النهار: الحكومة تدافع عن موقفها وتلاحق تهريب السلاح

على غرار الحمى التي تصاعدت بقوة عبر المواقف العربية ولا سيما منها الخليجية من التطورات الدامية في سوريا، دبّت في مفاصل المشهد اللبناني أمس وتيرة ساخنة على خلفية انعكاسات هذه التطورات على الصراع الداخلي إنطلاقاً من التداعيات المتواصلة لموقف لبنان الرسمي من البيان الرئاسي الذي صدر عن مجلس الأمن.
وإذا كانت هذه التداعيات اقتضت من رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي مطالعة دفاعية عن الموقف الرسمي في الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء في السرايا، فإن التطور السياسي البارز الآخر تمثل في موقف للرئيس سعد الحريري هو الثاني له بعد أحداث حماه أطلقه غداة خطاب العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز عن سوريا، رفع عبره وتيرة الدعم العلني للشعب السوري في مواجهة "الحل الأمني". وقد اعتبر الحريري أن "لبنان ليس أجيراً سياسياً وديبلوماسياً وأمنياً"، داعياً الحكومة الى "ترجمة العلاقات المميزة مع الشقيقة سوريا كما يجب أن تكون في المنعطفات التاريخية". وشدد على أن "الوقوف مع سوريا هذه المرة يعني الوقوف مع شعبها". كما رأى أن "الخطاب التاريخي" الذي وجهه الملك السعودي الى سوريا "جاء في لحظة مفصلية من هذه التطورات ليتوّج الموقف العربي برؤية صادقة وحازمة".

مجلس الوزراء
في غضون ذلك، خاض مجلس الوزراء نقاشاً في شأن الموقف الرسمي من الأزمة السورية، إذ بادر الرئيس ميقاتي في مستهل الجلسة الى شرح حيثيات هذا الموقف في مجلس الأمن حيث "نأى لبنان بنفسه" عن البيان الرئاسي. وقالت مصادر وزارية لـ"النهار" إن ميقاتي أشار الى أن هذا الموقف لم يشكل سابقة ديبلوماسية بل أن ثمة تجربة مماثلة اتخذتها الصين في الملف العراقي – الايراني، معتبراً أن هذا الموقف لاقى استحساناً من اطراف وتفهماً من أطراف آخرين. وأضافت أن مجلس الوزراء أجمع على تأييد هذا الموقف، خصوصاً أن ميقاتي وازن بين "ادانة سقوط الضحايا من المدنيين والعسكريين" والتشديد على "الحوار البناء المتكافئ طريقاً الى الاصلاحات المنشودة"، كما لم تفته الاشادة "بالموقف الحكيم الذي اتخذه العاهل السعودي".
وكشفت المصادر أن ما يحكى عن تهريب سلاح الى سوريا كان محور نقاش طويل في الجلسة من منطلق "استنكار هذا الموضوع لما يرتبه من محاذير وانعكاسات وارتدادات على الوضع اللبناني". وقد وجه وزراء اتهامات في اتجاه طرفين من دون تسميتهما. وتقرر تكليف الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة إجراء التحقيقات الضرورية "لتقصي حقيقة الأمر ووضع المتورطين أمام مسؤولياتهم"، كما أفادت المصادر.
أما في الملفات الداخلية والخدماتية، فأوضحت المصادر ان المجلس عرض الاحتجاجات المتصاعدة على انقطاع التيار الكهربائي وتقرر المضي قدما في العمل على معالجة هذه المشكلة، كما عرضت في الجلسة مسائل ذات طابع مالي تتعلق بالمرحلة السابقة مع ان وزير المال محمد الصفدي نفى بعد الجلسة ان يكون "ملف المالية قد طرح". وعلم ان من الملفات التي نوقشت طويلا ايضا طلب احد المستثمرين استئجار أرض على البحر بين صيدا وبيروت، ورفض الطلب الذي أثار نقاشا حول المخالفات والتعديات على الاملاك العامة والبحرية والعمل على وقف هذه الظاهرة.

جنبلاط
وفي اطار المواقف الداخلية من التطورات العربية، برز المقال الاسبوعي لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في جريدة "الانباء"، الناطقة باسم الحزب، الذي وإن حصره بمحاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك، اكتسب بعدا ضمنيا واضحا ازاء الازمة السورية تحديدا. فقد اعتبر جنبلاط ان صورة الرئيس مبارك داخل قفص الاتهام "وحدها تعبير عن حتمية انتصار الشعوب في نضالها في سبيل الحرية والكرامة والعدالة والديموقراطية". وقال: "لقد أكدت هذه المحاكمة كذلك أن التاريخ لا يرحم وان كثيرين مدعوون لأن يستخلصوا العبر والدروس من هذه التجربة (…) بما يحفظ بلادهم ويحول دون انزلاقها نحو الفوضى والتشرذم والانهيار".
ويشار في هذا السياق الى ان أوساطا قريبة من "تيار المستقبل" نفت علمها بما تردد عن احتمال حصول لقاء قريب للحريري وجنبلاط. لكن ثمة معلومات عن امكان قيام جنبلاط بزيارة للسعودية ولقاء يجمعه والحريري.

اعتصام
وسط هذه الاجواء ، نفذ اعتصام مساء امس أمام تمثال الشهداء في وسط بيروت بدعوة من "المثقفين الديموقراطيين العلمانيين" تضامنا مع الشعب السوري. وضم الاعتصام مئات من المشاركين وتميز بتنوع الانتماءات السياسية وبمشاركة شخصيات فنية ونقابية وفكرية.

السابق
متى يكون التدخل الخارجي تدخلاً؟
التالي
أي مفاعيل للتضييق على النظام السوري ؟