«قبل الشاه وبعده» لا فرق.. «قبل صدام وبعده» لا فرق

 مطلوب التذكير بالسبب الذي دفع الكويت الى دعم صدام حسين ابان حربه مع ايران وتكرار المعلومات التي تتبخر مع الايام، وذلك على النحو التالي:
1- في عام 1979 زار وزير الخارجية الكويتي ـ سمو أمير البلاد حاليا ـ طهران بعد سقوط الشاه، والتقى الامام الخميني قبل أي وزير خارجية آخر وجلس معه على الارض، مهنئا ومباركا للتغيير.

2- فاجأت الاذاعة الايرانية الجميع، وبغير سبب أو حدث معين بسلسلة من التهديدات للكويت ودول الخليج، ونقلت تصريحات لوزير الداخلية آنذاك «خلخالي» يتحدث فيها عن تصدير الثورة الى دول الخليج.

3- بعد انتهاء الحرب مع العراق انتقد السيد علي هاشمي رفسنجاني في عدد من خطبه ما حدث قائلا: «لقد كنا سببا في وقوف دول الخليج وراء العراق بسبب تلك التهديدات التي لا فائدة منها سوى حب الظهور لدى البعض».

4- كان الموقف العربي داعما وبقوة للعراق في حربه مع ايران، باستثناء سورية للخلاف المعروف بين حزب البعث العراقي والسوري.

5- كان الغرب أيضا داعما للعراق، وجعلت الزيارة الشهيرة لوزير الدفاع الاميركي «ديفيد رامسفيلد» لبغداد ذلك الدعم علنيا وصريحا، وكانت الصواريخ الفرنسية «أكزوسيست» تمثل أهم أسلحة القصف لدى الجيش العراقي.

6- الموقع الجغرافي للكويت حساس جدا فهو على بعد عشرة كيلومترات فقط من رأس بيشة في الفاو، وهي منطقة عمليات حربية، الامر الذي جعل الكويت سياسيا وعسكريا في دائرة الحرب وتأثيراتها الميدانية، فالمدفعية مسموعة في شمال الكويت والجثث الطافية تصل الى سواحلها وحركة الطيران تخترق أجواءها …الخ.

في ضوء هذه المعطيات هل كان بإمكان الكويت الوقوف على الحياد ازاء طرف يهدد سلامتها علنا، وتجاهل من يقاوم ذلك الطرف؟! ان الكويت لو فعلت ذلك لاعتبر العالم غزو العراق لها بعد انتهاء حربه مع ايران، مسألة تسوية حساب ولم تكن الكويت لتحصل على التعاطف الدولي الذي ساعد على تخليصها من الاحتلال.

ان أخطاء السياسة الايرانية الخارجية ـ والداخلية ـ لا تحصى وخلافات الساسة في طهران كثيرة، ولا يغير من هذا الواقع التحالف الحالي مع الولايات المتحدة في العراق والذي فرضته مصالح طرف آخر قابع في واشنطن، يوجهها فيما يناسب تل أبيب، وتجارة السلاح.

واذا أراد الاخوة في العراق تكرار حالة العداء فانهم بذلك يقدمون المبرر لموقف الكويت ابان حرب الثماني سنوات بوقوفها مع صدام بعد تهديدات ايران على أساس «عدو عدوي، صديقي»، وعندها لا نجد فرقا بين الوضع قبل وبعد صدام، مثلما هو الحال في ايران، قبل الشاه وبعده، وهذه حالة استثنائية في القاموس السياسي الدولي، بعبارة أخرى هل تستطيع أن تتخيل أن تستمر حالة العداء المستحكم بين كوريا الشمالية والجنوبية بعد سقوط نظام ابن كيم ايل سونغ؟ هذا لا يحدث الا في منطقتنا، فلم تتغير ايران بعد الشاه ولا العراق بعد صدام بشيء آخر سوى الشعارات الفارغة.

كلمة أخيرة: مساواة «بعض» العراقيين بين ايران التي تقصف أراضيهم والكويت التي تبني منشآت في أراضيها تعكس الضعف التام، فالقصف العسكري يعني اعلان حرب، ولكن العجز حوّل أنظارهم الى الكويت التي لا تملك ميليشيات ومراكز مخابرات عندهم، اذا لم نقل ان ذلك يصرف الانظار عن ذلك القصف! 

السابق
من الخيارات الضيقة الى خيار مغلق؟
التالي
تيس نجران وشهر الرحمة