عبد الله: لحل يؤكد العودة ولا يحرمنا حقوقاً إنسانية

يزور الرئيس الفلسطيني محمود عباس لبنان بدعوة رسمية من رئيس الجمهورية ميشال سليمان. وتهدف الزيارة الى ترتيب الخطوات التي ستجد طريقها الى التنفيذ في مجلس الامن لدى تقديم الطلب الفلسطيني والمتعلق بالعضوية الكاملة في الامم المتحدة وخصوصا ان لبنان يمثل المجموعة العربية في هذا المجلس ويرئس دورة ايلول. وفي جدول اعمال عباس الرسمي لقاءات مع الرئيس سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي. وثمة اجتماعات مرجحة مع رؤساء الاحزاب السياسية والقيادات الدينية من مختلف الانتماءات، اذا سمح الوقت، علما ان الزيارة لن تتعدى وفقا للجدول المعد حتى الآن الـ24 ساعة (يصل مساء الثلثاء 16 آب ويغادر مساء الخميس 17 منه). ويقول ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عبد الله عبد الله في لقاء مع "النهار" "ثمة علاقة حميمة تربطنا بالطوائف اللبنانية كلها".
طبعا، ليست المرة الاولى التي يؤدي فيها لبنان دورا تاريخيا في حمل القضية الفلسطينية الى المحافل الدولية. فثمة سوابق عدة في هذا المجال، والتنسيق جار منذ فترة بين الجانبين اللبناني والفلسطيني حيال خطوة اعلان الدولة على اعلى المستويات، ولا سيما ان لبنان عضو في لجنة المتابعة العربية.
وستشكل الزيارة الثالثة للرئيس الفلسطيني الى بيروت ايضا مناسبة لتنفيذ قرار مجلس الوزراء الصادر عام 2008 والذي يقضي بالاعتراف بدولة فلسطين مع رفع التمثيل الديبلوماسي الى مستوى سفارة. كما انها تندرج في اطار الجهود الكثيفة لحشد الدعم الدولي والعربي والاقليمي للمشروع الفلسطيني المتعلق بالعضوية الكاملة. وفيما ينفي عبد الله تجميد قرار الترفيع المتخذ قبل اعوام تفاديا للدخول في الخلافات الفلسطينية، يتحدث عن "ظروف لا نعرف طبيعتها قد تكون تطلبت وقتا"، عازيا التأخير الى "اجراءات لوجستية".
على المستوى العربي، يبرز تحرك للجامعة العربية التي رعت لقاءين للجنة المتابعة العربية في هذا الشأن، وآخرهما عقد في الدوحة في 14 تموز الماضي. وهي تواصل، بحسب عبد الله، الجهود في حشد الدعم الدولي لتأييد الطلب الفلسطيني وتأكيد حضور دول وايجابية تصويتها، ويدفعه ذلك الى الملاحظة انها "ربما من المرات القليلة التي نرى فيها الموقف العربي موحدا ومنسقا في اتجاه هدف محدد".
لا شك في ان توقيت الاعلان يأتي في لحظة عربية دقيقة سمتها التحولات الجارية في المنطقة ولا سيما سوريا بالتزامن مع رعاية مصرية – تركية للمصالحة الفلسطينية، والتي تلقى تنويها رسميا. وفي قراءته لهذا التوقيت ودلالاته، يذكّر الممثل الفلسطيني بجمود عملية السلام نتيجة تعنت الحكومة الاسرائيلية ومواصلة الاستيطان(…) وهي كلها معطيات "جعلت الحل الامثل الذي اجمع عليه المجتمع الدولي في قيام دولتين يعيش مرحلة الخطر الكبير. من هنا لا بد من ان يتدخل هذا المجتمع لحماية الارض التي ستكون قاعدة للدولة الفلسطينية". واذ يثمن خطوة اعتراف سوريا بدولة فلسطين وفقا لحدود 4 حزيران، يؤكد "ان ما يجري على الارض السورية لم يشغل الحكومة والقيادة عن القيام بواجبها في دعم الطلب الفلسطيني المشروط"، مشددا على "اننا نعمل لفلسطين وليس لفريق ضد آخر، وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) تشكل جزءا من الشعب الفلسطيني وأي مكسب لفلسطين يفيد الجميع".
اثار الرئيس الفلسطيني في زيارته الاخيرة لبيروت مجموعة "مسلّمات"، في مقدمها ان الفلسطيني ضيف يحترم سيادة لبنان، كما ان تحسين وضعه المعيشي من شأنه تحسين مساهماته في جواره. ينطلق عبد الله من هذه المقدمة في رده على سؤال عن مطالبة عباس المحتملة بتحسين اوضاع اللاجئين من طريق الاجازة لهم بممارسة مهن ومنحهم حقوقا مدنية، ناقلا عن الرئيس الفلسطيني تكليفه في فترة الطلب الى الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير رئاسة الوفد الفلسطيني في الحوار مع الدولة اللبنانية!
وفيما يجدد "لازمة" الحرص الفلسطيني على امن لبنان واستقراره بالتزامن مع رفض التوطين والتمسك بحق العودة الذي لن يتأثر باعلان الدولة، يشدد على ان "قضايا كحق العمل والتملك وغيرها تتم متابعتها يوميا".
وعن اعتبار اطراف ولا سيما المسيحيين منهم التسهيلات التي منحت للفلسطينيين اخيرا بأنها تمثل "اقصى الممكن"، يقول "انها نظرة ضيقة للامور ولدينا الخوف نفسه لا بل اكثر"، مشيرا الى ان "هناك 90 الى 100 الف فلسطيني نالوا جنسيات لبنانية. والبعض ممن نال الجنسية هو الاكثر اندماجا في الثورة من اجل حق العودة".
– هل تستعدون لاعادة طرح حق التملك؟
"هو من الحقوق الانسانية الاساسية، ونعني به ان يكون للفلسطيني سقف فوق رأسه. لقد ارتفع العدد منذ 1948 وحتى اليوم 8 اضعاف. الامر يتطلب حلا يؤكد حق العودة من دون ان يحرم الفلسطيني حياة انسانية".
اما في شأن المخيمات التي تحولت بؤرا للمطلوبين وتنفيذ مقررات طاولة الحوار في شأن السلاح، فيجدد الموقف الفلسطيني القائل "بأن السلاح خارج المخيمات يتعلق بقرار سيادي لبناني"، مؤيدا "اي قرار يتفق عليه اللبنانيون في هذا الشأن". اما السلاح داخل المخيمات، فيربطه بالتجارب السابقة والتهديد الاسرائيلي المتواصل. "وعلى رغم ذلك، نحن مستعدون للجلوس مع الجانب اللبناني لايجاد طريقة تريح الطرفين".
يرد عبد الله على توالي الاحداث الامنية المترافقة مع توجيه الاصابع الى الفلسطينيين بتأكيده تسليم المطلوبين الى الجهات الرسمية. واذ يعترف بان "الفلسطيني ليس قديسا كما أي مجتمع آخر"، يرى ان القضية تتطلب تعميق هذا التعاون "وهو لا يتحقق بزيادة الحصار".
يتكرر الاقرار الفلسطيني بالحاجة الى تنظيم العلاقات الفلسطينية – اللبنانية. تنظيم قد يكون باكورته اللقاء الذي عقده عبد الله مع رئيس لجنة "الحوار اللبناني – الفلسطيني" السفير عبد المجيد قصير والذي يتوقع ان يمهد لاجتماعات مع لجان موازية في المخيمات "لمتابعة قضايا تريح الجانبين". وفي مناقشة علمية للاعداد ومتفرعاتها، كما يقول، يبرز احصاءات لمجموعة من الجامعة الاميركية تفيد بوجود 260 الى 280 الف فلسطيني في لبنان مقابل ارقام لوكالة غوث اللاجئين وتشغيلهم ("الاونروا") تشير الى وجود 466 الفا، واصفا العدد الاول بـ"الاكثر واقعية" .
وهل يخشى انقساما حيال خطوة الاعتراف على غرار الموقف من أحداث سوريا؟ يرد: "ندعو المعارضين الى اعلان موقفهم لتوضيح الامور. لاحظنا موقف الرئيس سليم الحص الداعي الى دولة تمتد على كل الحدود وهو موقف نحترمه".

حملة تواكب إعلان الدولة

يستعد الفلسطينيون لإطلاق حملة اعلامية تدعم إعلان دولتهم من القدس. وهي تضم مجموعة من الشباب الفلسطينيين المقدسيين الذين سيتوجهون الى لبنان في 6 ايلول المقبل، ومنه الى قطر التي سترئس الجمعية العمومية للامم المتحدة خلال دورة 2011. وبعدها، تتوجه المجموعة الى الدول الاعضاء الدائمة وغير الدائمة في مجلس الأمن وتنهي جولتها في نيويورك بلقاء مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون.

السابق
واشنطن تُعلن موقفاً تصعيدياً من الأسد غداً
التالي
اختيار راجحة وزيراً للدفاع لحشد الأقليات في مواجهة الإسلاميين