المستقبل : نداء خادم الحرمين إلى “أشقائنا في سوريا قبل فوات الأوان”

 قالت "المستقبل" :
في خطوة عربية متقدمة، وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز نداء إلى "أشقائنا في سوريا العروبة والإسلام"، دعا فيه منطلقاً من "مسؤولية المملكة العربية السعودية التاريخية"، إلى "وقف آلة القتل وإراقة الدماء وتحكيم العقل قبل فوات الأوان"، مؤكداً أن "ما يحدث في سوريا لا تقبل به المملكة..، فمستقبل سوريا بين خيارين لا ثالث لهما، إما ان تختار بإرادتها الحكمة، أو أن تنجرف الى اعماق الفوضى والضياع لا سمح الله".
وتزامن هذا الموقف السعودي مع إعلان البيان استدعاء المملكة سفيرها في دمشق للتشاور حول الأحداث الجارية في سوريا، ومع إعراب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي عن قلقه المتزايد وانزعاجه الشديد من تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد من جراء تصاعد العنف والأعمال العسكرية الدائرة في حماه ودير الزور وأنحاء مختلفة من سوريا "الشقيقة".
وبدا الرئيس السوري بشار الأسد أمس أكثر استشراساً ميدانياً وسياسياً على حد سواء، وكان البارز سياسياً موقف للرئاسة السورية على لسان مستشارة الأسد الإعلامية بثينة شعبان ردّت فيه على أنقرة مهددة بأن دمشق ستسمع وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو الذي يزور دمشق غداً، كلاماً "أكثر حزماً" إذا كان يريد تسليم رسالة حازمة إلى سوريا.
وتوعد الرئيس السوري خلال استقباله وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور أمس، بالتصدي "للخارجين على القانون"، وهو ما برز في اجتياح دبابات الجيش السوري مدينة دير الزور شرق البلاد مرتكباً مجزرة راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى، تضاف الى المجازر التي ترتكب في درعا وريف حمص وحماه.
وجاء في بيان خادم الحرمين الشريفين الذي وضع حداً لحالة الصمت العربي الرسمي حول تدهور الأوضاع في سوريا "ان تداعيات الاحداث التي تمر بها الشقيقة سوريا والتي نتج عنها تساقط اعداد كبيرة من الشهداء الذين اريقت دماؤهم واعداد اخرى من الجرحى والمصابين، ويعلم الجميع ان كل عاقل عربي ومسلم او غيرهم يدرك ان ذلك ليس من الدين ولا من القيم والاخلاق، فإراقة دماء الابرياء لأي أسباب ومبررات كانت لم تجد لها مدخلاً مطمئناً يستطيع فيه العرب والمسلمون والعالم اجمع أن يروا من خلالها بارقة أمل الا بتفعيل الحكمة لدى القيادة السورية وتصديها لدورها التاريخي في مفترق طرق الله اعلم أين تودي".
وأشار خادم الحرمين إلى ان "ما يحدث في سوريا لا تقبل به المملكة العربية السعودية، فالحدث اكبر من ان تبرره الاسباب، بل يمكن للقيادة السورية تفعيل اصلاحات شاملة سريعة، فمستقبل سوريا بين خيارين لا ثالث لهما، إما ان تختار بإرادتها الحكمة أو ان تنجرف الى اعماق الفوضى والضياع لا سمح الله".
وقال البيان "وتعلم سوريا الشقيقة شعباً وحكومة مواقف المملكة العربية السعودية معها في الماضي واليوم تقف المملكة العربية السعودية تجاه مسؤوليتها التاريخية نحو اشقائها مطالبة بإيقاف آلة القتل واراقة الدماء وتحكيم العقل قبل فوات الاوان، وطرح وتفعيل اصلاحات لا تغلفها الوعود بل يحققها الواقع ليستشعرها اخوتنا المواطنون في سوريا في حياتهم كرامة وعزة وكبرياء".
جاء في آخر البيان الذي وزعته وكالة الأنباء السعودية (واس) "وفي هذا الصدد، تعلن المملكة العربية السعودية استدعاء سفيرها للتشاور حول الأحداث الجارية" في سوريا.
ميدانياً، قتل 54 مدنياً بينهم طفل اثر عمليات عسكرية قام بها الجيش السوري صباح أمس في ريف حمص ودير الزور برغم تزايد الضغوط الدولية التي يواجهها النظام السوري لوقف العنف.
واقتحم الجيش السوري تدعمه دبابات ومدرعات واليات عسكرية متفرقة مدينة دير الزور كما دخل مدينة الحولة الواقعة في ريف حمص مما اسفر عن مقتل 52 مدنيا وجرح العشرات كان نصيب دير الزور 40 قتيلا منهم على الاقل، حسبما افاد ناشط حقوقي.
وأوضح رئيس الرابطة السورية لحقوق الانسان عبدالكريم ريحاوي ان "42 مدنيا قتلوا وجرح اكثر من 100 شخص برصاص قوات الامن ووحدات من الجيش اثناء العمليات العسكرية التي يشنها الجيش على مدينة دير الزور". واضاف "كما قتل 10 مدنيين على الاقل في الحولة" لافتا الى ان "العدد مرشح للزيادة بسبب استمرار العمليات العسكرية". واضاف رئيس الرابطة ان هذه العملية "ترافقت مع حملة اعتقالات".
كما اشار ريحاوي "الى حركة نزوح الالاف من دير الزور باتجاه الحسكة (شمال شرق)".
وذكر ريحاوي ان "العمليات العسكرية التي قامت بها قوات الجيش تركزت في حي الجورة الذي قتل فيه 28 شخصا وفي حي الحويقة حيث قتل 14 مدنيا" مضيفا ان العملية "ترافقت مع حملة اعتقالات".
كما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن سقوط قتيلين في ادلب (شمال) حين فتحت قوات الامن النار اثناء تشييع قتيل توفي فجر أمس متأثرا بجروح كان اصيب بها، كما اكد مدير المرصد رامي عبد الرحمن وفاة شخصين في ادلب متأثرين بجروح اصيبا بها اثناء تظاهرة بعد صلاة التراويح السبت.
ونقل المرصد عن نشطاء في ادلب السبت ان "متظاهرين خرجوا بعد صلاة التراويح في المدينة وصل عددهم الى 20 الف متظاهر قبل ان تتدخل الاجهزة الامنية وتفرقهم بالقوة وتعتقل العشرات منهم، وقد ادى استخدام القوة الى اصابة 25 شخصا بجروح، اصابات بعضهم حرجة".
وكان عبدالرحمن افاد في وقت سابق ان الدبابات والمدرعات وناقلات الجند وعددها يناهز 250 آلية مدعومة بجرافات تقدمت من محاور عدة باتجاه وسط دير الزور ودخلت حي الجورة بعد قصفه لدقائق وتمركز بعضها امام مبنى المحافظة فيه، كما قصفت حيي الحويقة والكنامات في اطراف المدينة.
وياتي ذلك بالتزامن مع دخول قوات الجيش مع 25 دبابة والية عسكرية صباح أمس تجمع قرى الحولة (تلدو وكفر لاها وتل الذهب) والقيام بعمليات عسكرية، كما نقل المرصد عن احد العاملين في الحقل الطبي في حماة (وسط) تمكن من مغادرتها مساء (السبت) ان "8 اطفال خدج كانوا في حاضنات الاطفال في مشفى الحوراني توفوا اثر قطع السلطات السورية التيار الكهربائي يوم الاربعاء".
واشار الى ان "انقطاع التيار الكهربائي كان تمهيدا لاقتحام الجيش والقوات الامنية للمدينة"، لافتا الى ان "الجميع خائفون في المدينة".
وافاد المرصد عن تظاهر المئات في حي الاعظمية في حلب ثاني المدن السورية "مطالبين بإسقاط النظام وهاتفين لحماة ودير الزور" فيما سار عشرات الالاف في ادلب في تشييع جثمان قتيل سقط ظهر أمس.
وتستمر التظاهرات في عدة مدن سورية، حيث ذكر رئيس الرابطة ان "عدة تظاهرات مناهضة للنظام انطلقت بعد صلاة التراويح مساء السبت".
وجرت التظاهرات في "حي القدم والميدان في العاصمة تم تفريقهما بالقوة واستخدام قنابل مسيلة للدموع والرصاص الحي كما خرجت تظاهرة في حي كفرسوسة". وفي ريف دمشق اضاف الناشط "خرج نحو 10 الاف متظاهر في دوما كما جرت تظاهرات في حرستا والتل والكسوة ورنكوس وقارة وداريا".
وذكر رئيس الرابطة ان تظاهرات جرت "في بعض احياء حمص وريفها وفي حلب حيث فرقت التظاهرة بالقوة في حي الصاخور وشنت قوات الامن حملة اعتقالات فيه".
وعلى الساحل السوري، خرجت تظاهرات في "عدة احياء من اللاذقية وفي جبلة وبانياس كما خرجت تظاهرات في دير الزور والحسكة (شمال شرق) ورأس العين (شمال) والقامشلي (شمال شرق) والرقة (شمال) وفي درعا (جنوب) وفي ريفها بالاضافة الى قرى في ريف ادلب، بحسب الناشط.
وفي المقابل، اعلن التلفزيون الرسمي "مقتل ضابط وجنديين وجرح ثلاثة في هجوم شنته مجموعة ارهابية مسلحة على قافلة مبيت شرق الرستن الواقعة في ريف حمص (وسط)".
ونقل التلفزيون عن مصدر عسكري انه "حتى تاريخ اليوم لم تدخل دبابة واحدة الى مدينة دير الزور" مشيرا الى ان "وحدات من الجيش تزيل حواجز اقامتها المجموعات الارهابية على مداخل المدينة". واضاف "ان ما ذكرته القنوات الفضائية التحريضية حول قيام الجيش بقصف مدينة دير الزور بالدبابات عار عن الصحة جملة وتفصيلا".
وحمّل مجموعة من علماء مدينة حلب السلطات السورية المسؤولية الاكبر بـ"سفك الدماء" في البلاد، على اعتبار أنها الطرف الأقوى، وطالبوا في الوقت نفسه باحترام حرمة المساجد.
وقال العلماء في بيان صدر اليوم الاحد (امس) نشره موقع عكس السير الالكتروني "ان السلطات تتحمل المسؤولية الأكبر تجاه هذه الأحداث"، مطالبين في الوقت ذاته بـ"بتعظيم حُرُمات المساجد وعدم المساس بقدسيتها".
وجاء في البيان الذي وقعه 11 من كبار علماء حلب، بينهم مفتيا حلب الدكتور ابراهيم سلقيني والدكتور محمود عكام "إن علماء حلب يستنكرون وبشدّة ما يحدث على أرض الوطن الغالي من سفك للدماء البريئة، وانتهاك للأعراض الحصينة من أيّ جهة كانت، ويحملّون القيادة باعتبارها الطرف الأقوى النصيب الأكبر من المسؤولية عن ذلك".
دولياً، وجه البابا بنديكتوس السادس عشر أمس دعوات ملحة الى السلطات السورية " من اجل اعادة احلال التعايش السلمي باسرع ما يمكن والتجاوب بالشكل الملائم مع تطلعات المواطنين المشروعة بما يراعي كرامتهم ويدعم الاستقرار الاقليمي".
تعهد السفير الاميركي روبرت فورد بعد عودته الى سوريا بمواصلة تنقلاته على مختلف المناطق مؤكدا ان "هدف وجودي في سوريا من اساسه هو التمكن من التواصل ليس فقط مع الحكومة السورية بل مع الشعب السوري"، وندد بحملة القمع "المفرطة" و"الشنيعة" التي يشنها النظام السوري ضد الحركة الاحتجاجية.
وكما دعا الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي السلطات السورية أمس الى "الوقف الفوري" للعنف، وذلك في اول بيان رسمي صادر عن الجامعة حول قمع الاحتجاجات الشعبية في سوريا.
وبدأ الهجوم على مدينة دير الزور بعد اسبوع من ارسال الأسد الجيش للسيطرة على مدينة حماة وهي مركز للاحتجاجات ضد حكمه الممتد منذ 11 عاما. ويأتي بعد يوم من ابلاغ الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الرئيس السوري الاسد بقلقه من العنف المتصاعد ومطالبته له بكبح جماح الجيش.
وقال المكتب الصحافي للامم المتحدة في بيان "في مكالمة هاتفية مع الرئيس الاسد (أول من أمس) ابدى الامين العام قلقه الشديد وقلق المجتمع الدولي ازاء العنف المتصاعد وعدد القتلى في سوريا خلال الايام الماضية". واضاف ان بان "حث الرئيس على الكف عن استخدام القوة العسكرية ضد المدنيين فورا".
اعلنت الكويت انها لا تنوي دعوة سفير سوريا الى الرحيل كما طالب نواب وناشطون كويتيون، بعدما كانت الحكومة الكويتية دعت الجمعة الى وضع حد للقمع العنيف في سوريا وحثت على الحوار "واصلاحات حقيقية" لوضع حد للازمة.
وديبلوماسياً، اعربت سوريا الاحد على لسان مصدر رسمي عن اسفها حيال بيان دول مجلس التعاون الخليجي الذي عبرت فيه عن قلقها البالغ حيال "الاستخدام المفرط للقوة" في سوريا وطالبتها بـ"الدعوة لوقف أعمال التخريب وشجب العنف المسلح الذي تقوم به جماعات لا تريد للوطن السوري خيرا".
ويأتي ذلك فيما اكد الرئيس السوري أمس ان "التعامل مع الخارجين عن القانون من اصحاب السوابق الذين يقطعون الطرقات ويغلقون المدن ويروعون الاهالي واجب على الدولة لحماية امن وحياة مواطنيها"، بحسب "سانا".
وقال الاسد خلال استقباله وزير الخارجية اللبناني "ان سوريا ماضية في طريق الاصلاح بخطوات ثابتة".
وانتقد مدير المكتب التنفيذي للمؤتمر السوري للتغيير عمار القربي، موقف الحكومة اللبنانية في مجلس الأمن، معتبراً أن "الموقف المعيب الذي ادلت به مندوبة لبنان شكل انتكاسة وضربة في الصميم للعلاقات الأخوية بين الشعبين اللبناني والسوري"، مشيراً إلى "ان الحكومة اللبنانية وبكل أسف لا تعدو كونها امتدادا لنظام الاسد وواجهة ملمعة لفرق الشبيحة الذين استباحوا سوريا بسلاحهم واستباحوا لبنان وحرمة دماء السوريين لديه بحكومة لا تليق بلبنان الشقيق الذي نتمنى له الاستقلال الناجز وندرك ان قرار حكومته لا يعبر عن موقف شعبه الشريف، كيف لا وقد صدرت مواقف لزعماء وشخصيات واحزاب لبنانية تجاه سوريا ترفع لها القبعات وتعبر عن عمق الالتزام بمبادئ العلاقة الأخوية الندية بين البلدين".
وانتقدت مستشارة الرئيس السوري للشؤون السياسية والاعلامية بثينة شعبان أمس بقوة الموقف التركي تجاه ما يجري في سوريا والذي "لم يدن حتى الان جرائم القتل الوحشية بحق المدنيين والامن والجيش"، مشيرة الى ان وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو سيسمع لدى زيارته سوريا "كلاما اكثر حزما"، بحسب ما ورد في الشريط الاخباري.
وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان اعلن ان صبر تركيا "نفد" ازاء استمرار قمع المتظاهرين موضحا انه سيرسل وزير خارجيته الى دمشق الثلاثاء لينقل "بحزم رسائل" بهذا المعنى.
وفي اطار العقوبات الغربية، علقت النمسا عقدها مع دمشق لتسليمها اوراقا مالية من الليرة السورية يطبعها احد فروع البنك المركزي النمسوي، على ما افاد متحدث باسم وزارة الخارجية.
واوضح بيتر لانسكي تيفنتال ان الفرع المذكور، وهو بنك "او.بي.اس" لاصدار الاوراق المالية والضمانات، اتخذ هذا القرار بسبب القمع العنيف الذي يتعرض له المتظاهرون في سوريا وانه ابلغ نائب المستشار وزير الخارجية مايكل سبيندليغر بذلك، مؤكدا معلومات افادتها الاحد صحيفة دي برس.
وقد وقع بنك "او.بي.اس" في 2008 عقدا مع البنك الوطني السوري لطبع اوراق مالية من الليرة السورية وتم تسليم 600 مليون ورقة مالية حتى الان، وحصلت اخر عملية تسليم في الربيع بعد اندلاع الثورة الشعبية في سوريا.
والبنك المركزي النمسوي بصدد اعادة النظر في العقد ليضع له حدا على الارجح.
واعتبر الوزير المنتدب للمالية اندرياس شيدر الجمعة العقد "مشبوها" و"اكثر من مؤسف في الوضع الحالي 

السابق
السفير : جنبلاط يشيد بالموقف التركي من لبنان والقضايا العربية
التالي
الديار : الملك عبد الله دعا النظام السوري لـ”وقف آلة القتل وإراقة الدماء”