عون يُحضّر لانتخابات 2013 …وما بعدْ بَعْدَها!

لا يبدو "الجنرال" مستعدّا لإضاعة الوقت. بالنسبة إليه، "الجنازة حامية… ولكن!"

مرتاح إلى أنه "مدعوم". لا رأس كبيرا أمامه في هذه الدولة. "إنّها دولتنا". ومع الحلفاء الأقوياء نستطيع أن نقول لهذا الجبل "إنتقِلْ!"…فينتقِل. ومن لا يصدّق يُحِلْه عون الى وليد جنبلاط الذي "انتقَلَ" بـ"جَبَلِهِ" في لحظة. لكنّ المفارقة، هي أنّ خصومه المسيحيين يحيلونه اليوم إلى "جبل لاسا وسائر الجرد": الجبل هنا وهناك!

يعتبر "الجنرال" أن استثماره الحقيقي لكسب المعارك السياسية هو في تموضعه الإستراتيجي. ولذلك يخشى أن تؤدّي التطورات في لبنان وسوريا إلى ضعف المحور الداعم له. ويستعجل قطف ما يمكن من مكاسب وأرباح متاحة، من باب الاحتياط.

في الحكومة، صارع خمسة أشهر، ونجح في تحصيل الثلث. وهو يستعدّ لفتح معركة مع ثلثها "الوسطي" لـ"تطهير" الإدارات والأجهزة الأمنية والقضائية من الأسماء غير المرغوب فيها.

نوّاب… وحسابات

لكنَّ في خلفية معارك "الجنرال" الحالية هدفا واحدا. هو يريد إثبات أنه الزعيم المسيحي الأقوى، بعدما كان يرفع سابقا عنوان "الزعيم الأوحد". وبناء على ذلك، يريد أن يبني موقعه في أي تركيبة تفرضها التحولات: الوكيل الحصري، أو شبه الحصري، للزعامة المسيحية في لبنان.

الهمُّ الأساسي لدى "الجنرال" هو التحضير لمعركتين حاسمتين: إنتخابات 2013 النيابية وانتخابات 2014 الرئاسية. هنا يصبح الاستثمار رخيصا مهما غلا سعره. ولن تتكرر الفرصة- إذا أتيحت- لأن الوقت له دوره الحاسم بالنسبة إلى "جنرال" في فترة التقاعد.

نوّاب الرابية تبلّغوا ذلك. لكنّهم يشعرون بالإرباك. فهم أولا لايطمئنّون إلى أنه سيعتمدهم في الانتخابات المقبلة. ومنهم من وصل إلى الرمق الأخير في دورة 2009 قبل أن يحظى بإدراج اسمه في اللائحة البرتقالية، وكابد الكثير. وهو لا يعرف إذا كان "غريمه" الذي لم يصل في تلك الدورة مستعدا للتضحية أكثر هذه المرة، فـ"يكافئه" "الجنرال".

كما أنهم لا يعرفون أي معادلة سياسية سيكون فيها البلد والمنطقة بعد عامين. فالتطورات تقاس بالأسابيع والأشهر لا بالسنوات. ولذلك لا يبدي هؤلاء النواب حماسة لإطلاق العنان لمواقف "عونية" صاخبة.

وثمّة بينهم من هو صامت ومنكفئ عن الشاشة بعدما كان "الديك الصيّاح" يوميا.

يهزّون الرؤوس

هؤلاء النواب يستمعون إلى "الجنرال" في مجلسه في الرابية. يهزّون برؤوسهم بالموافقة على كل شيء، وخصوصا بالنسبة إلى ضرورة التواصل و"إقناع" القواعد الشعبية، كل في دائرته الانتخابية، بصوابية مواقف "التيار". لكنّهم عندما يخرجون من الرابية يتبادلون الحديث عن المصاعب والإشكالات.

يقول أحد هؤلاء النواب إنّ هذه المواقف لا تلتقي مع توجّهات القواعد المسيحية. و"كلما عملنا على جذب الناخبين، جاء موقف سياسي يبعدهم أكثر". ولا يخفي هؤلاء أن الدفاع الحاد عن "حزب الله" وسلاحه، ومنحه الدعم المطلق في الإمساك بقرار الحرب والسلم وبكل مفاصل السلطة يثير حفيظة حتى أنصار "الجنرال" الخُلَّص. ويعتقد هؤلاء أنّ ذلك سينعكس تراجعا شعبيا في الانتخابات النيابية المقبلة، كما في انتخابات 2009.

وجاءت قضية لاسا في الظرف العصيب. فالمعني الأساسي بها هو البطريركية المارونية. وهناك استياء شعبي مسيحي من مواقف "الجنرال" المتهاونة إزاء استباحة أملاك الكنيسة، فيما الشعارات المرفوعة في الرابية هي استعادة الحقوق المسيحية الضائعة. وهناك أكثر من لاسا واحدة في عدد من المناطق، بدءا من بيروت وضواحيها.

وفي رأي هذا النائب أن المحاولات لترميم العلاقة مع بكركي في عهد البطريرك بشارة الراعي تتأثر بتجربة لاسا، بعدما أصيبت بنكسة عدم قدرة "الجنرال" على الوفاء بوعده للبطريرك "استعادة" موقع المدير العام للأمن العام.

ويبدو الحوار المسيحي- المسيحي على مفترق حاسم بعدما أعلن الدكتور سمير جعجع أنه سيَعُدّ إلى العشرة قبل العودة إليه. فنظرية الحوار أدّت أدوارا إيجابية في بعض جوانبها، وانعكست ارتياحا شعبيا، وخصوصا في الشمال، لكن أجواء الرابية لم تكن منسجمة تماما مع مستلزمات هذا الحوار.

قبل أوانها بكثير

في الانتظار، واستباقا لأي تقلبات سياسية تعيد خلط الأوراق، يسرّع العماد ميشال عون وحلفاؤه "طبخ" قانون للانتخابات مناسب لهم. وهو يطمح إلى أن يتيح له ذلك تولّي وزير قريب منه حقيبة الداخلية. ومن هنا استعجال الحكومة الحالية وضع قانون جديد، فيما كانت القوانين غالبا تنتظر ربع الساعة الأخير قبل انقضاء المهلة القانونية.

والمجلس النيابي المقبل يمثّل لـ"الجنرال" الفرصة الأخيرة للوصول إلى بعبدا. ومن أجل هذا الهدف تهون المواقف والمواقع وتُبرَّر التنازلات والتموضعات.

فتجربة 2008 انتهت بالتوافقي ميشال سليمان في تسوية الدوحة. لكن زمن التسويات ولّى. ويطمح عون إلى كسب معركة "كسر عظم" لا بدّ من أنها آتية بين محورين متوازيين لا يلتقيان!

لكنّ طموح "الجنرال" مبكر، في المجلس النيابي والرئاسة. والرهانات اليوم على معارك 2013 و2014 تبدو كرهان العثور على إبرة في أعماق المحيط.

 

السابق
الشرق الأوسط : سوريا: القتل مستمر.. وفيلتمان: الأسد لن ينتصر
التالي
حول عالمية الثورة العربية