الجمهورية: تفجير “اليونيفيل” يستنفر المجتمع الدولي ويسحب 700 إيطالي

 كتبت "الجمهورية " تقول ، إحتلّ مستقبل قوّة حفظ السلام الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) صدارة الاهتمامات المحلية والإقليمية الدولية، وذلك في ضوء تفجير موكب الكتيبة الفرنسية المؤلل أول من أمس في صيدا الذي أثار مخاوف المجتمع الدولي على مستقبل "اليونيفيل" في لحظة حساسة جدا، مطلقا دعوات الى الحكومة اللبنانية لإجراء تحقيق كامل في الحادث وضمان سرعة تقديم الجناة الى العدالة. في وقت تزايدت الأسئلة عن المستفيد من تعكير الاستقرار اللبناني في هذه المرحلة.
لكن هذا التفجير لم يحجب الاهتمام عن متابعة ملفات لبنانية عدة، لا سيما منها ملف المحكمة الدولية الخاصة بلبنان قبل أيام من انتهاء مهلة الثلاثين يوما لتسليم المتهمين الاربعة من كوادر حزب الله في جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري، اضافة الى متابعة القراءات في كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في ضوء دخول "الحرب النفطية" بين لبنان واسرائيل في مرحلة جديدة، وتحرك رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لمعاودة الحوار الوطني.
ورأت مصادر دبلوماسية غربية في حادث صيدا "عمليات تهويل وانذارات مبكرة للغرب لخلق حالة معينة مرعبة تنذر باحتكاك بين حزب الله واسرائيل وهذا ما يخيف الغرب، ما استدعى استنفارا دوليا شاملا، إذ كلما شعر النظام السوري بقلق على نظامه، وكلما صدر تصريح دولي حول ما يجري في سوريا، يتم الرد عليه بطريقة مجهولة ومن الساحة اللبنانية الحساسة جدا".
وتأكيداً لنتائج التحقيات الاولية في حادث صيدا التي نشرتها "الجمهورية" امس، قالت مصادر امنية انّ الجيش اللبناني والقوة الدولية ضبطا 80 مترا من الشريط الذي أستخدم في تفجير العبوة بالدورية الفرنسية المؤللة تلافيا للتفجير اللاسلكي الذي كان يمكن أجهزة التشويش التي يستخدمها الموكب ان يعطله. كذلك تم مسح المنطقة بواسطة كلاب بوليسية إنطلاقا من موقع مفجّرالعبوة ولاحقت أثره، ما يدل الى الوسيلة التي إستخدمها في الهروب بعد التفجير.
وقال مرجع يتابع التحقيقات ان البحث جرى في محيط المنطقة في دائرة 50 مترا بحثا عن آثار منفذي التفجير لأن الطريق في المحلة التي تم فيها متعرج مما يفرض على الآليات الثقيلة التي تعبره تخفيض سرعتها الى حدود 10 كيلومتر في الساعة الامر الذي سهّل على الفاعلين تفجيرها. ورأى المرجع في إستهداف الآلية الأخيرة من الموكب المكون من خمس ناقلات جند مثلما حصل مع موكب الكتيبة الإيطالية قبل شهرين في الرميلة شمال صيدا، كان هدفه التحكّم بها ومنع العسكريين في الآليات الأخرى من التدخل لحمايتها وملاحقة المهاجمين.
ولاحظت مصادر دبلوماسية "ان ردات الفعل الدولية على الحادث لم تقتصرهذه المرة على التنديد بها انما اقترن بمطالبة الحكومة اللبنانية بإجراء تحقيق وتقديم الفاعلين الى العدالة واكدت ان الموقف الدولي يؤكد عدم التراجع امام هذا النوع من العمليات الإرهابية، لا بل سيكون له ردات فعل، بحيث يمكن ان يبحث مجلس الأمن الدولي في تعديل قواعد الاشتباك التي تعتمدها "اليونيفيل"، في وقت يسود شعور لدى الدول الكبرى بأن الوضع في لبنان خطير نتيجة ما يجري في العالم العربي، وما جرى في الجولان أخيرا ، وكذلك في ضوء التحصينات التي يقيمها حزب الله والحديث عن "ودائع اسلحة ايرانية"، الامر الذي سيدفع في اتجاه تعزيز القوات الدولية على نحو يجعلها قادرة على مواجهة كل الاحتمالات التطورات".
وفي اطار ردود الفعل دان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بشدة الاعتداء على الفرنسيين، آملا في أن يتم التعرف على الجناة سريعا وتقديمهم إلى العدالة. وإذ أبدى انزعاجه الشديد مما حصل، شدد على أن أمن موظفي الأمم المتحدة في لبنان وسلامتهم يعد أمرا بالغ الأهمية.
وبدورها الولايات المتحدة الأميركية دانت بقوة الاعتداء على الفرنسيين ودعت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هايدي برونك فولتون حكومة لبنان الى "اجراء تحقيق كامل في الحادث وضمان سرعة تقديم الجناة الى العدالة"، واكدت مواصلة دعم بلادها ولاية "اليونيفيل" لمراقبة وقف الاعمال العدائية بين اسرائيل ولبنان ومرافقة ودعم القوات المسلحة اللبنانية فيما تقوم بعملياتها في كل انحاء جنوب لبنان".
وكررت فرنسا ادانتها الشديدة للاعتداء على جنودها ودعا وزير دفاعها جيرار لونغيه السلطات اللبنانية وقوات "اليونيفيل" الى "التعرف بسرعة على الجناة وتقديمهم للعدالة"، مؤكدا "ان امن قوات الامم المتحدة في لبنان وسلامتها امرمهم جدا.
ومن جهتها الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون دانت الاعتداء واكدت ان "اليونيفيل، إلى جانب القوات المسلحة اللبنانية تلعب دورا حاسما في الحفاظ على السلام في جنوب لبنان". ودعت السلطات اللبنانية الى التحقيق في أسباب هذه الهجمات وتقديم مرتكبيها الى العدالة.
وجددت اسبانيا التزامها التعاون مع القوات الدولية ضمن اطار الامم المتحدة لحفظ الامن والاستقرار والسلام في لبنان، مشيرة الى "ان قوات "اليونيفيل" تلعب دورا حاسما في تحقيق تلك الاهداف في المنطقة". ودعت الاجهزة اللبنانية المعنية الى التحقيق في الاحداث والكشف عن الفاعلين وتقديمهم للعدالة. واعربت عن "تضامنها الكامل مع الحرجى وأُسرهم في هذه الاوقات الصعبة متمنية لهم الشفاء العاجل".
وبدا أن الحادث سرّع قرارايطاليا بخفض عديد كتيبتها العاملة ضمن "اليونيفيل" بحيث صادق مجلس الشيوخ الإيطالي على مرسوم اقترحته الحكومة، بأكثرية 269 عضواً مقابل معارضة 12 وامتناع واحد، ويقضي بخفض عديد العسكريين العاملين في مهمات حفظ السلام الدولية من 9250 وحدة إلى 2028 وحدة في العام 2012.
وبحسب المرسوم، لن يطرأ أي خفض على عديد القوات العاملة في أفغانستان التي يبلغ مجموعها 4,200 جندي، فيما ستتم إعادة 700 جندي من لبنان حيث يشاركون في قوات "اليونيفيل" وكذلك سيعود من ليبيا 884 جنديا ومن البلقان 271 جنديا.
في مجال آخر، رأت مصادر سياسية مطلعة في معادلة نصر الله الجديدة حجة لديه ضد المطالبين بنزع سلاح المقاومة من جهة وردة فعل على المحكمة الدولية من جهة اخرى، فهو استفاد من مناسبة اقليمية ليقارب الموضوع من هذه الزاوية ويقول ان الدولة عاجزة عن المحافظة على الثروة المائية بامكاناتها العسكرية ونحن سنحافظ عليها بسلاح المقاومة فيما 14 آذار تطالب بنزعه.
في المقابل، اعتبرت اسرائيل إن الحزب يبحث منذ إنسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان عن نقاط احتكاك مع إسرائيل من اجل استمرار الصراع معها ومع الجيش الإسرائيلي، "وقد استخدموا مزارع شبعا والآن نرى أن هناك سيناريو مزارع شبعا جديدة وأيضاً من أجل استمرار الصراع، وهذا الصراع سوف يكون هائلاً لأن الحديث يدور حول الكثير من الأموال"، وذلك حسب محلل الشؤون العسكرية في "القناة الثانية" الاسرائيلية نير دفوري.
وذكر تقريرغربي "ان البحرية الإسرائيلية كثفت من دورياتها أخيرا على طول الحدود البحرية المتنازع عليها مع لبنان لتعزيز الأمن في حقول الغاز في "تامار" و"لفيتان" التي تم اكتشافها في عامي 2009 و2010 على الحدود الخارجية للمياه الإقليمية الاسرائيلية، بواسطة "ديليك إنرجي غروب"، تحتوي على احتياطي من الغاز يقدر بـ 238 و458 بليون متر مكعب على التوالي". وكشف التقرير "أن الحكومة القبرصية وجّهت رسالة الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تقترح فيها اعادة التفاوض بين لبنان وقبرص حول حدودهما المشتركة". ورأى "ان خطوة نيقوسيا هذه، والتي لم تكن إسرائيل على علم بها، ستعوق بلا شك عملية ترسيم الحدود البحرية الاسرائيلية، التي هي في الأصل عملية معقّدة وتحتاج الى وقت". 

السابق
الأخبار : السياسيّون “يكشفون” مفجّري اليونيفيل
التالي
الحياة : هل يخوض لبنان مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل