الازمات الدولية”: الاصلاح في البحرين او مأزق مكلف ومديد

ما لم توافق جميع أطراف الصراع على إطلاق حوار شامل للتوصل إلى إصلاح ذي معنى، فإن البحرين تتجه إلى مأزق سياسي مكلف وطويل الأمد.

 طريق البحرين الوعرة نحو الإصلاح، وهو أحدث تقارير مجموعة الأزمات الدولية، يدرس الوضع في هذه المملكة الجزيرة بعد خمسة أشهر من اندلاع الاحتجاجات الشعبية، التي تبعها قمع حكومي وحشي. أسهمت موجة العنف في إحداث مزيد من الاستقطاب في مجتمع منقسم أصلاً على أسس طائفية وحطّمت الآمال التي عُلقت على إجراء إصلاحات سياسية حقيقية، وهو ما يثير أسئلة جديّة حول استقرار الدولة.

يقول يوست هلترمان، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات، "في حين كان معظم المتظاهرين يطالبون بإصلاحات سياسية تفضي إلى ملكية دستورية في الأيام الأولى للانتفاضة، فإن المحتجين بدؤوا، وعلى نحو مضطرد، بتبني المطلب الأكثر راديكالية والمتمثل في استبدال النظام بجمهورية ديمقراطية. مع شعور النظام بالتهديد، رد بمزيد من القمع. وقد وضع ذلك حداً للحديث عن الحوار والإصلاح وأضعف موقف الدعاة الرئيسيين للحوار".

في شباط/فبراير وآذار/مارس 2011، شهدت البحرين احتجاجات شعبية سلمية – شيعية في معظمها – قوبلت بردٍّ قاس من النظام الذي ترأسه أسرة آل خليفة السنية. تحت ضغط من حلفائه الغربيين وسعياً منه لإخراج البلاد من الصدمة التي عصفت بالاقتصاد، رفع الملك حمد بن عيسى حالة الطوارئ في حزيران/يونيو وأمر بإجراء "حوار للتوصل إلى إجماع وطني". في حين تبدو هذه التطورات إيجابية في مظهرها، فإنها تبدو مصممة لتهدئة نفس أولئك الحلفاء أكثر منها لتغيير مقاربة النظام تجاه مواطنيه. لقد خفّت حدة القمع، لكنه لم يتوقف، كما أنه لم يتم الرجوع عن أي من أسوأ التجاوزات التي مارسها النظام، مثل أحكام السجن الطويلة عقاباً على جرائم سياسية، والصرف من العمل بسبب المشاركة في الاحتجاجات السلمية، وهدم المساجد الشيعية. إلاّ أن التطور الإيجابي تمثّل في الموافقة على إجراء تحقيق دولي في أحداث شباط/فبراير و آذار/مارس.

من أجل الشروع في حوار حقيقي والتوصل إلى حلّ مستدام، على النظام أن يطلق أولاً سراح المعتقلين بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات الرسمية. كما ينبغي أن يزيل الوصمة التي ألصقها بالطائفة الشيعية وأن يضع حداً لممارساته في تدمير المنشآت الدينية الشيعية. لا يمكن لأي إجراء أقل من هذه الخطوات حتى أن يبدأ في استعادة شعور بالحد الأدنى من الثقة، والتي لا يمكن دونها إجراء أي حوار حقيقي، ناهيك عن تحقيق المصالحة الوطنية. كما ينبغي على المعارضة، من جهتها، أن تبذل جهداً كبيراً لطمأنة العائلة المالكة، والطائفة السنية التي تؤيدها، بأنها تسعى لتوسيع حقوقها السياسية وليس إلى الإطاحة بالملكية.

سيترتب على الدول الغربية، خصوصاً الولايات المتحدة، أن تلعب دوراً محورياً. واشنطن، التي لها أصول ومصالح هائلة في الخليج، بما فيه البحرين، ينبغي أن تضغط على النظام للتوقف عن انتهاكاته لحقوق الإنسان وإجراء إصلاحات ذات معنى. يقول روبرت مالي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات، "ثمة أسباب للخشية من أن البحرين متجهة إلى مأزق سياسي طويل الأمد، يعززه حضور أمني كثيف مدعوم بقوات أجنبية تقاطعه الاحتجاجات عندما تسمح الظروف بذلك. إن المزيد من القمع والعنف لن يفضي إلى إيجاد مخرج من هذه المعادلة السياسية المعقّدة ولا إلى تفكيك هذا الوضع القابل للانفجار. أما البديل الأفضل فيتمثل في أن تجد الأطراف سبيلاً إلى الحوار و أن تتوصل إلى تسوية بين الطائفتين الرئيسيتين".

السابق
“جبهة العمل”: استهداف القوات الفرنسية مشبوه ومضلل
التالي
مبارة وداعية لبنانية – بريطانية برعاية بري وغاي