السفير: القاهرة تحذر من نقطة اللاعودة … وموسكو تطالب بالضغط على المعارضة السورية

اكد الرئيس السوري بشار الأسد أمس ان دمشق «لن تتهاون بملاحقة المجموعات الإرهابية المسلحة من أجل حماية استقرار الوطن وامن المواطنين، لكنها مصممة على استكمال خطوات الإصلاح الشامل، وهي منفتحة على أي مساعدة تقدمها الدول الشقيقة والصديقة على هذا الصعيد»، فيما قال وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو ان بلاده «تأمل أن يتم اتخاذ تدابير خلال الأيام المقبلة لوضع حد لإراقة الدماء وان يتم التمهيد للإصلاحات السياسية».
في هذا الوقت، قال نشطاء في المعارضة السورية إن «34 شخصا قتلوا في دير الزور وانحاء تابعة لمحافظتي ادلب وحمص واللاذقية»، فيما أعرب وزير الخارجية المصري محمد عمرو عن «خشيته من أن الوضع في سوريا يتجه نحو نقطة اللاعودة». ودعا وزير الخارجية الروسي المجتمع الدولي إلى الضغط على المعارضة «كي تستجيب لدعوات السلطات للحوار حول الإصلاحات اللازمة وتبتعد عن المسلحين والمتطرفين الذين يهدفون إلى تصعيد التوتر وتكرار السيناريو الليبي». وحذرت واشنطن دمشق من انه لا يمكنها الإبقاء على شراكة مع حكومة «تقتل الأبرياء».
أوغلو في دمشق
وفي دمشق كتب مراسل «السفير» زياد حيدر ان ست ساعات من الحوار السياسي بين الوفدين التركي والسوري ازالت حالة التجهم التي بدأ الطرفان عليها اللقاء، حيث حرصت القيادة السورية، أمام كاميرات التلفزيون،على إظهار انزعاجها الشديد مما سبق زيارة الوزير اوغلو من تصريحات تركية صريحة أو غير صريحة طالت الجانب السوري.
ودخل وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو قصر الشعب أمس يرافقه وفد من مستشاري الخارجية وموظفيها والسفير التركي في دمشق عمر أونهون، ليجتمع على الفور مع الرئيس السوري بشار الأسد ثلاث مرات، في اجتماع يعيد إلى الأذهان، في طول مدته، اجتماعات الرئيس الراحل حافظ الأسد.
وبدأ الاجتماع موسعا بحضور وزير الخارجية السوري وليد المعلم والمستشارة الرئاسية بثينة شعبان ومعاون وزير الخارجية للشؤون الأوروبية عبد الفتاح عمورة، تلاه بعد أربع ساعات تقريبا اجتماع مغلق بين الأسد وداود أوغلو، ومن ثم اختتمت الاجتماعات بلقاء ثالث موسع ضم أعضاء الوفدين.
وانتهى الاجتماع الأخير بما يسمح من الوقت لداود أوغلو بأن يتناول طعام إفطاره في أنقرة، فيما نقلت مصادر مطلعة لـ«السفير» أن مزاج أعضاء الوفدين بعد اللقاء كان طبيعيا، وأن التجهم الذي كان واضحا للعيان في بداية اللقاء زال في نهايته، وإن لم يظهر الود المعتاد في اللقاءات التركية ـ السورية السابقة.
وكانت مصادر سورية وصفت اللقاء بالإيجابي، فيما نفت أخرى لـ«السفير» أن يكون اللقاء شهد ما نقل عنه من أجواء توتر أو نقل رسائل «شديدة اللهجة»، معتبرة أن الجانب التركي «أبدى حرصا أخويا» على المصالح السورية لا العكس. وهو انطباع عمل بيان وكالة الأنباء السورية (سانا) على ترسيخه أيضا حين نقل أن «العلاقات الاستراتيجية بين البلدين هي التي جعلت قيادتي البلدين تشعران بأن ما يحصل في أي بلد منهما هو بمثابة شأن داخلي لدى الآخر». وشدد الأسد من جهته على أولوية الاستقرار في إدارة الأزمة الراهنة في سوريا.
وغادر داود أوغلو القصر إلى استراحة قصيرة في السفارة التركية في دمشق متوجها بعدها إلى أنقرة. وفيما كان داود أوغلو في طائرته أصدر الجانب السوري بيانا رئاسيا أشار فيه إلى أن الحديث تناول «الأحداث التي تشهدها سوريا، حيث أكد الرئيس الأسد أن سوريا لن تتهاون في ملاحقة المجموعات الإرهابية المسلحة من أجل حماية استقرار الوطن وأمن المواطنين لكنها مصممة أيضا على استكمال خطوات الإصلاح الشامل التي تقوم بها، وهي منفتحة على أي مساعدة تقدمها الدول الشقيقة والصديقة على هذا الصعيد». وأضاف البيان «وضع الأسد الوزير داود أوغلو بصورة الأوضاع التي شهدتها بعض المدن السورية نتيجة قيام
المجموعات الإرهابية المسلحة بقتل المدنيين وعناصر حفظ النظام وترهيب السكان».
بدوره، أكد الوزير التركي وفقا لـ«سانا» أنه «لا ينقل أي رسالة من أي أحد، وأن تركيا حريصة على أمن سوريا واستقرارها، مشددا على أن المراحل التي قطعتها العلاقة الإستراتيجية بين البلدين جعلت قيادتي البلدين تشعران بأن أي أمر يحصل في أي منهما هو بمثابة شأن داخلي لدى الآخر، فكما تعتبر تركيا ما يجري في سوريا شأنا داخليا تركيا فإن سوريا أيضا لديها نفس الاعتبارات في أي حدث تتعرض له تركيا».
ونقل البيان الرئاسي عن داود أوغلو تشديده «على أن سوريا بقيادة الرئيس الأسد ستصبح نموذجا في العالم العربي بعد استكمال الإصلاحات التي أقرتها القيادة السورية»، مضيفا ان «استقرار سوريا أساسي لاستقرار المنطقة».
أوغلو في أنقرة
وأعلن داود اوغلو، في مؤتمر صحافي بعد عودته من دمشق، أن «تركيا طالبت الحكومة السورية بوقف قتل المدنيين». وقال إن حكومته ستراقب الأحداث في سوريا على مدى الأيام المقبلة، واصفا محادثاته مع الأسد بأنها صريحة وودية، مشيرا إلى أن حكومته ستظل على اتصال بكل أجزاء المجتمع السوري.
وأعلن داود اوغلو أن الرسائل التي نقلها إلى الأسد تخص تركيا فقط. وقال «أريد التعبير عن هذا الأمر بوضوح: نقلنا رسائل تركية فقط. كوزير لخارجية تركيا استطيع نقل آراء حكومتي والتحدث ضمن هذا الإطار».
وأضاف «بحثنا طرق منع مواجهة بين الجيش والناس»، مشددا على أن تركيا تأمل في أن تشهد سوريا عملية انتقال سلمية تتيح للشعب السوري صياغة مستقبله. وأعلن انه ناقش مع الأسد خلال لقاء مطول في دمشق سبل وقف إراقة الدماء في سوريا وتطبيق الإصلاحات الديموقراطية. وقال «نأمل أن يتم اتخاذ تدابير خلال الأيام المقبلة لوضع حد لإراقة الدماء وان يتم التمهيد للإصلاحات السياسية».
وأضاف «كانت لدينا الفرصة للحديث بوضوح وصراحة عن التدابير الواجب اتخاذها لوقف المواجهة بين الجيش والشعب، وكي لا تتكرر أحداث مثل تلك التي شهدتها حماه». وأشار إلى انه أجرى مباحثات «مفتوحة استمرت ست ساعات ونصف الساعة مع الرئيس السوري، بينها ثلاث ساعات ونصف الساعة على انفراد».
وأشار داود اوغلو الى انه نقل الى الأسد رسالة مكتوبة من الرئيس التركي عبد الله غول وأخرى شفهية من رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، لكنه رفض الإفصاح عن مضمونيهما. وقال «تشاركنا مع الأشقاء السوريين مرة جديدة في آرائنا حول كل القضايا بشكل صريح. وعبر الرئيس الأسد خلال اللقاء الثنائي عن آرائه الخاصة».
وأضاف «أولويتنا إيجاد طريقة لوقف إراقة الدماء في سوريا. هدفنا الوحيد هو تأمين بيئة حيث يستطيع السوريون، بغض النظر عن اثنيتهم ودينهم، العيش بسلام». وتابع «سنواصل متابعة التطورات في سوريا عن قرب. نأمل أن تبرهن الأيام والأسابيع المقبلة عن الحفاظ على السلام والاستقرار في البلد عبر خطوات إصلاح متينة ستكون حاسمة بالنسبة لتطلعات الشعب السوري».
وأشارت صحيفة «ميللييت» التركية إلى استعدادات تركية عسكرية على الحدود السورية خصوصا مع تسريب أنباء أن مقاتلين من حزب العمال الكردستاني يتسللون إلى الأراضي التركية لناحية غازي عينتاب ولواء الاسكندرون. وقالت إن لواءين عسكريين تركيين يتمركزان قرب الحدود السورية استعدادا لأي أوامر يمكن أن تصدر عن القيادة العسكرية، حيث يتمركز الجيش الثاني المسؤول عن الحدود السورية
وفي سياق مشابه، جددت وزيرة العلاقات الدولية والتعاون في جنوب أفريقيا ميتين كونا ماشاباني دعم بلادها «للإصلاحات الديموقراطية التي تقوم بها سوريا بقيادة الأسد ورفضها للتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية»، وفق ما نقلت «سانا» بعد لقاء جمعها بنائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الذي يقوم بزيارة إلى جنوب إفريقيا حاليا.
وقال وزير الخارجية الأردني ناصر جودة ان «ما يجري في سوريا أمر مقلق ومؤسف ومحزن وتغليب للغة العنف على لغة الحوار»، مشددا على «أن وحدة سوريا وأمنها واستقرارها خط أحمر بالنسبة للأردن».
وذكرت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، بعد اتصال هاتفي بين لافروف والمعلم «أكد الجانب الروسي أن الأولوية هي لوقف أعمال العنف ومواصلة الجهود لتطبيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية في سوريا من دون إبطاء».
وأعربت وزارة الخارجية الروسية عن «الأمل في أن تستجيب المعارضة السورية لدعوات إقامة الحوار مع الحكومة». وقالت «على المجتمع الدولي أن يؤثر على المعارضة هي الأخرى كي تستجيب لدعوات السلطات للحوار حول الإصلاحات اللازمة وتبتعد عن المسلحين والمتطرفين الذين يهدفون إلى تصعيد التوتر وتكرار السيناريو الليبي». ودعت إلى «تأمين الانفتاح الإعلامي كي تتمكن الأسرة الدولية من الاطلاع على كامل صورة ما يجري في سوريا».

السابق
توقيف عصابة سلب في النبطية أحد أفرادها عنصر في شرطة المجلس!
التالي
لبنان يلتقي سوريا في صيدا