غصن: الفرنسيون سيزيدون مساعداتهم للجيش والأميركيون مستمرون

 يأتي فايز غصن من تجربة كورانية عريقة في السياسة، ومن منطقة الكورة المجبولة بالتجارب السياسية والحزبية التاريخية، ليصبح نائب رئيس «تيار المردة» فايز غصن في الحكومة الجديدة وزيرا للمرة الاولى في تاريخه السياسي من ضمن حصة «تكتل التغيير والاصلاح»، وذلك على رأس حقيبة الدفاع السيادية بامتياز، ليضفي عليها بصمة وطنية في الزمن اللبناني والعربي والدولي الصعب.
حافظ فايز غصن منذ ولادة اتفاق الطائف حتى الآن، على ثوابته الوطنية، من دون ان يتكئ على حزبية ضيقة او فئوية، بدليل انه بعد تشكيل الحكومة لم يقطع خيطا مع طرف ولا حتى مع خصومه المحليين الكورانيين، وها هو في حواره مع «السفير»، يؤكد على اهمية الحوار الوطني للخروج من كل المآزق والازمات التي يمر بها البلد، ما يعني عمليا عدم تغييب أي فريق سياسي حتى اذا لم يكن ممثلا في الحكومة.
يؤكد غصن ان الحكومة الجديدة منسجمة تماما، «وكل امر في الحكومة قابل للحوار، ولا خلافات او مشكلات داخلها، بل ربما اسئلة او استفسارات تتم معالجتها فورا وبجلسة واحدة، وفي هذا يلعب الرئيسان ميشال سليمان ونجيب ميقاتي دورا ايجابيا، فرئيس الجمهورية يريد للحكومة ان تنجح، والرئيس ميقاتي كذلك وهو مرن ورجل حوار ونقاش وانفتاح.
وعما اذا كان يعتقد ان التمثيل المسيحي في الحكومة كافٍ ومقنع للشارع؟ يجيب غصن: انه مقنع وكافٍ تماماً، على الاقل «تكتل التغيير والاصلاح» ممثل بوزراء اكفاء وجديين ولهم تاريخ مهم في مجالات السياسة والعمل النقابي والمهني الناجح.
يضيف «الناس في الشارع المسيحي او في أي شارع تريد عملاً وانتاجاً وفرص عمل وتعليم وطبابة، وهذا ما نسعى لتوفيره، لكن البعض يطالب حكومة عمرها شهران بان تنجز كل الامور فورا، المالية والاقتصادية والمعيشية وهذا غير ممكن بفترة اشهر قليلة، ونحن نأمل ان تنجح الحكومة حتى يخرج البلد من مشكلاته، والنية موجودة للعمل والانتاج، ورئيس الحكومة رجل عملي و«شغيل»، فهو يعمل 14 ساعة او اكثر في اليوم، ويتابع كل شاردة وواردة بدقة.
وعن اولويات الحكومة السريعة، يقول غصن: نحن لا نعد بما لا نقدر على تحقيقه، الحكومة جديدة وامامها تراكمات كبيرة وسنجرب ان نسير وفق جدول زمني معين لتقديم انتاج يومي بعد انجاز الملفات والقضايا المتراكمة، هناك تصورات حول كل الامور ندرسها بعناية وتحتاج بعض الوقت لتنفيذها، الاكيد ان هناك تجانسا في الحكومة والافكار واحدة لاعطاء عمل منتج.
وهل الحكومة قادرة على الصمود بوجه الحملات والضغوط الداخلية والخارجية؟
يجيب وزير الدفاع: الحكومة اثبتت انها صمدت حتى الان وهي قادرة على الصمود اكثر بوجه كل العواصف والضغوط، لأن صاحب الحق لا يخشى شيئاً، وتاريخنا السياسي نظيف، ولم نأتِ لنعمل بكيدية وانتقام، بل نمد ايدينا لكل الاطراف لنبني لبنان معاً ولنبني دولة مؤسسات، لأن اللبناني ملّ من كل السلبيات ومن الصدامات والخلافات السياسية ويريد الايجابيات.
لست عابر سبيل في الوزارة
وعن رؤيته لتطوير الجيش وتعزيز قدراته؟ يقول وزير الدفاع «انا لم آت الى وزارة الدفاع كعابر سبيل، بل اريد ان اترك بصمة وان اضع اسسا قريبة وبعيدة المدى لتطوير المؤسسة العسكرية تبقى لمن ياتي بعدي، لضمان مستقبل واعد للجيش وللوطن، فيجب ان نقدم للجيش كل ما يلزمه من مساعدات غير مشروطة سياسيا، عبر صداقات لبنان العربية والدولية، وهناك طريقتان لذلك: اولا وضع قانون برنامج يؤمن للجيش كل احتياجاته، وهذا ممكن، إذ ان البلد غرق في ديون كبيرة على امور كثيرة واهمل الجيش وبخل عليه برغم كل التضحيات الكبيرة التي قدمها طوال مسيرته وبامكانيات ضئيلة. وثانيا عبر العلاقات اللبنانية الرسمية مع كل الدول الشقيقة والصديقة التي تقول انها ترغب بمساعدة لبنان في كل المجالات والجيش اهمها.
واكد غصن على متانة علاقته كوزير بقائد الجيش، ويقول: هناك تفاهم على كل الامور بيننا، والعماد جان قهوجي وطني ومنفتح وكفوء ولا يمكن ان تكون بيننا مشكلات او خلافات تخص عمل الجيش، وانا ابديت استعدادي لكل تعاون وعمل منتج لننهض بالمؤسسة والقائد كذلك، والتفاهم بيننا ضروري لان الجيش هو المؤسسة الوحيدة التي لم يدخلها الفساد والمحسوبيات ولم تخربها السياسة، وهي حاضرة لكل المهمات ومقبولة من كل الاطراف ومحتضنة من كل فئات الشعب، وعملها يخدم كل لبنان.
الروس والفرنسيون والأميركيون والمساعدات
ويشير غصن الى ان بعض الدول الصديقة مثل فرنسا لا تزال على استعداد لتقديم المساعدات للجيش، ويقول: كانت زيارة العماد قهوجي لفرنسا ناجحة جدا، وحصل على وعود بتقديم المساعدات المقررة ومساعدات جديدة، والسفير الفرنسي في بيروت دوني بييتون زارني واكد لي هذا الامر، وهناك مسؤول عسكري روسي معني بالمساعدات زارني ايضا ووعد بتقديم ما يمكن من مساعدات سبق ان طلبها لبنان لا سيما استبدال طائرات «الميغ» بطوافات حربية لانها عملية ومفيدة اكثر للجيش. اما المساعدات الاميركية فليس هناك قرار رسمي بوقفها، برغم الهمس الدائر في اكثر من مكان حول امكانية وقفها، وقد اكد لنا قائد المنطقة الوسطى في الجيش الاميركي مؤخرا ان المساعدات الاميركية لا زالت قائمة، المهم ان نعرف نحن ماذا نريد من دون ان تفرض علينا شروط.
وعن امكان تقديم ايران مساعدات للجيش؟ يقول غصن: نحن لم نطلب بشكل رسمي ولا ايران عرضت بشكل تفصيلي، وكل الامور قابلة للدرس. ونحن ندرس تنويع مصادر التسلح ونرحب باي مساعدة من أي بلد شقيق او صديق، لكن كما قلت من دون منّة او شروط من أي دولة ومن دون استعطاء وبما يحفظ كرامة لبنان والجيش. والوزير السابق الياس المر كان وزيرا ناجحا ومهد الطريق امامنا.
ويوضح ردا على سؤال، ان أي جديد لم يحصل بالنسبة للمساعدات العربية المقررة للجيش، ونحن سنطلب من الدول العربية اذا ارتأينا حاجة فالاشقاء العرب اولى بان نطلب منهم لأن لبنان كل عمره ملجأ للعرب ويحتوي كل مشكلاتهم.
ويؤكد غصن ردا على سؤال، ان هناك نية لزيادة عديد الجيش، وهناك عمليات تطويع حاليا لكنها مرهونة بتوافر الموازنة والتوازن الطائفي، وكلما توافر عنصر المال نقوم فورا بالتطويع، ونحن نحرص على حثّ المسيحيين على التطوع في الجيش، لأنه المؤسسة الاقدر على حماية المسيحيين وكل اللبنانيين وتوفير الضمانة لهم في لبنان.
زيارة الجنوب قريبا
وسئل الوزير غصن عما اذا كان ينوي زيارة منطقة الجنوب، فيجيب: سأزور الجنوب بعد وقت قليل، فنحن كنا بمعية رئيس الحكومة قبل مدة قصيرة عندما زار الجنوب، وكان مقررا ان يبيت ليلته هناك لكن الضرورات حتمت عودته في اليوم ذاته، لكني ساتفقد كل الثكنات والمواقع العسكرية، وسأعمل على تحسينها وتطويرها وتجهيزها بما يليق بالجيش، لكني افضل ان اقوم بالزيارة ويكون بيدي شيء عملي اقدمه للجيش هناك لا ان اقدم خطابات، خاصة لجهة تجهيز الثكنات العسكرية لانها تحتاج الى الكثير من التجهيز، او لجهة الرتب والرواتب وغيرها من امور ملحة تهم الجيش، خاصة بعد ما تعرضت له خلال حرب تموز.
مع خدمة العلم
وسئل عما اذا كان هناك نية لاعادة خدمة العلم؟ فيرد غصن: انا مع عودة خدمة العلم، لكن ليس بالطريقة التي كانت متبعة سابقا، بل يجب تطوير القانون بما يوفر لمّ الشباب اللبناني بطريقة وطنية صحيحة تعطي نتيجة اكبر، خاصة ان جزءا من هذا الجيل الجديد يفتقر الى التواصل الوطني الحقيقي مع الاخر نتيجة الوضع السياسي القائم، ونحن نريد ضمان مستقبل حقيقي مريح لهذا الجيل ضمن بوتقة وطنية صحيحة ودائمة ولا توجد مدرسة يمكن ان تبني الروح الوطنية الا مؤسسة الجيش. نريد ان نمنع الشباب من الانحراف والجيش هو المدرسة الوحيدة التي تفتح دروب المستقبل الصحيحة.
حملة لدعم الجيش
وعما اذا كان ممكنا اعلان اطلاق حملة شعبية للتبرع للجيش، يجيب وزير الدفاع: التجربة ممكنة وهي قابلة للدرس، لكني متأكد من ان الجيش لن يطلب طلبا مثل هذا، ولكن اذا ارتأى الرأي العام الشعبي ومؤسسات المجتمع المدني التحرك باتجاه تحضير برنامج تبرعات للجيش فهذا ممكن، وعلى الرأي العام ان يبادر، وهناك متمولون كبار يهمهم دعم جيشهم الوطني وهم قادرون على ذلك. ويفترض ان تكون هناك مجموعة من الرأي العام تاخذ هذه المبادرة على عاتقها.
مواقف سياسية
وعن رأيه بمواقف النائب وليد جنبلاط السياسية واصطفافه السياسي الوسطي وهل يستمر به؟ يقول غصن: نحن نكن كل احترام ومحبة لوليد بك منذ ايام الزعيم المرحوم كمال جنبلاط، ونعتقد ان ذكاءه السياسي وحنكته وثقافته تعطيه الدلالة للتوجه السياسي لاتخاذ القرارات الوطنية الصحيحة.
وكيف هي العلاقة بين تيار المردة والتيار الوطني الحر؟ يجيب غصن: مع العماد ميشال عون العلاقة علاقة خط سياسي وطني واحد، ونحن ممثلون في تكتل التغيير والاصلاح ونمثله ايضا في الحكومة، ولدينا ذات التصور والتفكير السياسي واهدافنا واحدة.
… والعلاقة مع مسيحيي «قوى 14 اذار»، يجيب وزير الدفاع: «لهم تطلعاتهم الخاصة ولنا تطلعاتنا، ونامل ان يقتربوا منا، فالبلد يحتاج الى تفاهم وحوار، وعلى أي طرف ان يتفهم الطرف الاخر لنصل الى الحلول للمشكلات القائمة ولا مجال لذلك الا بالحوار. لا خصومة شخصية مع احد، ونحن نحاول ان نقدم ايجابيات معينة نامل ان يتجاوبوا معها.
ترسيم الحدود البحرية قريبا
وعن مصير ترسيم وتحديد الحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية الخالصة؟ يقول غصن: عملية تحديد الحدود البحرية واضحة، هناك اعتداء اسرائيلي واضح على حدودنا المائية بمساحة 850 كلم مربع على شكل مثلث قرب الحدود مع فلسطين المحتلة، ونحن نعمل ونسعى لاستعادتها بكل السبل، والاعتداء البحري ربما كان اخطر من الاعتداء البري، لأننا هنا امام منافع اقتصادية كبيرة للبنان، لذلك ندرس الامر بدقة حتى لا نرتكب أي دعسة ناقصة، وهذه مسؤولية وطنية لكل الاطراف، والحمد لله حصل اجماع وطني على هذا الامر، ونحن لدينا وثائق وقرائن جمعنا بعضا منها ونعمل على الباقي لاثبات حقنا في مياهنا وثروتنا البحرية، وقد بدأنا الحوار مع قبرص وسننتهي من الموضوع خلال فترة زمنية قصيرة. 

السابق
تظاهرة القبّة تتحوّل ضد حزب الله وإيران
التالي
صيدا تعيش المساكنة السياسية