الوزير منصور: هل يعود “منصوراً” من دمشق… أم مقيّداً برزمة من الإملاءات؟

 أعدّت المعارضة "زوّادة" حرزانة يصطحبها معه وزير الخارجيّة والمغتربين عدنان منصور إلى دمشق، ويختصرها سؤال لماذا الآن، وفي هذا التوقيت؟ وما هو جدول الأعمال؟

وتتزامن الزيارة مع اتساع الحملة التي تشنّها المعارضة ضد الحكومة بعدما "نأى" لبنان بنفسه عن البيان الصادر عن مجلس الأمن، مؤكدة أنّ هذا الموقف لا إنساني، ويفتقر إلى الإجماع الوطني، ويتعارض مع تطلعات المجتمع الدولي تجاه ما يجري في سوريا.

حتى إنّ دمشق لم تكن ممتنة، لأن الصيغة المعتمدة لدى المرجعيّة الدوليّة تقضي بتأمين الإجماع، وعندما لا يتحقق، يتعذّر صدور البيان، وكانت تريد وتتمنّى أن يذهب لبنان في مجلس الأمن إلى الأقصى في الرفض والممانعة والاعتراض حتى إسقاط البيان.

وسيكون هذا الموضوع على طاولة المحادثات بين منصور ونظيره السوري وليد المعلّم، ولن يقتصر الأمر على ما كان، بل على ما سيكون من الآن فصاعدا داخل أروقة الأمم المتحدة، حيث تواجه سوريا شبه عزلة دوليّة، وبداية تخلٍّ من جانب الأصدقاء وأقرب المقرّبين، وبالتالي فإن دعوة منصور، وتلبيتها في هذا التوقيت تحديدا، الهدف منها وضع خطة مواجهة دبلوماسيّة سوريّة – لبنانيّة يتحمّل لبنان الوزر الأكبر في تنفيذها، كونه ممثل المجموعة العربية في مجلس الأمن لهذه الدورة.

أما الدوافع لوضع مثل هذه الخطة فكثيرة، منها: التغيير البارز الذي طرأ على الموقف الروسي، ودعوة الرئيس مدفيديف الأسد إلى "تنفيذ الإصلاحات، وإلاّ سيواجه المصير الحزين"، وإصرار الرئيس الأميركي باراك أوباما على

"أنه يتوجب علينا جميعا أن نفكّر في مرحلة ما بعد الأسد كما يفعل أصلا 23 مليون سوري"، وتأكيد باريس على الطلب مجدّدا من مجلس الأمن "الذهاب إلى أبعد من البيان، إذا لم يتغيّر شيء في الجانب السوري"، وطلب برلين من الأمم المتحدة "إرسال مبعوث خاص إلى سوريا لزيادة الضغط على دمشق".

ويقرّ أكثر من وزير في الحكومة الميقاتيّة بأن هناك إحراجا، وأنّ جانبا منه متأتٍ من المعارضة التي لن تسكت بعد اليوم، ولن تسامح، وهي تنظر إلى الأداء الحكومي في شأن الملف السوري من زوايا عدّة، أهمها اثنتان: تصرّف لبنان في مجلس الأمن من الآن فصاعدا عندما يتعلّق الأمر بإصدار قرار ملزم شديد الوطأة ضدّ النظام السوري، والتوترات الأمنية في الداخل اللبناني، والتي تحظى بالكثير من التدقيق والمتابعة.

وكانت "النثريات الأمنيّة " التي تناولتها الصحف ووسائل الإعلام في الآونة الأخيرة، مدار اهتمام ومتابعة، وخصوصا من قبل المعارضة لأنّها كانت "فاقعة" في الآونة الأخيرة، واستفزازية في بعض المناطق.

بدأت في طرابلس أولا ومع "حزب التحرير" الذي كان باشر تحرّكا متعاطفا مع الانتفاضة في سوريا، لكن مع وصول الرئيس نجيب ميقاتي إلى سراي الحكومة حاول أن يشمل مسقط رأسه عاصمة الشمال بفيض من الهدوء والأمان والاستقرار.

وانتقل المشهد قبل أيّام إلى قلب المتن – الجديدة عندما سارت تظاهرة مؤيّدة للنظام السوري، ولولا مسارعة الجيش والقوى الأمنيّة في الوقت المناسب، لربما كانت انتهت إلى "ما لا تحمد عقباه".

وجاء دور الحمرا مع مطلع الأسبوع. متظاهرون في محيط السفارة السوريّة، مؤيدون للانتفاضة، يواجهون، وبعنف، ويسقط جرحى، ويلفّ الذعر المكان لساعات. وحصل التباس حول هويّة المواجهين، وتكثر الرويات، وتشحّ المعلومات المتوافرة لدى الجهات الرسميّة اللبنانية المختصّة، وهناك صمت مطبق، يقابل باستنكار صارخ من قبل بعض أقطاب قوى المعارضة: هل يعقل أن ليس هناك من معتقل واحد بعد كل الذي جرى؟!

وراحت كرة الثلج تكبر، وتحوّل الاشتباك الأمني في محيط السفارة إلى اشتباك إعلامي بين النواب والسياسييّن، هذا يحذّر من عودة المربّعات الأمنيّة، وذاك يستهجن غياب الدولة، وكيف يفترض أن يكون البلد ممسوكا أمنيّا في ظلّ "الانتفاضات" المتنقّلة بين أحياء العاصمة، وبعض المناطق؟

ويبدو المشهد من زاوية المؤسسات الأمنيّة الشرعيّة مختلفا، ويخترقه سؤال: هل إنّ السياسييّن في غالبيتهم مع الأمن والأمان والاستقرار، أم مع الفوضى الإعلاميّة، وفوضى المواقف حمّالة الأوجه، وفوضى التصريحات الناريّة اللامسؤولة الحبلى بالكيديات، ومحاولات تصفية الحسابات؟!

لا جواب، والجواب الوحيد استنتاجي، خلاصته أنه لا بدّ من خطة أمنية لمواجهة التطورات المتسارعة. ولبلوغ مثل هذه الخطة، لا بدّ للحكومة من أن تنجز التعيينات الأمنيّة، وعلى قاعدة الشفافيّة والرجل المناسب في المكان المناسب، وأن تخرج المؤسسات من الزواريب المذهبيّة والطائفيّة إلى شرفات الوطن الجامعة، ومراقبة الوضع الداخلي في سوريا باهتمام وانتباه أكثر وأكبر، وتشخيص تداعياته مسبقا، ليس على مستوى الوضع الأمني فقط، بل أيضا الإنساني والاقتصادي والإجتماعي والمعيشي… للحد من الخسائر.

فهل سيصارح الوزير منصور المسؤولين السوريين بكل هذه المخاوف والهواجس، أم سيصح فيه القول:

"… وفي الصيف ضيّعت اللبن؟!" 

السابق
مع الرئيس الأسد ستخرج سورية منتصرة على الفتنة الأخيرة …
التالي
لا سوريا تغيرت ولا العالم!