العضلات طريق “منفوخ” إلى قلوب الحسناوات!

 منهم مَن يسعى إلى نيل شهادات عالية، وآخرون إلى اكتساب وظيفة مرموقة وراتب مُغرٍ. إلّا أنّ فئة من الشباب تعمل جاهدة للحصول على عضلات مفتولة، منفوخة، مشدودة، قويّة… وغيرها من المواصفات التي تدفعها إلى وصل الليل بالنهار لتأمين مظهر خارجي يرضيها.

"ليس الهدف تكبير العضلات بل جعلها مشدودة"، هذا هو الجواب الذي سرعان ما يطلقه جوزف سكّر (32 عاما) عندما تسأله عن سبب تردّده الدائم إلى النادي الرياضي. إلّا أنّ اهتمام جوزف بعضلاته لم يكن وليد الصدفة أو من مخلّفات مرحلة المراهقة، فيوضح: "منذ الثامنة عشرة من عمري وأنا أتناول الـ"كرياتين" من أجل مضاعفة طاقة جسدي، لا سيّما قبل البدء بممارسة التمارين الرياضية".

في هذا السياق، لم ينكر سكّر أنّ لنظرات الشابّات حصّة من هذا الاهتمام: "غالبا ما ينسحرن بعضلاتي ولياقة جسدي، والمضحك أنّهن يحاولن عدم النظر أو عدم المبالاة، إلّا أنّ رغبة قويّة تشدّهنّ للنظر، فتذهب مقاومتهنّ سدىً".

من جهته، يلفت ألان كورس (26 عاما) إلى "أنّ الرياضة في معظم الأحيان تبدأ هواية لدى الشباب، إلّا أنّها سرعان ما تتحوّل إلى هوَس". وما يزيد اهتمام كورس بعضلاته هو طبيعة عمله: "بما أنّني أعمل عارضا للأزياء، أجد نفسي مجبرا على الاعتناء بعضلاتي وتكبيرها".

يحرص ألان على ترجمة اهتمامه بعضلاته: "منذ نحو 8 أعوام، وأنا أتمرّن 4 أيام في الأسبوع، على نحو أتبع فيه برنامجا رياضيّا منتظما، اليوم الأوّل للصدر، الثاني للكتف، الثالث للظهر، أمّا اليوم الرابع والأخير فهو إعادة للأيّام السابقة". يعترف ألان أنّ الرياضة تحوّلت جزءا لا ينفصل عن اهتماماته، إلّا أنّ اهتمامه بعضلاته لم يتجاوز المعقول: "لم ألجأ يوما إلى العقاقير أو المواد المصنّعة، بل ألتزم الوسائل الطبيعيّة كممارسة الرياضة بطريقة منتظمة".

وعلى رغم أنه يهتمّ بعضلاته، يعترف كورس أنّ "الاهتمام بالمظهر الخارجي غير كاف في هذه الأيّام، والثقة لا تكتسب بالعضلات المفتولة"، لذا لا يعوّل كثيرا على لفت انتباه الحسناوات فيقول: "هذا النوع من الإعجاب أستبعد أن يدوم، ومَن يبالغ في نفخ عضلاته لن يصل إلى نتيجة".

ما رأي المعجبات؟

من جهتها، تتذمّر ريتا أبو سمرا (21 عاما) من تعذّر تمضية متّسع من الوقت برِفقة حبيبها، "فهو يمضي معظم أوقات فراغه في النادي، يهتمّ بنفخ عضلاته، ولا يعود إلّا بعد أن يغلبه الإرهاق وينتابه النعاس"، وتضيف بشيء لا يخلو من الفكاهة: "وعندما يكون بعيدا من التمارين الرياضية، لا يكفّ عن التحدث عن بطولاته، والإنجازات التي حقّقها".

نظراً إلى حدّة هوَس حبيبها بعضلاته، باتت أبو سمرا تكره الرياضة إلى حدّ تشعر بالغيرة منها، فتقول: "أخشى أن يكون مردّ هذا الاهتمام إلى نقص اجتماعي ما، وقد يقوده إلى الانعزال عن المجتمع مع الوقت".

بالنسبة إلى جيسيكا شامي ( 23 عاما)، فهي تعتبر الرياضة من أبرز هواياتها، فتخصص ساعات يوميّة للاعتناء بلياقة جسدها: "أهوى الاهتمام بعضلاتي، لذا أبحث عن شباب ذوي عضلات مفتولة، لا أنكر أنّني أجد صعوبة في التعامل مع المجتمع، لا سيّما وإنّ نظرته قاسية للواتي يهتممن بعضلاتهن، ما يسبب لي نوعا من الإحراج".

في المقابل، لا تكترث ريان داوود (19 عاما) بعضلات الشباب: "لا أعطي هذا الجانب أهمّية كبيرة، كلّ ما أحرص عليه ألّا يتناول العقاقير السامّة والمضرّة بصحته". وتضيف: "ليس ضروريّا أن يكون الشاب صاحب عضلات منتفخة في شكل ضخم، ولكن من الجميل أن يتمتّع بلياقة جسديّة، ويمارس الرياضة للمحافظة على الصحّة السليمة".

صاحب نادٍ رياضي

في ضوء عمله كمدير لأحد النوادي الرياضية، يوضح سيمون حايك "أنّ أكثر من 700مشترك في النادي تتفاوت أعمارهم بين 15 و35 عاما يبحثون عن نموّ لعضلاتهم، وإن بدرجات متفاوتة"، ويضيف: "كمال الأجسام من أكثر الرياضات التي تنمي العضلات، على رغم أنّ الشباب قد يلجأون إلى وسائل متنوّعة، منها البروتيين الذي يشدّ وينفخ العضلات، ولكن سرعان ما ينتج ردّة عكسية سلبية عند توقّفهم عن ممارسة الرياضة، تتمثل بترهّل عضلاتهم".

أمّا بالنسبة إلى المنشّطات والعقاقير التي لا يتردّد الشباب في تناولها، فيوضح حايك: "معظمهم يبحث عن لفت المعجبات، وتأتي تلك الوسائل في خانة الاستعراض، ولو نظرنا إلى حقيقة العضلات، فلن نجد سوى "فوفاش". في هذا السياق، يشدّد حايك على "إبقاء هذه الرياضة ضمن الهوايات، وليس هوَسا، وعلى الشباب ممارستها من باب إرضائهم لذواتهم".

رأي اختصاصيّة التغذية

من جهتها، تعتبر اختصاصية التغذية ديبة شرفان "أنّ اتّباع تمارين رياضية معيّنة غير كافٍ لتنمية العضلات وجعلها مفتولة، لا بدّ من أن تترافق مع نمط غذائي متوازن". وتتابع موضحة: "ننصح بتناول البروتينات من خلال الأطعمة الغنيّة بالبروتيين، والتي يمكن الحصول عليها في أطعمة ذات مصادر حيوانيّة ( اللحم الأحمر، اللحمة المصنعة، السمك، و ثمار البحر)، أو عبر تناول مأكولات نباتيّة (الحمّص، العدس، الفول)".

في هذا السياق، توضح شرفان: "أنّ اختيار المرء وجباته الغذائية وفق "المجموعات الغذائيّة السِتّ"، أي اللحوم والسمك، الحليب ومشتقّاته، الأطعمة الغنيّة بالمواد الدسمة، الأطعمة الغنيّة بالسكّريات، الخضار والفاكهة، الماء والسوائل، توفّر له ما يحتاج من بروتيين، نظرا إلى احتوائها عناصر غذائيّة مشتركة".

وتحذّر شرفان من خطورة البروتينات التي يعتمدها الشباب لنفخ عضلاتهم، "فهي تؤدّي إلى خلل في عمليات الجسم الكيميائية، لذا لا أنصح بهذه الوسائل المصنّعة على حساب الأطعمة الطبيعية، فهذه المستحضرات الكيميائية تسهم في زيادة الوزن من دون أيّ فائدة، وتسبّب خللا في عمل الكليتين".

وتتابع موضحة: "كما أنّ البروتينات الكيميائية تسهم في فقدان الكالسيوم من الجسم من طريق البول، فكلّ غرام من البروتين يتناوله الإنسان يجب أن يوازي 20 ميلليغراما من الكالسيوم".

أمّا بالنسبة إلى الطريق الأقصر التي قد يسلكها الشباب عبر تناولهم عقاقير الـ"steroids"، فلفتت شرفان إلى محاذيرها، "فهي تفقد الهرمونات توازنها، وبالتالي تنعكس على الأعمال الفيزيولوجية للجسم، ومع الوقت قد تؤدّي إلى زيادة ضغط الدم وإرهاق الكليتين".

تكثر المحاذير والتوجيهات، إلّا أنّ هدف الشباب يبقى واحدا، الحصول على عضلات مفتولة، ويبقى الرهان في اختيارهم الوسائل الأسلم. 

السابق
تكريم السفيرة غاي لانتهاء مهامها في لبنان
التالي
سرايا حاصبيا على طابع للشقيف!