تل أبيب: منشآتنا البحريّة في مرمى حزب اللّه

دقّ رئيس استخبارات سلاح البحر الإسرائيلي، جرس إنذار بحري، عبر تأكيده أن صواريخ حزب الله تطال كل موانئ إسرائيل ومنطقتها الاقتصادية في عرض البحر وجزءاً كبيراً من ممرات الملاحة، واصفاً التحديات بأنها كبيرة من لبنان إلى غزة
بمعزل عن بعض القراءات المحلية لآخر معادلتين أعلنهما الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله، في مواجهة أي عدوان إسرائيلي، وهما: المرفأ بالمرفأ، والمنشآت النفطية بالمنشآت النفطية، تشير المواقف على المقلب الآخر من الحدود إلى أن رسائل نصر الله وصلت إلى العنوان البريدي المقصود، وأنه مقابل من لم ير في كلام قيل بلغة عربية واضحة لحماية نفط لبنان، إلا مواقف "قد تصب في مصلحة العدو الإسرائيلي"، هناك ناطقون بالعبرية يستعينون بقاموس الاستخبارات، ليؤكدوا أن ما قيل على منبر المقاومة مبني على معطيات تشير إلى أن البحر سيكون العنوان الأبرز لأي حرب مقبلة، وأن إسرائيل هي الطرف غير المطمئن في هذه الحرب.
القراءة العبرية لكلام نصر الله لم تأت من مجرد محلل عسكري عادي، بل من رئيس استخبارات سلاح البحر الإسرائيلي العميد يارون ليفي، الذي أقر في محاضرة ألقاها أول من أمس في مركز دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، ونشرت صحيفة "هآرتس" مقتطفات منها، بأن حزب الله يمتلك "صواريخ بر ـــــ بحر إيرانية الصنع من طراز سي 802، مصدرها الأساسي من الصين، ولدى سوريا صواريخ متطورة روسية الصنع من نوع يخونيت، قد تصل هي أيضاً إلى يد حزب الله، ما يعني أن المسألة تتعلق بسلاح تشغيلي يغطي جميع موانئ إسرائيل ومنطقتها الاقتصادية في عرض البحر، وتغطي كذلك جزءاً كبيراً من ممرات الملاحة البحرية الإسرائيلية". وأكد سهولة استهداف منصات الغاز، بالقول: "لا ينبغي للمرء أن يكون عبقرياً وفذاً كي يكتشف أين توجد منصات الغاز الخاصة بإسرائيل، بل أنا على يقين بإمكان تحديد موقعها من على شبكة الإنترنت، فهذه ليست سراً من أسرار الدولة"، لافتاً إلى أن "قسماً كبيراً من البنية الاستراتيجية الإسرائيلية موجود في قطاع ضيق على طول الساحل الإسرائيلي، وأي ضرر يلحق به، سيكون خطيراً جداً ومصيرياً".
ولا يتوقف قلق ليفي عند ما تملكه الجبهة الشمالية؛ فـ"أسلوب حزب الله استُنسخ اليوم في قطاع غزة، وفي المستقبل سنضطر أيضاً إلى مواجهة وسائل قتالية تطلق من غزة، كما هي الحال من لبنان، بما يشمل صواريخ وطوربيدات وألغاماً ووسائل قتالية بحرية أخرى"، معلناً فرضية أساسية سائدة في الاستخبارات الإسرائيلية "هي أن كل ما يوجد في إيران، قد نجده أيضاً في الساحات القريبة منا".
وإلى امتلاك السلاح، كشف ليفي عن تقلص حجم "الثغرة التكنولوجية" بين إسرائيل وحزب الله، محدداً استهداف البارجة "ساعر" في عدوان 2006، كمحطة لإدراك التطور عند الحزب. وقال إن الصاروخ الذي أصاب البارجة "لقن إسرائيل درساً؛ إذ كنا نتعامل مع التهديد الإرهابي في عرض البحر، كما نتعامل مع خلايا إرهابية تطلق صواريخ غير دقيقة. لكن أن يطلق حزب الله صاروخاً من طراز سي 802، دليل على دخول وسائل قتالية أكثر تطوراً وتدميراً إلى ساحات القتال، وتسبب أضراراً كبيرة جداً"، وأضاف إن "الحرب أوضحت لنا مدى التهديد التكنولوجي في أيدي المنظمات الإرهابية، ولهذا السبب نبذل جهوداً جبارة لسد الثُّغَر".
وبعدما ذكر أن "العقد الأخير شهد تصاعداً تدريجياً في حجم تهريب الوسائل القتالية البحرية إلى المنطقة، التي تتميز بدقة وتطور كبير"، خلص إلى توصيف الوضع كالآتي: "إسرائيل موجودة في فترة مشبعة بالتحديات المختلفة على الساحة البحرية، لكن يجب عدم الدخول في حالة من الذعر، وفي الوقت نفسه يجب ألّا نكون مطمئنين؛ فالتحديات الماثلة أمامنا كبيرة، بدءاً من قطاع غزة، مروراً بالشمال (لبنان)، وصولاً إلى إيران، التي هي العنصر المسيطر من الأعلى على كل شيء، لناحية التمويل وتهريب الوسائل القتالية".
وبينما كان ليفي يضع هذه الصورة برسم مركز دراسات الأمن القومي، بقي أمر التنقيب "الآمن" عن النفط البحري الشغل الشاغل للغربيين، ولا سيما الدول التي تأمل في حصة من الذهب الأسود المتوسطي. ففي تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية عن تصاعد حدة التوتر بين لبنان وإسرائيل أخيراً بسبب الخلاف على الحدود البحرية، لفت استمرار الحرص الأميركي على إبداء حيادية نادرة؛ إذ نقلت الوكالة عن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية، قوله إن هذا النوع من الخلاف الحدودي شائع جداً، وإن وسائل حله سلمياً تراوح "بين التفاوض المباشر وصولاً إلى التحكيم"، مشيراً إلى أن "لا مصلحة لأي من الطرفين في الدخول في نزاع في ضوء المصالح الاقتصادية الموضوعة على المحك"؛ لأن شركات التنقيب "ستتجنب العمل في المنطقة إن كانت مرشحة للدخول في توترات أو نزاع".
لكن دبلوماسياً غربياً في بيروت، قال للوكالة إنه رغم أن الحق في القضية يميل إلى لبنان، إلا أنّ "من غير المرجح أن تحل هذه القضية في القريب العاجل". لذلك، اقترح عدد من الدبلوماسيين الذين استطلعت فرانس برس آراءهم، حلاً راهناً يقضي بأن تترك المنطقة المتنازع عليها للتحكيم الدولي، وأن يبدأ البلدان في التنقيب عن النفط والغاز خارج هذه المنطقة.
إلا أن وزير الطاقة جبران باسيل، أكد للوكالة حق لبنان في منطقته الاقتصادية الخالصة، وقال: "لا يمكن إسرائيل أن تضرب عرض الحائط بالقانون الدولي وأن تعتدي على لبنان من خلال خلق منطقة نزاع في مياهنا"، مشدداً على أنه لا يمكن الإسرائيليين "أن يرسموا خطاً ويقولوا بكل بساطة هذه حدودنا".
ومن الحدود البحرية، إلى الخروق البرية، حيث تقدمت وزارة الخارجية والمغتربين، عبر بعثة لبنان في نيويورك، بشكوى ضد إسرائيل على خلفية قيام دورية إسرائيلية يوم الاثنين الماضي بالدخول مسافة 15 متراً ضمن الأراضي اللبنانية بعد أن اجتازت مجرى نهر الوزاني، مؤكدة أن ذلك يمثّل خرقاً وانتهاكاً واضحين للسيادة اللبنانية وللقرار الدولي 1701 وللقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة، ويمثّل كذلك تهديداً للسلم والأمن الدوليين.

السابق
مبارك على سريره في قفص الاتهام ومحاكمته ترجئ الى 15 آب
التالي
صدى البلد : الجلسة التشريعية .. سياسية بامتياز