زواج الإنترنــت: منفذ شباب غزة المحاصر

 في الآونة الأخيرة، انتشرت ظاهرة الزواج عبر الإنترنت في قطاع غزة بشكل ملحوظ، وهي وإن بدت غريبة في مجتمع تحكمه العادات والتقاليد الصارمة، إلا أن التعاطي معها يتم كظاهرة مبرّرة، لا بل مشرعنة، في مجتمع محاصر ينشد الهرب من قسوة الوضع الداخلي ولو عبر شبكة افتراضية.
وتتزاحم المواقع الفلسطينية المتخصصة في الأمر على الشبكة، حيث تفتح المجال للتعارف بين الطرفين لا أكثر، إلا أن «السيناريو المعتاد للزواج» ما يلبث أن يحضر بالقول «كان هدفنا التعارف فقط، لكن الأمر ما لبث أن تحول إلى إعجاب ومن ثم إلى حب، تُوّج بالزواج».
وإن كان هذا النوع من الزيجات يصطدم برفض التقاليد والعادات المطبقة على المجتمع، إلا انه يصطدم بما هو أقسى حيث الحصار الإسرائيلي وإغلاق معبر رفح الحدودي يحولان دون وصول الشريك وإتمام مراسم الزواج. غير أن الشعب الذي خبر الحصار ابتكر أدوات مواجهته من خلال تهريب العروس او العريس عبر الأنفاق إلى القطاع المحاصر، ومقابل مبلغ مادي تحدده الجهة المنفذة لعملية التهريب.
وعن شعور الزوجين بعد هذه المغامرة الشاقة، يصف محمد، الذي تزوج من جزائرية، زواجهما بالناجح بكل المقاييس، مضيفاً «منذ أيام عادت زوجتي إلى بلدها عن طريق الأنفاق، وسألحقها لأستقر في الجزائر، لأن الوضع السياسي والاقتصادي مأساوي عندنا». ويتذكر محمد كيف حضرت زوجته في وقت سابق إلى غزة عبر الانفاق ترافقها شقيقتان سوريتان جاءتا لملاقاة عريسيهما في خان يونس بعد زواجهما عبر الإنترنت، ويردف قائلاً «سمعنا قصصاً مماثلة لزوجات من المغرب ومصر وليبيا وكندا وبريطانيا وغيرها».
ولكن كما في كل الزيجات فإن المشاكل موجودة، وتزداد احتمالاتها في خضم تجربة مشابهة. فهناك شاب من مدينة رفح يقول إنه نادم جداً على دخوله مواقع الدردشة، فقد انتهى به المطاف إلى تعرفه على فتاة من غزة، أحبها فوصلت علاقتهما إلى زواج لم يدم شهرين بعد مشاكل لا حصر لها. ويعلق بنبرة استهزاء «نصحوني بأن المسألة سيكون فيها الكثير من الخداع. أنا استحق ما جرى لي لأني لم استمع لهذه النصائح».
وبسؤال الاختصاصي في الأمراض النفسية الدكتور جابر عبد الله عن رأيه في هذا الموضوع، يشير إلى هروب الكثيرين من الشباب إلى الإنترنت بسبب البطالة وانسداد الأفق السياسي والاقتصادي، واضطرارهم إلى البحث عن زوجات لهم عن طريق الإنترنت بعيداً عن الواقع المرير الذي يعيشونه. ويعتبر الاختصاصي النفسي أن نجاح هذا الزواج وفشله يعتمد على قوة احتمال الزوجين للواقع الجديد، «بعيداً ربما عن الأحلام أو الوصفات الوردية من كلا الطرفين».
(عن «دويتشي فيليه») 

السابق
حرق خيمة تبيع الخمور على مدخل بلدة البابلية الجنوبي لشخص من آل وهبي محسوب على حركة أمل
التالي
الأفلام الثلاثية الأبعاد مضــرة بالعيــون