لجيش يتصدى لتوغل إسرائيلي في الوزاني… و«اليونيفيل» تتدخل

 تصدى الجيش اللبناني صباح امس، لقوة كوماندوس اسرائيلية تجاوزت الخط الأزرق، وصولا الى الضفة الغربية لمجرى نهر الوزاني، متوغلة لاكثر من 70 مترا داخل المنطقة المحررة. وارغم الجيش اللبناني القوة الاسرائيلية على الإنسحاب الى داخل المنطقة المحتلة في العام 1967، في ظل تبادل الاستنفار بين الطرفين، الذي كاد يتطور الى مواجهة عسكرية، لولا تدخل قيادة «اليونيفيل» التي اجرت اتصالات مكثفة مع الجانبين اللبناني والإسرائيلي، بحيث تمكنت من معالجة الوضع ولجمه بشكل سريع.
وبحسب جهات متابعة وشهود عيان، اجتازت قوة كوماندوس اسرائيلية قوامها حوالى 15 عنصرا مدججين بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، عند حوالى السادسة صباحا السياج الشائك في محور الوزاني، وتقدمت داخل منطقة وعرة مشرفة على منتزهات الوزاني، تعتبرها «اليونيفيل» ضمن الخط الأزرق على رغم كونها تقع الى الشمال من الخط التقني، واجرت القوة عملية تمشيط في هذه المنطقة لحوالى نصف ساعة، وفي هذه الأثناء وبعد وصول القوة الى الضفة الشرقية لمجرى نهر الوزاني، توزعت بعض العناصر وبشكل قتالي عند الضفة الشرقية في حين اجتاز 7 عناصر مجرى النهر الى الضفة الغربية في خرق واضح لحرمة الأراضي اللبنانية. وعملت تلك القوة على ترويع العاملين في المنتزهات، قبل ان يتصدى لها عناصر الجيش اللبناني مطلقين باتجاهها رشقات من اسلحة رشاشة، لتتراجع تلك القوة المعادية الى الضفة الشرقية لمجرى الوزاني.
في هذه الأثناء، وصل التوتر الى اوجه، خاصة بعدما أطلقت قوة الحماية التابعة للكوماندوس الاسرائيلي، رشقات رشاشة باتجاه موقع للجيش على كتف الوزاني، بحيث توزعت عدة رشقات في محيطه وعند دشمه، لتستمر الرشقات المتبادلة بين 15 الى 20 دقيقة.
وبعد حوالى ربع ساعة، دفع جيش الإحتلال بقوة دعم اضافية لحماية قوة الكوماندوس وتسهيل انسحابها، وانتشرت هذه القوة التي ضمت 15 آلية بينها 4 دبابات «ميركافا»، في التلال المشرفة على مجرى الوزاني وداخل حفر ودشم معدة سابقا، في ظل تحليق طائرة استطلاع من دون طيار في الاجواء، كما وصلت تعزيزات للجيش اللبناني من المجيدية حتى سردة، كذلك سجل انتشار واسع وكثيف للقوات الدولية خاصة الكتيبة الإسبانية والتي وزعت في المنطقة بين العباسية والوزاني اكثر من 20 آلية مدرعة. وفي هذه الأجواء انسحبت القوة الإسرائيلية وبشكل فردي الى داخل المنطقة المحتلة.
وكانت قيادة «اليونيفيل» اجرت وفور وقوع الحادث، اتصالات مكثفة وسريعة بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، بحيث تمكنت وخلال حوالى ساعة من لجم التوتر، وفي وقت لاحق توجهت الى الوزاني فرق مشتركة من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» ولجنة الهدنة الدولية، بحيث اجرت كشفا ميدانيا على نقطة الخرق واستمعت الى افادات لشهود عيان، واعدت تقريرا مفصلا مدعما بصور حول الحادثة، في حين اعتبر الجانب اللبناني ما حصل خرقا اسرائيليا فاضحا.
وأعلن المتحدث الرسمي باسم «اليونيفيل» نيراج سينغ، «أن اطلاق نار خفيف حصل ما بين الجيش اللبناني والجيش الاسرائيلي عند الخط الازرق في منطقة الوزاني. وعلى الفور توجهت قوات من «اليونيفل» الى المنطقة لاحتواء الوضع ومنع اي تصعيد»، مشيراً إلى أن الوضع هادئ ولا إصابات، وان نائب القائد العام الجنرال سانتي بوفانتي على اتصال مع الجيشين اللبناني والاسرائيلي، ودعاهما الى ضبط النفس. كما ان «اليونيفل» فتحت تحقيقا لمعرفة ظروف الحادث».
وأعلنت قيادة الجيش ـ مديرية التوجيه أنه «عند الساعة 5.50 من صباح اليوم (أمس)، عبرت دورية قوامها 15 عنصراً من جيش العدو الإسرائيلي نهر الوزاني متخطين المنطقة المتحفظ عليها لبنانياً والخط التقني لمسافة 70 متراً تقريباً، وتصدت لها قوى الجيش المتمركزة في المنطقة، وحصل تبادل إطلاق نار، بحيث انسحبت الدورية المعادية عند الساعة 7.25 من دون تسجيل أي إصابات في صفوف عناصر الجيش».
وفي تل ابيب، علق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على الاشتباك بأن حكومته «لا تبحث عن تسخين الحدود». وقال أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست: وقع حادث. الجنود الإسرائيليين عملوا مثلما ينبغي لهم أن يعملوا، انهم عازمون على حماية أنفسهم والدفاع عن الحدود. وبحسب جهات مقربة من نتنياهو فإن رسالة إسرائيل بأنها لا تبحث عن تسخين للحدود وصلت «لمن ينبغي أن تصل إليه».
وكان الجيش الإسرائيلي أشار إلى أن حادثا شاذا وقع على الحدود مع لبنان عندما أطلقت النار من داخل الأراضي اللبنانية باتجاه دورية إسرائيلية كانت تتحرك على مقربة من السياج الأمني قرب معيان باروخ. وأشار البيان العسكري الإسرائيلي إلى أن الجنود ردوا على النيران وأن أيا منهم لم يصب بجراح.
وبحسب موقع «يديعوت الألكتروني» فإن الفحص الأولي أشار إلى احتمال أن تكون النيران أطلقت من قوة عسكرية لبنانية نظامية بعد أن ظن أفرادها أن القوة الإسرائيلية اجتازت الحدود. وشدد الجيش الإسرائيلي على أن أحدا من أفراده لم يجتز الحدود وأن النيران اللبنانية لم تصب الآلية الإسرائيلية التي رد جنودها بنيران أسلحتهم الخفيفة.
وفور انتهاء الحادث تقدمت إسرائيل بشكوى إلى القوات الدولية العاملة في الجنوب اتهمت فيها لبنان بإطلاق النار على جنودها من دون مبرر. ولم تطلب إسرائيل من المستوطنات الحدودية المجاورة اتخاذ أية إجراءات احتياطية استثنائية أو إعلان حالة التأهب. وقال مسؤول الأمن في المجلس الإقليمي للجليل الأعلى آساف لانجيلبن إن «الوضع هادئ تماما واننا نأمل باستمرار الهدوء».
وقال أحد المستوطنين إنه يأمل أن لا يشكل الحادث ذريعة للحكومة لصرف الأنظار عن موجة الاحتجاجات الاجتماعية نحو قضايا أمنية. وكانت جهات عدة في إسرائيل أشارت إلى احتمال أن يهرب نتنياهو من مشاكله الداخلية باندفاعة نحو مشاكل أمنية حدودية أو مع إيران. وجاء هذا الحدث متزامنا مع عملية إسرائيلية قرب رام الله أدت الى استشهاد شبان فلسطينيين ليعزز هذه الفرضية («السفير»).
مواقف مستنكرة
وصدر العديد من ردود الفعل السياسية المستنكرة للخرق الإسرائيلي في منطقة الوزاني، وأدان «حزب الله» هذا الاعتداء الإسرائيلي الجديد»، معتبرا أنه «يرى في هذه الجريمة تذكيرا للبنانيين بحقيقة الكيان الصهيوني وطبيعته العدوانية وأطماعه في الأراضي والثروات اللبنانية»، مؤكدا «على التضامن الكامل مع الجيش والوقوف إلى جانبه قيادة وضباطا وأفرادا في مواجهته لهذا العدو المتغطرس»، لافتا الانتباه الى أن «أي اعتداء على أي طرف من أطراف معادلة الجيش والشعب والمقاومة هو اعتداء على لبنان ككل ما يستوجب تضافر كل الجهود لحماية الوطن وأهله وضمان سيادته».
واعتبر وزير الدفاع الوطني فايز غصن انه «على العدو ان يدرك اليوم اكثر من أي وقت مضى ان الجنوب ليس ساحة مستباحة او لقمة سائغة يسهل مد اليد اليها، وان الجيش اللبناني مظللا ومحاطا بشعبه المقاوم جاهز لصد أي اعتداء على السيادة وسيكون بالمرصاد لردع العدو عن التطاول على الارض والحقوق اللبنانية».
وأدان وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور «الخرق الإسرائيلي»، وقال «اننا على ثقة بان الجيش الذي نحييه في عيده وعلى تصديه للعدوان الجديد سيظل بالمرصاد لأي عدوان او خرق اسرائيلي للقرار الدولي 1701 الذي التزمنا وما زلنا نؤكد التزامنا اياه».
وشدد النائب ياسين جابر على ان الجيش اثبت انه الدرع الواقي للوطن في الدفاع عن كل شبر من أرض لبنان»، مشيدا «بدوره بالتصدي للعدو في ظاهرة بطولية مؤكدا ان «قوة لبنان تكمن اليوم في جيشه وشعبه ومقاومته، هذه المعادلة الذهبية التي يجب احتضانها ودعمها ومساندتها من كل اللبنانيين لمواجهة المؤامرات الإسرائيلية ضد لبنان».
وحذر النائب أنور الخليل من «تمادي العدو الإسرائيلي في خروقه واعتداءاته»، موضحا «إن الاعتداء على الجيش في الوزاني محاولة للنيل من كرامة اللبنانيين»، مشددا على أهمية «التمسك بخيار بناء استراتيجية وطنية للدفاع يكون عمادها الأساسي جيشا قويا وقادرا، ومقاومة شعبية ثابتة».
ونوه النائب علي عسيران «بتصدي الجيش في الوزاني مما يؤكد ان جيشنا وشعبنا ومقاومتنا بالمرصاد للعدو الاسرائيلي دائما، مطالبا الحكومة بتعزيز قدراته وامكانياته».
ورأى شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، أن «المؤسسة العسكرية ستبقى الدرع الحامي للوطن بوجه العدو الإسرائيلي، وما حدث في الوزاني خير دليل على ذلك؛ وهذا يؤكد الحاجة لدعم الجيش عدة وعديدا.
وأشاد حزب الاتحاد «بالتصدي البطولي الذي يقوم به الجيش لاي اختراق صهيوني للسيادة الوطنية انطلاقا من دوره ومهماته الوطنية» مشيرا الى انه» بفضل عقيدته القتالية يشكل مع الشعب والمقاومة ثالوثا وطنيا حاميا لاستقلال لبنان ووحدة اراضيه».
وقال رئيس «المجلس العام الماروني» وديع الخازن «لقد ولى عهد التعديات على حقوق لبنان من دون رادع لأن العدو بات يدرك أن العبث بالأمن الحدودي خط أحمر يحميه جيش قوي العزيمة وشديد البأس».
واكد النائب السابق فيصل الداود «ان الجيش الذي يحمل عقيدة وطنية قتالية، بات يمارس دوره الوطني ويؤكد تلازمه مع المقاومة واحتضان الشعب له». 

السابق
صيدا: أصحاب البسطات والعربات يرفضون تطبيق قرار بلدي بإزالتها
التالي
الفصائل الفلسطينية للحكومة: لرفع الحرمان.. والإجراءات العسكرية