أرأيت يا نتنياهو؟

 صباح الخير يا سيدي رئيس الحكومة، اذا كنت قد نمت في الليل أصلا. لانك اذا كنت رأيت أمس ما أسميته هذا الاسبوع "موجة غوغائية"، فقد كان لديك سبب جيد كي لا تغمض عينك.
رأينا من قبل مظاهرات في حياتنا يا سيدي رئيس الحكومة: المظاهرة الكبيرة بعد حرب يوم الغفران التي دعت الى استقالة الحكومة، والمظاهرة الضخمة بعد صبرا وشاتيلا، ومظاهرة السلام التي قُتل فيها رابين. وأنا أعلم فقد كنت فيها جميعا. لكنني لم أر قط يا سيدي رئيس الحكومة مظاهرة كهذه في شوارع تل ابيب. يُخيل إلي أنها كانت أكبر مظاهرة عدم ثقة في تاريخ الدولة. لأن السؤال يا سيدي رئيس الحكومة لم يعد عدد الناس الذين كانوا أمس في الشوارع بل كم عدد الذين لم يكونوا. واذا أردنا الحكم بحسب ما كان أمس في تل ابيب فانه لم يبق ناس كثيرون في البيوت.
كان يجب عليك أن تكون هناك، يا سيدي رئيس الحكومة لتفهم هذا. وصدقني أنه لا يكفي أن ترى في التلفاز. ان هذه الكهرباء لا تنقل ذلك التأثر والطاقة والشعور بالتكافل ولا الثقافة والتسامح وعدم العنف عند المتظاهرين. تحتاج من اجل هذا الى ان تخطو مع طوفان البشر الضخم هذا وأن تصرخ معه "الشعب يريد عدالة اجتماعية". هكذا بصوت واحد من القلب والروح. قد لا يكون واضحا لك يا سيدي رئيس الحكومة ما هي العدالة الاجتماعية وقد لا تكون واضحة لديهم ايضا. لكن الشيء الواضح هو أن شعبك يريد شيئا ما. شيئا كبيرا وذا شأن ومهما. وهو يطلبه منك.
لو كنت هناك أمس يا سيدي رئيس الحكومة لتأثرت أنت ايضا حينما ترى مئات الآلاف. اجل يا سيدي، مئات آلاف الناس الذين ساروا هناك في المسيرة. ليسوا فوضويين ولا يساريين ولا من متناولي السوشي والنرجيلات بل هم شعب اسرائيل. اسرائيل شعبك. كنت سترى شعبا كاملا كان غير مكترث، وخابيا وبلا أمل وبعث حيا. لو أنك وقفت هناك في الحرارة والرطوبة الفظيعتين تزاحم مواطنيك الذين يتصببون عرقا وفي حماسة شديدة لرأيت شيئا كبيرا وعظيما قد انطلق في طريقه ولم يعد من الممكن ان يعاد الى مكانه.
لو ان الكنيست لم تخرج في عطلتها لسمعت على التحقيق رفاقك يحاولون التقليل من حجم المظاهرة. وكانت السخرية من احتجاج الخيام تتغلغل من خلال الجدران وتنزلق الى الشوارع. وصدقني يا سيدي رئيس الحكومة أن هذه السخرية التي سمعت هناك في الاسبوع الماضي جاءت بمائة ألف شخص الى المظاهرة أمس.
من الذي كان في المظاهرة أمس اذا يا سيدي رئيس الحكومة: رأيت هناك شبابا كثيرين. اجل اولئك الذين بدأوا كل شيء. أبناؤك وأبنائي وأبناء شلومي آرتسي وأبناؤنا جميعا. اولئك الذين سُرحوا من الجيش وقاموا بالنزهة الكبرى ومضوا للدراسة والعمل واستأجروا شقة وبدأوا حياتهم. ورأيت والدين لاولاد صغار يحملون اولادهم على أكتفاهم أو يدفعون عجلات. ورأيت ايضا آباء هؤلاء الشباب. وأجدادا وجدات جاءوا مع الأحفاد. ورأيت في الجمهور ناسا ليست لديهم أية مشكلة في انهاء الشهر بل انهم يستطيعون مساعدة بضع مئات آخرين على انهاء السنة. ورأيت ناسا كبار السن تلتمع عيونهم وتكاد قلوبهم تقفز الى عشرات وربما مئات آلاف الشباب الذين قادوهم في نظام يقتدى به في شوارع تل ابيب. وقد نظروا حولهم في دهشة وفخر بل وفي حسد.
اجل في حسد. لانهم كانوا يبذلون الكثير ليصبحوا جزءا من هذا الجيل الشاب المحمس. وكم كانوا مستعدين لأن يدفعوا ليكونوا اولئك الذين بدأوا الثورة. وليكونوا بأنفسهم صفحة في هذا التاريخ. من المؤكد انهم سألوا أنفسهم أمس، أين كنا كل تلك السنين. وماذا فعلنا. ولماذا سكتنا. وكيف خندقنا حولنا في طاعة وتذلل بلا مبادرة وبلا شجاعة. لماذا لم نقم بهذا العمل من اجل الاولاد وكيف، كيف أبقينا اولئك الفاسدين في الحكومات البليدة الحس من غير أفق سياسي ومن غير أمن اقتصادي ومن غير عدالة اجتماعية ايضا. 

السابق
اسرائيل احتفلت أمس بالاستقلال
التالي
الحكام العرب بين العدالة والمحكمة الثورية