سوريا.. الملك يقف مع الشعب

العنوان الوحيد لخطاب الملك عبد الله بن عبد العزيز، الموجه لسوريا، هو أن خادم الحرمين الشريفين قد قرر الوقوف علنا مع الشعب السوري ضد الوحشية الدموية التي يمارسها بحقه نظام بشار الأسد.
خطاب الملك هو الموقف الأبرز، والأقوى، حيال ما يحدث من قمع وحشي في سوريا، موقف تجاوز الجميع، عربيا ودوليا. صحيح أن الموقف السعودي تأخر، لكن ليت كل تأخير ينتهي بمثل هذا الموقف الأخلاقي والمسؤول. فقيمة السعودية ومكانتها ليستا في كونها دولة نفطية، بل لأنها دولة الحرمين، وسوريا دولة عربية شقيقة، وعزيزة، والوقوف معها واجب؛ لأنه وقوف مع الإنسانية بشكل عام.

كما أن أهمية خطاب الملك لسوريا تكمن في أنه صادر من ملك صبر على بشار الأسد صبرا لم يكن ليصبره أحد.. صبر الملك على الأسد لسنوات، ومد له يد الخير، وحاول احتواءه، ومنحه الفرصة تلو الأخرى، سرا وعلنا.. صبر الملك على الأسد بعد اغتيال الحريري، وحاول حماية سوريا، وصبر على الأسد بعد حرب 2006 في لبنان، وعلى الرغم من كل الإساءات التي صدرت من الأسد نفسه، فإن الملك عبد الله أعلن مصالحة عربية في الكويت حاول من خلالها إعادة بشار إلى العرب، على الرغم من معارضة عربية وقتها، حاول العاهل السعودي احتواء الأسد مثلما حاول احتواء العراق قبل الاحتلال الأميركي يوم صافح عزة الدوري في القمة العربية ببيروت، وذلك خشية على الدول العربية من الفوضى والخراب.

كما صبر العاهل السعودي على الأسد في لبنان على الرغم من كل ما كان يفعله نظامه هناك من تسويف ومماطلة. كان الملك يغلِّب حسن الظن، وكان الأسد يواصل تعقيد الأمور، وكانت الإساءة للسعودية لا تتوقف. ولأن الملك السعودي كان ينظر دائما للصورة الكبرى، ولا يقف عند صغائر الأمور، فقد زار الملك، العام الماضي، دمشق، واصطحب، بطائرته الخاصة، الأسد إلى لبنان، لكن النظام السوري لم يفِ مرة بوعوده؛ حيث استمرت الإساءات والتسويف والمماطلة، مع تعريض الأمن العربي للخطر من خلال إقحام إيران في المشهد العربي.

اليوم، ولأن الملك السعودي ينظر للصورة الكبرى، وحريص على الدم العربي، تدخل خادم الحرمين، وأعلن وقفته المسؤولة والتاريخية، والأخلاقية، في سوريا؛ إذ أعلن إدانة بلاده لقتل الأبرياء في سوريا. وكان الملك واضحا وهو يطالب نظام الأسد بإجراء إصلاحات واسعة وشاملة لا تغلَّف بوعود، أي أن العاهل السعودي يريد القول لبشار: كفى قتلا وابتذالا للدم السوري.. ولا مجال اليوم للتسويف والابتزاز. ولذا أتبع الملك أقواله بأفعال؛ حيث استدعى سفير بلاده من دمشق.

وعليه، فإن خطاب الملك عبد الله دليل واضح، ورد عملي، على كل من يقول إن السعودية تقف مع الحكومات ضد المواطن العربي في هذه المرحلة المزلزلة؛ فخطاب الملك يظهر أن السعودية ليست دولة مناهضة للتغيير، بل رافضة للخراب والتدمير؛ حيث نسي البعض أن نظام الأسد، ومن لف لفيفه، كانوا يعيبون على السعودية عقلانيتها، لكن أهل العقل هم من يتصدون اليوم لحماية الأبرياء من أنظمة استمرأت الشعارات الكاذبة، وقتل الأبرياء.

والسؤال اليوم لبعض العرب الصامتين: ماذا تنتظرون؟

السابق
اضطرابات سوريا: كـلما رُتِقَت فُتِقَت
التالي
سوريا اجتازت الخطر ويبقى ريف دمشق