فلسطينيو مخيم عين الحلوة يلملمون جراح تقاتل الأخوة

لم تعد الأمور إلى نصابها في مخيم عين الحلوة على الرغم من استمرار وقف إطلاق النار ووضع حد للاشتباكات التي ارهبت الأهالي الذين خرجوا بالأمس للملمة ما نزل بهم من إصابات وصلت إلى موت سريري لطفل وشاب، بالإضافة إلى اضرار مادية كبيرة.

وبدا امس ان جراح المخيم ما زالت ساخنة بالرغم من مرور بعض الوقت على الاشتباكات الاخيرة بين فتح من جهة وعناصر من جند الشام وفتح الاسلام من جهة ثانية، التي حصدت 12 جريحا بينهم اثنان في حالة موت سريري في غرف الانعاش في أحد المستشفيات، عدا عن الاضرار الجسيمة في المؤسسات والمحلات التجارية والبيوت والسيارات التي فاقت كل التوقعات.

وما زال كل طرف من «الاطراف السياسية الفلسطينية» في عين الحلوة يقف على سلاحه، وفي حالة استنفار خفية مستترة نظرا لانعدام الثقة بين المتقاتلين بعد الاتهامات المتبادلة ان بمحاولة الاغتيال او من خلال الارتباط بجهات خارجية لإشعال الفتنة في المخيم، إضافة الى الشائعات التي تجتاح المخيم، وتؤدي إلى مزيد من الاستنفارات والاحتقان المتبادل.
وفي ظل هذه المعمعة، يبدو ان الانسان الفلسطيني اللاجئ في المخيم، «طالب السترة»، قد خرج من قمقم الصمت، وتمرد على السلاح والمسلحين ورفع صوته بوجه قرقعة الانفجارات وأزيز الرصاص من دون ان يستثني احدا او اي طرف من كل الاطراف. ووصل البعض الى المطالبة بدخول الجيش اللبناني الى عين الحلوة وسحب واستلام السلاح والسيطرة على الوضع الأمني «لأننا لم نعد نرى في هذا السلاح سوى الاقتتال الداخلي وترويع وتعذيب الاهالي وتهجيرهم وتدمير ممتلكاتهم».

وتؤكد مصادر مطلعة ان المشهد العام في عين الحلوة كان حتى يوم امس يشير الى ان الوضع مفتوح على كل الاحتمالات. ومن خلال جولة ميدانية في المخيم يظهر بوضوخ اصرار اهالي وسكان المخيم على إبقاء الوضع على ما هو عليه، وكأن المعركة ما زالت في بدايتها، او ما يجري ما هو إلا «استراحة محارب»، وذلك لحين حصولهم على تعهد من كل الاطراف بعدم حصول اشتباكات مماثلة، اضافة الى التعهد بدفع قيمة الاضرار التي تعرضت لها مؤسساتهم وممتلكاتهم، وبدفع فاتورة الاستشفاء للجرحى والمصابين الذين يعالجون في مستشفيات المدينة.

وأمس كانت معظم الطرق، الضيقة اصلا، والأزقة المؤدية الى الأحياء التي شهدت الاشتباكات في احياء عرب الغوير وحطين ومدخل سوق الخضار الفوقاني وفي مسجد الفاروق قرب مكتب الصاعقة، مقفلة بالردميات وبالعوائق الترابية وببقايا ومخلفات محتويات المحال المحترقة. ولم يجرؤ اي طرف او فصيل في مخيم عين الحلوة على طلب رفع الردميات وفتح الطرق او الطلب من الاهالي فتحها.
ويؤكد اهالي الطفل صلاح جورج (6 اعوام) ان وضع ولدهم الصحي «بين يدي الله»، متسائلين ما ذنب هذا الطفل حتى يصاب برأسه برصاصة، ويصبح بين الحياة والموت» «وكيف لنا ان نتحمل وضعه وبتنا ننتظر الخبر الأسوأ».

وتؤكد التقارير الطبية ان إصابة الشاب احمد مبارك (21 عاما) هي في الرأس، وها هو يرقد في غرفة الانعاش المركزة وحالته حرجة جدا. ويؤكد عدد من افراد اعائلته انهم لن يسامحوا ابدا في قضية إصابته عند مدخل بيته.

في المقابل، فإن ردة فعل اصحاب المحال المتضررة كانت عنيفة اكثر حيث يؤكد صاحب محل الالعاب محمود حسن قزماوي انه «لن يُسمح لأي كان بفتح الطرق الا بعد حصولنا على التعويضات، حيث هي المرة الرابعة التي يتعرض فيها المحل للدمار والخراب بسبب الاقتتال الداخلي»، قائلاً «ليجربوا ان يفتحوا الطريق، نحن لسنا لعبة بأيديهم خاصة اننا في شهر رمضان وعلى ابواب عيد الفطر ومحلاتنا كانت مخزًنة».
بدوره، يقول دمعون زعتير، صاحب مؤسسة للأدوات الكهربائية احترقت محتوياتها بكاملها، «لقد خسرت كل شيء وأصبحت على الارض، وخسائري كبيرة وتصل إلى عشرات آلاف الدولارات»، مطالباً القوى والفصائل واللجان الشعبية في المخيم الاسراع في عملية التعويض «لأن من دمر محلاتنا عليه تحمل مسؤولية ما فعل».

ويلفت صاحب محل الألبسة وشبكة توزيع اشتراك الكهرباء و«الساتلايت» زكريا عبد العزيز الى «ان كل شيء بنيناه قد ضاع، وأنهم يريدون منا ان نستجدي بعد تدمير وإتلاف خطوط التوزيع وتقطع الكابلات ومحتويات محل الألبسة، لكن لن نسمح لهم بفتح الطريق الا بعد الحصول على التعويض المطلوب». ويتوافق حسين غضبان مع عبد العزيز، ليؤكد «ان ردة فعلنا اذا لم يتجاوبوا معنا في دفع التعويض عن الاضرار ستكون قاسية وحازمة».

وعلى صعيد البنى الخدماتية، ما زالت الكهرباء مقطوعة عن المخيم بفعل تعرض عدد من المحولات وخطوط التغذية للرصاص، مما ادى الى اصابتها بأضرار جسيمة، اضافة الى انقطاع شبكة خطوط الهاتف الداخلي.

السابق
المنازل المنهارة في مخيم جل البحر تنتظر إعادة البناء منذ 6 أشهر
التالي
البناء: حزب الله، “14 آذار” انزلقت إلى الحرب على سورية ودول إقليمية وكبرى اتخذت من لبنان منصة للنيل منها