سوريا الأسد: انتهت

المأساة التي شهدتها سوريا أول من أمس وشهر رمضان على الأبواب كانت صورة لنظام تحول إلى وحش مسعور يضرب ذات اليمين وذات الشمال بشكل هستيري يريد إرسال رسالة ترعيب ودم للناس كي لا يفكروا في لتظاهر أو الاحتجاج بأي شكل من الأشكال، وخصوصا وشهر رمضان على الأبواب يطل عليهم.

النظام السوري سعى بقوة لترويج وتسويق أكثر من نظرية لتفسير الاحتجاجات الشعبية العارمة المطالبة بإسقاط النظام، فتارة كان يروج عن قيام إمارات سلفية في حمص ودرعا، وتارة كان يروج عن وجود فرق مسلحة مؤيدة من الموساد والـ«سي آي إيه» وتارة كان يقول إن الإخوان المسلمين هم من يقف وراء الأحداث. المهم أن النظام السوري الذي انعزل بأسلوبه القمعي الدموي عن شعبه لم يتصور بالتالي حجم الرغبة في الخلاص منه، والكم الهائل من حالات الغضب بحقه.

وفي الأسابيع الأخيرة نشرت قوات الأمن التابعة للنظام والمعروفة باسم «الشبيحة» كما مهولا من السلاح بأيدي الثوار بصورة غير مباشرة رغبة من النظام في أن يستخدم الثوار السلاح ضد الأمن أو ضد أي من الأقليات كالعلوية والدروز والمسيحية والإسماعيلية والأكراد، إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث. وحاول النظام، الذي أقدم على خطوة بالغة الخطورة منذ أربعة أسابيع بسحب 4.6 مليار ليرة سورية بثلاث شاحنات كبرى في ضوء النهار من البنك المركزي السوري وإرسالها إلى مدينة القرداحة الجبلية مسقط رأس الرئيس الراحل حافظ الأسد وبعدها تم تفريغ ثلاثة مراكز رئيسية للسلاح وإرسال محتوياتها للقرداحة هي الأخرى وهي نفس الخطوات التي أقدم عليها الرئيس التونسي بن علي والرئيس الليبي معمر القذافي بسحب كميات نقدية كبيرة من البنك المركزي والاحتفاظ بها في أماكن خاصة وآمنة للصرف على المسائل الحيوية بشكل مباشر، حاول النظام أن يثير فتنا مناطقية بين حلب ودمشق من جهة وبين سائر المدن الأخرى، وكان يختار هاتين المدينتين ليقيم فيها حفلات غنائية راقصة في ساحات شعبية كبرى في نفس اليوم الذي كانت الدبابات والصواريخ تدك البيوت وتقتل الناس في مدن أخرى، وكذلك حاول أن ينجز فتنة طائفية بين السنة والعلوية في البلاد وبين المسلمين والمسيحيين لإفزاعهم وإرعابهم، حتى حاول النظام أن يخيف رجال الأعمال والاقتصاد ويوهمهم بأنهم هم المقصودون، وأن المال هو الغاية المنشودة. واستمرت المظاهرات تكبر وتزداد وكُسرت حواجز الخوف بلا رجعة وكبرت أعداد المتظاهرين، وحُررت مدن بأكملها من النظام مثل درعا وحماه ودير الزور والبوكمال، وبدأت تتساقط المدن الواحدة تلو الأخرى، وحتى حلب ودمشق تتشققان غضبا، وتثور الكثير من الجيوب فيها.

بشار الأسد فقد مصداقيته، وفقد شرعيته، وفقد آدميته باستمرار نهج الاغتيال المقنن بحق شعبه، ولم يعد أي حر أو صاحب ضمير في هذا العالم إلا ويدين جرائم النظام السوري ويطالب برحيله، ومن ثم محاكمته كمجرم حرب أباد شعبه. والسكوت على جرائمه هو المشاركة في الجريمة.

سوريا تحررت من الأسد وسيعود اسمها حرا كأهلها وكأرضها.

السابق
هل تُغيِّر روسيا إيجابيتها حيال الأسد؟
التالي
تعقل اسرائيلي!