السياسيّون «يكشفون» مفجّري اليونيفيل

 في لبنان لا داعي لتحقيقات ولا لأجهزة أمنية أو قضائية، فالسياسيون «يعرفون أكثر»، بدليل تحديدهم لمن يقف وراء الاعتداء على القوة الفرنسية، فهو إسرائيل حتماً عند فريق، و«أكيد أكيد» حزب الله وسوريا عند آخر
رغم وجود تباين بشأن طاولة الحوار وجدول أعمالها، كان موضوع استئناف جلساتها محور لقاء أمس بين رئيسي الجمهورية ميشال سليمان ومجلس النواب نبيه بري، غادر بعده الثاني قصر بعبدا دون الإدلاء بأي تصريح، تاركاً الكلام لساحة النجمة، حيث جدد في لقاء الأربعاء النيابي تشديده على «أهمية الحوار الوطني، وخصوصاً في ظل الأوضاع والتطورات التي تمر بها المنطقة»، مردفاً أن «لبنان ليس جزيرة منعزلة، وكل خطوة تحصّنه يجب عدم التردد في القيام بها». ورفض مقولة ان «الحوار غطاء للحكومة»، بل هو «غطاء لكل الوطن وليس لفريق دون آخر». وأكد في مجال آخر أن مجلس النواب سيواكب عمل الحكومة عبر عقد جلسات تشريعية بانتظام، وكذلك «سيراقب هذه الحكومة كما فعل بالنسبة إلى الحكومات السابقة، ولا سيما في الشأن المالي».
واستعداداً للجلسة التشريعية في الأسبوع المقبل، ترأس بري اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس، أعلن بعده النائب مروان حمادة وجود تفاهم على جدول أعمال الجلسة، وقال إنه جدول شبه كامل «والحبل على الجرار، وقد تأتي مشاريع واقتراحات قوانين من الآن لغاية الجلسة، والرئيس بري يتبع الآلية القانونية». وإذ كرر حمادة حصول تفاهم على الجدول، عقّب النائب سيرج طور سركيسيان «لكننا لم نكن على تفاهم مع الحكومة وتصرّفها»، وهنا أضاف الأول أن «الأوراق من الممكن أن تشهد سخونة». وذكر الاثنان أن جدول أعمال الجلسة يتضمن 68 مشروعاً واقتراح قانون، منها 48 كانت على جدول الجلسة التي لم تعقد في 8 حزيران الماضي، و20 أضيفت لاحقاً.
وبينما كانت الرئاستان الأولى والثانية تبحثان في كيفية إطلاق الحوار، انطلق من معراب موقفان معارضان للحوار، الأول من قائد القوات اللبنانية سمير جعجع الذي قال: «قبل الدعوة إلى الحوار عليهم ترتيب وضع الجمهورية. فكيف سنتوجه إلى الحوار ما دام حزب الله قد حسم الموضوع الذي هو الدافع إلى هذا الحوار وهو الاستراتيجية الدفاعية؟ وليطرح الأمر من داخل المؤسسات الدستورية». والثاني لنائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري الذي لم ير في عدم مشاركة 14 آذار إضعافاً لرئيس الجمهورية، لأن الأخير في رأيه لم يعد في موقع وسطي، وهو «يرضخ لضغوط الفريق الآخر، وبالتالي نحن لا نستطيع تقوية هذا الموقع فيما الرئيس يرفض تقويته».
لكن البارز في كلام جعجع لم يكن موقفه من الحوار، بل مساواته لمواطنين لبنانيين بالجيش الإسرائيلي، عبر تعليقه على كلام العماد ميشال عون على مشروعية استخدام السلاح وكل وسيلة متوافرة لتحرير الأرض، بالقول: «ليت الجنرال عون يساعدنا على تحرير الأراضي المتنازع عليها في لاسا قبل تحرير شبعا وكفرشوبا»، في وقت كان الرئيس أمين الجميّل يجول فيه في بلدة الغابات في قضاء جبيل متضامناً، ومعتبراً أن «الاستمرار بالتطاول والاستيلاء على أملاك الغير وتجاوز كل حقوق هي مشروع فتنة، ومن يقم بذلك هو من يزرع الفتنة في المنطقة وسنكون له بالمرصاد».
أما الموضوع الذي استأثر بمعظم المواقف أمس، فكان حادث الاعتداء على قوة فرنسية من اليونيفيل جنوب مدينة صيدا، وكالعادة حظي هذا الاعتداء بموجة استنكار واسعة شملت جميع المراجع السياسية والدينية. وكالعادة أيضاً، حفلت بعض التصريحات بتحليلات واتهامات لم تترك أي مجال لتحقيقات الأجهزة المعنية. فمن جهة ركّزت قوى الأكثرية على عدم استبعاد الأصابع الإسرائيلية، ومن جهة أخرى وزّعت قوى المعارضة اتهاماتها على حزب الله وحلفائه الإقليميين. فبالنسبة إلى الرئيس الجميّل، الحادث كان متوقعاً «نظراً إلى وجود سلاح غير شرعي وبؤر أمنية خارجة عن سلطة الدولة، وهو اعتداء يؤكد وجود أطراف لبنانية وغير لبنانية تتربص بالقرار 1701 وتعمل على عرقلة مهمة القوات الدولية للاستئثار بالوضع في جنوب لبنان وتثبيته ساحة للصراعات في هذه المرحلة التي تشهد اضطرابات في عدد من الدول العربية».
و«البؤر الأمنية» حضرت أيضاً في تصريح لرئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة كسبب «يسمح بهذا الفلتان المتمادي والحوادث الخطيرة»، إضافة إلى قوله إن هناك من يستخدم لبنان «صندوقة بريد لإيصال رسائل في كل الاتجاهات». أما عضو الكتلة النائب جمال الجراح، فاستنتج أن حادثة جنوب صيدا هي للقول لفرنسا إن «موقفها ممّا يجري في سوريا غير مرحّب به وستدفع الثمن في لبنان من خلال قواتها المشاركة في اليونيفيل».
وشاملة الكل، استنكرت الأمانة العامة لقوى 14 آذار الاعتداء «المنفذ في توقيت إقليمي مشبوه ولمصلحة محور إقليمي بذاته»، معتبرة أن الجهة المعتدية «ما كانت لتعتدي أصلاً لولا المناخ المعادي للشرعية والقرارات الدولية الذي يضخّه فريق حزب الله». وطالبت في مجال آخر جامعة الدول العربية بـ«العمل على وقف حمام الدم الذي يستهدف المواطنين السوريين».
في هذا الوقت، ولسبب مالي وداخلي لا علاقة له بالاعتداء، قررت إيطاليا تقليص عديد قواتها في لبنان من 1780 عنصراً إلى 1080، تطبيقاً لمرسوم اشتراعي يشمل إعادة 2028 جندياً من عدد من البلدان بحلول العام المقبل، العدد الأكبر منهم من ليبيا، 884 عنصراً.
 

السابق
جولة جنوبية لـ «Viva Palestine»
التالي
«اليسوعية» تخرّج 389 طالباً في «الأعمال»