حوار الدبابات في نفق طويل

ماذا بعد الاندفاع الشامل في الحل العسكري الذي هو أعلى مراحل الحل الأمني العاجز عن وقف التظاهر؟ هل بقي مجال لحل سياسي كان الحوار حوله نافذة فرصة مفتوحة حتى في ظلّ الحل الأمني أم ان الدبابات أغلقت النافذة؟ وهل كان الاصلاح السياسي خيارا فعليا للنظام، ولو بالاضطرار، أم عملية كسب وقت لإرضاء المطالبين بالاصلاح قبل مواجهة المطالبين بالتغيير المرددين شعار: الشعب يريد إسقاط النظام؟
مهما يكن الجواب، فان سوريا دخلت منذ ١٥ آذار في نفق طويل لا أحد يعرف كيف تخرج منه ومتى. لكن الكل يعرف انها لن تخرج كما دخلت، بصرف النظر عن نوع الرهانات في اللعبة الدموية. والمؤكد ان استخدام الدبابات في المدن يطرح أسئلة بأكثر مما يقدم أجوبة. فلا النظام يبقى كما كان، سواء صار أقوى كما تقول قيادته أو أضعف كما يقول المعارضون بعدما انهار حاجز الخوف. ولا المعارضون، ولو امتلأت بهم المعتقلات، يتراجعون عن المطالب التي تزداد جذرية بمقدار ما يزداد القمع.

ذلك أن أخطر ما يحدث هو سدّ الطريق على الحل السياسي. فالحسم العسكري ليس حسماً إلاّ على السطح، في حين انه يزيد الأمور خطورة في العمق. وليس من الممكن وضع دبابة لكل متظاهر. إذ حين تنسحب الدبابات تعود التظاهرات. وعندما تبقى يصبح السؤال هو: كيف يمكن ان يدوم هذا الوضع أو حكم الشعب هكذا؟ ثم ما هي الخيارات حتى في هدوء ما بعد عاصفة العنف؟ أليست الحرب الأهلية الباردة في أفضل الأحوال، أو الحرب الأهلية الحارة في أسوأ الأحوال، حسب تبادل الاتهامات بفتح الباب لها عبر الفتنة التي أسقطها الشعب السوري حتى الآن بالوعي وشعار: واحد، واحد، الشعب السوري واحد؟
الواقع ان أنصار النظام والمتمسكين به والخائفين من سواه ليسوا قلّة. لكن معارضيه الذين لم يعودوا خائفين منه ليسوا أيضا قلّة، ولا ما يقلقهم هو التخويف بالبديل. ومن السهل على النظام ألاّ يردّ على أحد في الداخل والخارج. لكن من الصعب ألاّ يضع في حساباته ما خسره في أشهر على صعيد العلاقات الاقليمية والدولية بعدما عمل لربحه على مدى سنوات. والاصعب هو استمرار الرهان على عوامل الخوف من التغيير بسبب الانعكاسات والمضاعفات التي تتأثر بها بلدان عدة في المنطقة حين يحدث تغيير دراماتيكي أو تستمر أزمة خطيرة في بلد له موقع جيو – استراتيجي ودور جيو – سياسي مثل سوريا.

لكن المستحيل ليس الانتقال الديمقراطي.

السابق
تعقل اسرائيلي!
التالي
“إعـادة انتشـار” للبطريـرك المارونـي تقلـق 14 آذار