مقبرة للدولة اللبنانية

عوّضكم الله البركة أيها الأحبار المحترمون، ولكم من بعدها طول البقاء أيها النواب الموقرون، فليس في لبنان دولة ولا من يحزنون. نحن في فوضى الاستقواء واقعون والى شريعة الغاب منتهون وفي "حارة كل من إيدو إلو" مقيمون… وآخ يا بلدنا!

وهكذا ليس كثيراً إذا سأل المواطن اللبناني: على من يقرأ المطارنة الموارنة مزاميرهم، عندما يأسفون (ويا لفعالية الأسف!) للاعتداءات على الملكيات الخاصة المكتسبة وفقاً للقانون (مرحباً أيها القانون) والملكيات العامة، ويناشدون الدولة حماية هذه الملكيات بموجب الدستور واتخاذ الاجراءات الأمنية اللازمة لردع كل اعتداء؟
أيها المحترمون، أين إصبع توما؟ وهل سألتم أين الدولة أولاً، قبل الحديث عن الردع والاجراءات الأمنية؟ ثم ماذا يفيد الحديث عن الاستنكار والاشمئزاز من الاعتداء على الجنود الفرنسيين، وهو ليس الاول ولن يكون الأخير؟ وما قيمة توجيه الشكر الى القوات الدولية عندما تعجز الدولة عن حمايتها واكتشاف "الأشباح" التي تنفذ مسلسل الاعتداءات عليها؟!

كان من المثير أن يصدر بيان المطارنة الموارنة، في وقت ارتفعت أصوات نيابية في الجلسة التشريعية لمجلس النواب، تبحث هي أيضاً عن الدولة الغائبة أو بالأحرى المغيبة قسراً. وبدا من العبث مثلاً أن يتساءل النائب مروان حماده عن التصرفات حيال المتظاهرين المتضامنين مع الشعب السوري، وأن يسأل النائب جان أوغاسابيان عن قضية الأراضي في لاسا، التي تشهد الآن حركة عمار مستعجلة في أملاك الغير، لخلق أمر واقع يُسقط الملكية القانونية ويعمّق القبر للدولة – الجثة، وأن يسأل أيضاً عن انفجار الضاحية قائلاً: "من حقنا أن نعرف أين الدولة"… فعن أي  دولة تسأل يا "بارون"؟!

أما عندما يحذّر النائب بطرس حرب من "الأرض الفالتة "، مثيراً قضية الأستونيين الذين خطفتهم "الأشباح" وأخفتهم، ثم أعادتهم بعد "غياب" في سوريا على ما اعلنوا والدولة آخر من يعلم، فإنه لا يكشف شيئاً خافياً على اللبنانيين، الذين يعرفون أن الفلتان ليس في الأرض وإنما في الدولة المهيضة والعاجزة عن حماية هيبتها وممارسة مسؤولياتها، فكيف لها أن تحمي الأرزاق في لاسا وقوات "اليونيفيل" في الجنوب، على ما وعد قائد الجيش جان قهوجي ومن باريس، عشية الاعتداء على الدورية الفرنسية؟ ومن أين لها أن تعرف شيئاً عن "سر" خطف الاستونيين، وخصوصاً أن هناك لبنانيين تمّ ويتم خطفهم، فيختفون ويذوبون مثل الملح في الماء، والدولة: "لم سمعنا لم قشعنا"!

وهل كان هناك أمس "دولة" تمثّل لبنان والمجموعة العربية في مجلس الامن، أم أنها خطفت عند التصويت على بيان مجلس الأمن بشأن سوريا ولكأننا في الرعاية السورية مقيمون، وعلى دمشق حريصون أكثر من روسيا والصين؟!

السابق
الجنوب: الجنّة… أو الديكتاتورية؟
التالي
ورطة الموقف اللبناني وتدويل الوضع السوري