مصادر غربية لـ«الأنباء»: الموقف اللبناني في مجلس الأمن مسيّر

 أبدت مصادر ديبلوماسية غربية في بيروت استغرابها وانزعاجها من الموقف اللبناني الرسمي إزاء البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن الدولي بشأن الأزمة السورية وتنصله من التصويت على هذا البيان رغم إجماع الدول الـ 14 الأخرى الأعضاء في المجلس عليه.

ورأت المصادر ان الحكومة بموقفها هذا بددت الكثير من رصيدها الدولي ووضعها في مواجهة مع العالم، وأفقدتها احدى أهم خصائصها ومميزاتها، منبهة الى محاذير هذا الموقف في وقت يحتاج لبنان الى المجتمع الدولي وخصوصا في مواجهة الأطماع الإسرائيلية وتهديداتها.

المصادر نفسها أشارت الى ان سورية رضيت مرغمة بأن ينأى لبنان بنفسه عن البيان الرئاسي كمخرج «أحلى الأمرين»، وذلك أثر نصيحة روسية في هذا الشأن لئلا يكون أمام اتخاذ قرار في حال عطل لبنان الإجماع الدولي، لأن عدم تسجيل لبنان اي اعتراض يعني إجرائيا عدم تعطيل البيان الرئاسي، خصوصا ان أكثر من سابقة تفيد بأن دولا أعضاء في مجلس الأمن نأت بنفسها عن الإجماع المطلوب في البيانات الرئاسية.

ورأت المصادر ان ما حصل عمليا هو ان سورية أعطت الضوء الأخضر للبنان من اجل تحييد نفسه نزولا عند رغبة روسيا التي بدت محرجة حيال ما يحصل في سورية من مجازر متمادية، او أمام الضغوط الدولية المتعاظمة التي لم يعد بإمكان موسكو تجاهلها ومواجهتها، فرأت ان صدور بيان يبقى أقل كلفة وتأثيرا من صدور قرار عن مجلس الأمن، فالموقف اللبناني كان مسيرا ومصادرا من قبل دمشق وهو يخدم ـ اي هذا الموقف ـ بالمحصلة النهائية، المصلحة السورية، وهذا ما يظهر ان القرار اللبناني مخطوف من قبل النظام السوري.

ولفتت المصادر الى ان البيان الاممي يشكل تحولا في موقف المجتمع الدولي من الوضع في سورية، وما هو فعليا سوء بداية في هذا الاتجاه، خصوصا ان مجلس الامن طلب من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان يقدم اليه تقريرا بآخر المستجدات عن الوضع في سورية في غضون سبعة ايام من تاريخ اصدار البيان الرئاسي، بمعنى ان البيان لن يكون يتيما في الزمان والمكان، بل اوجد آلية للمتابعة عبر اصدار تقارير دورية متلاحقة، وهي تقارير اسبوعية لا شهرية ولا فصلية، وهذا ما يؤشر الى ان عدم تجاوب النظام السوري مع الدعوات لوقف العنف ومحاسبة المسؤولين عنه، وهو لن يتجاوب، سيجعل الانتقال من البيان الى القرار مسألة حتمية في هذا المجال.

في هذا الوقت، اكد عضو تكتل لبنان اولا النائب محمد كبارة ان لبنان الآن وبعد موقفه المشين في مجلس الامن الدولي، حيث نأى بنفسه عن البيان الرئاسي حول احداث سورية، اضحى شريكا للنظام السوري في المسؤولية عن كل نقطة دم يسفكها وعن كل شهيد يسقط في المذابح التي يرتكبها بحق شعبه.

واضاف: غريب امر هذه الحكومة التي قبلت ان تورط لبنان في هذا الموقف المشين امام التاريخ، وان تضعه في مواجهة موقف انساني دولي متعاطف مع الشعب السوري الضحية، وغريب امر هذه الحكومة التي تزعم حرصها على مصالح لبنان وسمعته، وتضعه وحده من بين كل دول العالم مدافعا عن مذابح ترتكب بحق شعب اعزل، والاكثر غرابة هو من يبرر هذا الموقف المشين في لبنان بأنه لضرورة الحفاظ على خصوصية الوضع اللبناني وحساسيته.

وسأل كبارة في تصريح له امس: ما خصوصية وحساسية الوضع اللبناني؟ ما هذا الهراء وما هذا الدجل؟ هل خصوصية الوضع اللبناني وحساسيته هي ان تسمح حكومتنا بالاعتداء على الابرياء في شارع الحمراء ببيروت لأنهم يؤيدون الشعب السوري؟ هل خصوصية الوضع اللبناني وحساسيته هي ان تحمي حكومتنا شبيحة الاحزاب المرتهنة لسورية وتمنع حتى ملاحقتهم قضائيا؟ هل خصوصية الوضع اللبناني وحساسيته هي ان تقمع الحكومة الاعلام الحر وتسمح بالاعتداء على الصحافيين وتقبل الا تعرف ما جرى في انفجار الرويس بضاحية بيروت الجنوبية والا تعرف من خطف الاستونيين السبعة وان تمنع الاعتراض على مصادرة الاراضي في لاسا وغير لاسا؟ هل خصوصية وحساسية الوضع اللبناني تعني ان يكون لبنان الدولة الوحيدة في العالم، نعم الدولة الوحيدة في العالم، التي تؤيد ارتكاب مجازر ضد الانسانية؟

وتابع كبارة: حتى روسيا، الدولة العظمى، لم تجرؤ على اتخاذ هذا الموقف وتركت لبنان كي يتحمل هو هذا العار، مضيفا: لن نقبل بعد اليوم ان تمثلنا هذه الحكومة في المحافل الدولية، وادعو الشعب اللبناني والقوى الاستقلالية الى رفع مذكرة الى الامم المتحدة تبلغها ان هذه الحكومة لا تمثل مواقف الشعب اللبناني، ولا اخلاقه، فليعلم العالم ان الشعب اللبناني مع احرار سورية، وهو بريء من مواقف حكومته، خصوصا ان موقف الحكومة اللبنانية ان تنأى بنفسها عن اتخاذ موقف يدين العنف والمجازر هو موقف معيب لأنه يعني انها تنأى بلبنان ان يكون وطنا مستقلا، وتفضل ان يكون تابعا لا قرار له.
 

السابق
المخابرات اللبنانية تعتقل شخصين من «14 آذار» لتهريبهما السلاح إلى سورية
التالي
محفوض: هدف حزب الله تأمين خط دفاع لحدود البقاع