعمل عبر شركات أخرى.

المستشفى التركي

ويشير السعودي إلى انجاز المستشفى التركي لكنه يستطرد "لا أدعي أن مجلسنا البلدي هو المسؤول عن إنجاز المستشفى المذكور، بل هو من إنجازات المجلس البلدي السابق ولكن ما حصل أن البناء والتجهيزات قد أنجزت وبقي مفتاح المستشفى مع الأتراك، ودور البلدية الحالي يقوم على حراسة المستشفى وقدمت البلدية مولداً كهربائياً خوفاً من تأثير انقطاع الكهرباء على المعدات الحديثة.

ولكن أين المشكلة إذن؟ يوضح "المشكلة عند وزارة الصحة، المطلوب منها تعيين مجلس إدارة للمستشفى، وتأهيل موظفين وهو ما وعد به وزير الصحة السابق د. محمد جواد خليفة إلا أنه حتى اللحظة الراهنة لم يحصل شيء على هذا الصعيد".

مشاريع أخرى

ويعرض السعودي إلى سلسلة من المشاريع التي ستنفذ في خلال الفترة القادمة ومنها: "هناك منحة من سلطنة عمان لبناء المدرسة العمانية على أن تسلّم إلى وزارة التربية وهي ستكون بالقرب من المهنية، كما سنبني مركزاً للطوارئ (صليب أحمر، دفاع مدني وإطفاء) من خلال منحة مقدمة من دولة الكويت".

ويزيد السعودي: "لقد حصلنا على موافقة من البنك الإسلامي في جدة لإعطائنا قرضاً لتأهيل الشارع الممتد من رياض الصلح إلى الشاكرية وسيتولى المهندس عبد الواحد شهاب العمل التنفيذي. وهناك منحة من إيطاليا لتأهيل مبني القشلة بالإضافة إلى الحديقة العامة التي ننوي إقامتها تحت الجامع العمري وأن موازنتها جاهزة" 100 مليون ل.ل. "من وزارة البيئة بالإضافة إلى الحديقة العامة التي ينوي آل الحريري بناءها قرب قصر العدل".

ويختم السعودي حديثه عن المشاريع بمشروع إقامة سنسول حماية في ميناء اسكندر بطول 420 م.

العلاقات داخل المجلس البلدي

يرى السعودي أن المجلس البلدي في مدينة صيدا تحول إلى مؤسسة، "فإن أعضاء المجلس متفاهمون ويعملون ضمن لجان متنوعة، وكل لجنة تكون مسؤولة عن قضية ما ويكون رأيها الأساس في أي موقف قد يتخذه المجلس البلدي".

في حين يصف القواص قرارات المجلس البلدي بأنها مستوردة ، وتأتي من خارج المجلس وأن الوضع الإداري إلى مزيد من التراجع والتسيب والفساد.

العلاقة مع الخارج

ويبدي السعودي ارتياحه إلى العلاقات مع الفرقاء في صيدا "خلال العام الفائت شعرت بالارتياح للعلاقة مع جميع الفرقاء، آل الحريري والنائب السنيورة ورئيس البلدية السابق الدكتور عبدالرحمن البزري يؤيدون المجلس البلدي ويدعمونه والعلاقة مع التنظيم الشعبي الناصري جيدة إلا أن هناك بعض الصقور الذين يعارضون كل ما نقوم به، كما أذكر أن البلدية على علاقة جيدة مع المؤسسات الأهلية التي تجد فينا أذناً صاغية لها ولمشاريعها ونشاطاتها".

لكن القواص يرى أن البلدية "غير مستعدة لقبول أي نقد، وأنها تتعاطى باستخفاف وتجاهل لكل التحقيقات التي نشرناها عن أعمال البلدية، وأعتقد أن لا مجال للحوار البناء الجدي مع المجلس البلدي. وأن كل همنا أن ننقل المعاناة ولا نستطيع الإجابة عنها. إننا على تواصل مع اللجان الشعبية في الإحياء التي طلبنا منها التواصل مع البلدية ولكن التجربة أظهرت أن المجلس البلدي غير مستعد لمحاورة الناس وهذا ما حصل مع اللجنة الشعبية في محلة القياعة".

بين مجلس بلدي يبدو أن إنجازاته ما زالت في أول الطريق وبين بلدية ظل يقتصر عملها على الإعلام والتشهير بالمجلس البلدي، وجمعيات أهلية أسيرة الارتباطات السياسية يبقى المجتمع المدني غائباً عن الساحة غير قادر على القيام بنشاط وحملات تؤدي إلى تحقيق الأهداف من دون الدخول إلى مساحة الانقسامات السياسية.

السابق
كل ما أرجو هو الحذر
التالي
حركات ودوريات كثيفة للعدو جنوباً