الوقت الضائع والبلد السائب…

يستطيع أي لبناني، أي غريب، أي مجهول الهوية، أن يكسر مزراب العين ساعة يشاء. فتدبّ الفوضى في بلد الفوضى الدائمة. وينتشر الذعر والقيل والقال في بلد لم يعرف الاستقرار ولم يذق طعم الطمأنينة منذ زمن بعيد.

بل في امكان أية فئة منفوشة الريش، تنتمي الى هذا الحزب او ذاك التيار، أن تطفّش القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان بأسهل السبل والطرق والوسائل والتفجيرات.
ولا مِن شاف ولا مِن دري…

وذيول متفجّرة جنوب صيدا التي استهدفت ابناء الام الحنون، دفعت ايطاليا الى التعجيل في سحب عدد كبير من جنودها. كما حرّكت عوامل القلق والشوشرة لدى الدول الاخرى المساهمة في القوة الدولية.

مَن الفاعل؟ هذا السؤال قد يبقى معلقاً الى دهر الداهرين. مَن المستفيد؟ كثيرون، من داخل ومن خارج.

ولا داعي الى التسمية. يكفي القول إن المتضررين من عودة الدولة والمؤسسات والقانون وسلطة الجيش وقوى الامن، هم اياهم متضرّرون من وجود
"اليونيفيل" في منطقة تتمتع باهتمام فوق العادة. وأبعد من المحلي والإقليمي.

وليس من اليوم، بل منذ زمن "فتح لاند"، ومنذ استبيحت سيادة لبنان وأراضيه، وهزلت دولته وتضاءل حضورها ونفوذها، وانهارت هيبتها.

بعيداً من ذلك. بل قريباً منه، يمكن الانتقال الى فصول أمنية – سياسية جديدة، وفي نطاق استباحة الأمن.

وإن لم يكن على غرار ما فعله النروجي أنديرس بريفيك ومجهول متفجرة "اليونيفيل"، فعلى نحو ما حصل سابقاً ولاحقاً داخل حرم المطار وحوله وحواليه، وما يحصل حالياً في لاسا حيث يختلط الحابل بالنابل. وحيث يضيع الوقت بالمشاع. ويتداخل الخاص بالعام. وحيث فعل "التسييب" واحد. في أعالي منطقة جبيل، كما في عموم مناطق الجنوب "المقتطع" بصورة شبه رسميّة، و"الخارج" بكل تفاصيله عن سلطة الدولة.

ومن أيام "الماريشال" أبو الجماجم وسائر الأبوات…

ليس من الضروري طرح اسئلة ساذجة، مرفقة بعلامات استفهام وتعجّب: مثلاً، كيف يكون ذلك؟ أين الدولة؟ أين سلطة القانون؟ أين الهيبة والوهرة والزأرة… وما تبقّى من الأسئلة المشابهة، التي تثير الشفقة لا الضحك؟
الآن، في هذه الساعة والأيام، ما من حديث سوى حديث الوقت الضائع، والانتظار، ريثما تتوضّح صورة التطوّرات في الجوار، في الداخل السوري، وبالنسبة إلى حجم انعكاساته وذيوله في ربوع الشقيق الصغير الذي لن يبلغ سن الرشد، ولن يصير يوماً وطناً حقيقياً، سيداً حراً مستقلاً…

منهم مَن يلعب على الحبل، ومنهم مَن يلعب بالنار.

السابق
أوساط دار الفتوى تستغرب الحملة الحريرية على قباني
التالي
لبنان المستباح من الداخل والخارج