مزارعو الموز يطالبون بدعم الصادرات ولجم أسعار الأدوية الزراعية

 سجلت زراعة الموز على طول الساحل الجنوبي، وفي بعض المرتفعات، سرعة قياسية خلال السنوات العشر الماضية. وأدى الإقبال الكثيف عليها، على حساب زراعة الحمضيات على أنواعها في المناطق الساحلية إلى زيادة ضخمة في نسبة الإنتاج، فاقت الثمانين ألف طن سنويا، لتواجه المواسم صعوبات التصدير إلى الخارج، إضافة إلى الكوارث الطبيعية، التي اجتاحت بساتين الموز، وقبلها عدوان تموز الذي ألحق خسائر فادحة بالمزارعين، لم تعوض «الدولة» شيئا منها.
زراعة الموز، التي دخلت إلى لبنان قبل أكثر من سبعة عقود، عرفت ازدهارا في بعض الفترات، وأزمات في فترات أخرى. إلا أنها مقبلة، كما يبدو، على صعوبات إضافية، تكمن في الدرجة الأولى في هموم التصدير، ورفع الرسوم الجمركية إلى البلدان المستوردة خصوصا سوريا، والارتفاع المستمر في أسعار الأدوية الزراعية ومادة المازوت، وصولاً إلى «الحدث» المتعلق بوقف عمل «دعم الصادرات الزراعية – ايدال» بعد 11 عاما على انطلاقها، ناهيك عن غياب الدولة الحاضنة.
ويقدر العاملون في قطاع الموز، الذي تتركز زراعته على طول الساحل الممتد من الزهراني وحتى الناقورة، مروراً بسهول عدلون، والقاسمية، والمنصوري، انتاجهم السنوي بأكثر من ثمانين ألف طن، يستوعب منها السوق المحلي ثلاثين بالمئة. وتصدر الكميات الأخرى إلى سوريا، والأردن، والعراق. ويشكل السوق السوري أكبر مستورد للموز اللبناني، الذي يزرع في الحقول المكشوفة على الساحل، وداخل البيوت البلاستيكية على المرتفعات.
ويتحدث المزارعون والمصدرون والعاملون في القطاع عن جملة من المشاكل، التي تنتظرهم على أبواب الموسم المقبل، الذي يبدأ في شهر تشرين الثاني ويمتد إلى شهر نيسان من العام الذي يليه. يؤكد المزارع جابر قرياني، الذي يعمل في قطاع الموز منذ حوالى 15 عاما، على أن «زراعة الموز، التي عرفت في السنوات القليلة الماضية ارتفاعا كبيرا، لتحل بديلا عن كثير من بساتين الحمضيات، تقف أمام تحديات عديدة»، لافتاً إلى أن «عدداً كبيراً من مزارعي المناطق الساحلية في صور والزهراني، استبدلوا بساتينهم المغروسة بالحمضيات، بالموز نظراً لإنتاجه السريع وكلفته الأوفر»، لافتاً إلى أن «كلفة إنتاج الموز ترتفع بشكل متواصل، قد وصلت إلى حدود الثلاثين بالمئة، فيما لم يسجل ارتفاع في أسعار بيع الموز، سواء في السوق المحلي أو الخارجي».
ويوضح قرياني أن «أجرة دونم الأرض لزراعة الموز ارتفع من 700 دولار إلى ألف ومئة دولار. كما ارتفعت أسعار الأدوية الزراعية، التي تتحكم ببيعها مجموعة من التجار، ما يقارب الأربعين بالمئة، وكذلك رفع الرسوم الجمركية على الموز اللبناني المصدر إلى سوريا خمسة أضعاف». وأضاف: «إن المساعدة التي كنا نتلاقها من «ايدال»، وهي بمثابة ألف دولار على كل براد، يعود منها خمسمئة دولار إلى المزارع ونصفـــها الآخر إلى التجار (المخلّصين) ستغيب في الموســـم المقبل، بعد توقف تلك المؤســـسة عن العمـــل»، متسائلا عن «دور الدولة ووزارة الزراعة المعـــنية بقضايا المزارعين».
ويقول المزارع رضا فاخوري: «نحن مجبرون على الاستمرار في حقل زراعة الموز التي بدأناها قبل ثلاثين عاماً برغم الضربات المتكررة، التي يتلقاها المزارعون، ابتداء بالكوارث الطبيعية، وصولا إلى عدوان تموز 2006، الذي كبّد المزارعين خسائر لا تحصى»، مناشداً وزارة الزراعة «الوقوف إلى جانب المزارعين، عبر دعم الصادرات، وتأمين الأســواق الخارجية، ومكافحة ارتفاع أسعار الأدوية الزراعية، التي يتحكم التجار الكبار بأسعارها بينما الدولة تتفرج».
ويلفت المصدّر زاهر غريب إلى أن السوق المحلي «الذي يستقبل الموز الإكوادوري، بواسطة التهريب على الحدود الشمالية للبنان، لا يتحمل أكثر من ثلاثين بالمئة من الإنتاج العام، بينما تستقبل سوريا سنويا، ما يزيد على الـ15 ألف طن من الإنتاج، الذي يُصدر قسم منه إلى الأردن والعراق»، مشيراً إلى أن «كميات الإنتاج الضخمة من الموز اللبناني، ورفع رسوم التصدير إلى سوريا من 80 دولاراً إلى 250 على الطن الواحد، ووقف عمل «إيدال» التي بدأت عند انطلاقها بدعم الطن بستين دولارا، ووصل مؤخرا إلى عشرة دولارات، إضافة إلى ارتفاع كلفة الإنتاج، وغياب الدولة، كلها عوامل تنذر بواقع صعب جداً على المواسم المقبلة للموز». ويلفت غريب إلى أن «الحلول العملية تبدأ بمؤازرة الدولة ممثلة بوزارة الزراعة للقطاع، وتأمين أسواق خارجية، ودعم الإنتاج المحلي، إسوة بدول الجوار، ومنها مصر على سبيل المثال، وتجديد العمل في «إيدال»، والتصدي بحزم لأعمال تهريب الموز إلى لبنان»، متسائلا «كيف يمكن للموز الأجنـــبي، الذي وضعت الدولة ضريبة جمركية على الكيلوغرام الواحد منه، قيمتها ألف ليرة، أن يباع في الأســـواق اللبنانية بـ1750 ليرة لبنانية فقط؟».
 

السابق
ما الذي كان يمنع النظام السوري من تحرير فلسطين؟
التالي
وداع «صاحب المقالب»: الفنان محمود مبسوط (فهمان) إلى مثواه الأخير