التمييز في المعاملة يُحَبِّطُ “المواطن الصالح”

 حوارات
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" (المائدة 8).
نعتقد أن "المحسوبية" ومحاباة الأقارب والأصدقاء في التوظيف و"التمييز في المعاملة" بين المواطنين المتساويين في الحقوق والواجبات يُحبط المواطن الصالح. فعندما ينتشر في أي مجتمع إنساني ظواهر التفرقة والتمييز الثقافي والعرقي والديني والمذهبي بين الأفراد ومحاباة ناس على ناس آخرين وخصوصاً في ما يتعلق بالتعيين في المناصب والاستفادة الكاملة من مميزات المواطنة الدستورية فذلك يُشيع الكراهية والتنافر بين أعضاء المجتمع. بل وفق رأينا, التفرقة والتمييز السلبي تحبط وتثبط عزيمة "المواطن الصالح" بل وتحطم روحه المعنوية(Demoralized) وتجعله يشعر بالندم والحسرة, وإذا شعر المواطن الصالح بالإحباط في مجتمعه وبدأ يفقد الثقة في مؤسساته الاجتماعية والثقافية فذلك سيأخر المجتمع في كل الاصعدة.
على سبيل المثال, المواطن الصالح يحاول قدر استطاعته الوفاء بواجباته ومسؤولياته الاجتماعية والأخلاقية تجاه مجتمعه الذي ينتمي إليه. وهو يتصرف بإيجابية لأنه يؤمن بالعدالة الاجتماعية المساواة وكل خلق نبيل يحض على المواطنة الحقة. ولكن عندما يلاحظ ذلك المواطن أن ما يمارسه من سلوكيات وتصرفات إيجابية يبدو انها تحرمه بشكل أو بآخر أو تجعله آخر الركب بالنسبة إلى الاستفادة من حقوق المواطنة فسيشعر تدريجياً بخيبة الأمل. بل وسيفقد الثقة بكل المبادئ النبيلة التي دافع عنها في حياته اليومية (الإيثار- التسامح- الوحدة الوطنية- الجد والعمل والمثابرة). فعندما يصطدم هذا النوع من المواطنين الصالحين بالتفرقة الفجة بينهم وبين مواطنين آخرين كان يعتقدون أنهم مساوون لهم في الواجبات وفي الحقوق فكيف بهم ألا يصلوا لمرحلة فقدان الثقة بكل ما تطلعوا وتأملوا إنجازه في مجتمعهم المحلي (المواطنة الحقة).
حري بالقائمين على مؤسسات المجتمع المدني التركيز على ظواهر التفرقة والتمييز بين المواطنين وألا يتهاونوا بنتائجها السلبية على الفرد والمجتمع. فعندما تتحول التفرقة والمحاباة والتمييز الطبقي والثقافي عناوين رئيسية في الحراك المجتمعي فذلك مؤشر سلبي يدل على تناقض واضح بين شعارات المواطنة وبين ما يحدث في الواقع اليومي من ممارسات تتعارض مع أبسط مبادئ العدالة الاجتماعية. فلعل وعسى وربما ولو بعد حين.
 

السابق
الجنون يلفّ سوريا
التالي
تأملات في سوء الإدارة