لماذا المخيمات؟

 تابعت في اليومين الماضيين اخبار مخيم عين الحلوة وشاهدت بالصورة والارقام الخسائر الفادحة التي اصابت الحجر والبشر هناك، واهم ما في مطالب الاهالي دخول الجيش اللبناني والقوى الامنية اللبنانية المخيم، بل المخيمات، وفرض الامن فيها بدل التسيب الحاصل منذ امد بعيد والذي يتفجر من حين الى آخر بالناس فيحصد منهم ضحايا يسقطون بأقل من ثمن الرصاصة التي بها يغتالون.
في الحقيقة اني تساءلت عن سبب عدم دخول الجيش اللبناني المخيمات وفرض الامن فيها، وجاءني الجواب غير المقنع بان توفير الحل في المخيم هو شكل من اشكال التوطين. لم افهم الجواب ولم اقتنع به.
صحيح ان الفصائل الفلسطينية المتعددة تفضل التسيب الذي تعيش فيه منذ زمن ، وهي تحصل على المال اللازم للصمود في وجه الفصائل الاخرى، لا في مواجهة اسرائيل بالطبع، لانها، كلها، لا تقاوم اسرائيل بل تتلهى ببعضها البعض، وتصفي بعضها البعض، لكن الناس الفقراء صاروا اسرى هذا الواقع وضحيته، وتوفير الامن لهم والحد الادنى من الحياة لا يعني تطبيعا، ولا توطينا نؤكد باستمرار رفضنا له، ولا تجنيسا ولا شيء من هذا القبيل.
كل ما افهمه هو ضعف الدولة اللبنانية وتراخيها المتواصل واستقالتها من القيام بواجبها في فرض الامن على اراضيها سواء سكنها لبناني او فلسطيني او اي اجنبي آخر.
فما نفع فرض اجراءات امنية على اللبنانيين طالما ان كل مجرم في امكانه ارتكاب ما يريد قبل اللجوء الى المخيم والاختباء هناك بل والاحتماء في ظلال تنظيمات مسلحة تملك الكثير من السلاح.
وقد سمعت امس احد المسؤولين في "الكفاح المسلح" يتوعد بانه في حال عدم دفع تعويضات من فريق آخر للمتضررين سيعمد الى اعلان "حقائق" بالاسماء وسيتولى لاحقا تنفيذ عملية عسكرية بحق من يتهمهم! غريب هذا الامر، اذ على رغم المظاهر المسلحة التي لا تتوارى من امام الاعلام بل تفاخر، فان التهديد واضح وخطير وهو عمل خارج على القانون.
اما الاخطر فهو ما اعلنه " اللينو" من انه توصل الى معرفة هوية المعتدين على دورية "اليونيفيل" في صيدا قبل نحو اسبوعين. الا يتطلب الامر من الحكومة اللبنانية استدعاء اللينو للادلاء بشهادته امام التحقيق؟ ماذا سيقول عنا العالم عندما تصله التقارير الديبلوماسية المترجمة بأن مسؤولا فلسطينيا في لبنان اعلن للملأ حيازته معلومات ولم تعمد الاجهزة اللبنانية الى التحقيق معه ومحاولة القبض على الفاعلين، بل سجلت الحادث الاعتداء ضد مجهول؟
الا يعني كل هذا اننا نعيش في ازدواجية الدولة القوية على الفقراء والذين لا يملكون السلاح ، والدولة الضعيفة الخائفة عند ابواب المخيمات وعلى مشارف مربعات امنية لبنانية كثيرة تدعي وقوفها الى جانب الدولة والتعاون مع اجهزتها، فيما الوقائع تجافي هذه الحقيقة؟
 

السابق
على الطريق الإصلاح المضرّج بالدم!
التالي
أميركا على حد السيف