تمنيات لايلول

لأشهر يستعد لايلول، يخاف أيلول، يبعد أيلول ويعد نفسه للشر من كل أيلول. ولكن فجأة، يجد نفسه بنيامين نتنياهو ينتظر ايلول بفارغ الصبر. إذ أن المشاكل وقعت عليه في تموز، من المكان غير المتوقع على الاطلاق، في الوقت غير المريح على الاطلاق. فمن ذا يأتني بأيلول، يقول لنفسه رئيس الوزراء. فيا لها من متعة ستكون في ايلول مع الفلسطينيين، والعرب، والجمعية العمومية للامم المتحدة، والعالم كله ضدنا، وأخيرا يكون ممكنا لنا أن نحدد عدوا مشتركا، وكما رائع، سيكون الحال إذ من الافضل ان يكون كل العالم ضدنا من ان تكون الطبقة الوسطى ضدي.
في ايلول لن تكون حاجة لعناق الجميع كل الوقت، ونثر كلمات المصالحة المصطنعة والشد على الاسنان والثناء على الاحتجاج، والاعتراف بعدالة موقف المتظاهرين ضدك، وعقد مؤتمرات صحفية لاطلاق خطط عاجلة ممشوقة من تحت الابط واختراع سوبر تانكرات جديدة. في ايلول كل شيء سيكون واضحا. هم ونحن، عرب ويهود، ما أعرفه وأعرف كيف اتدبر معه على نحو ممتاز. فليأتِ ايلول رجاءاً.
رئيس الوزراء عمل امس تحت الضغط، وخسارة. ائتلافه مستقر، الكنيست ستخرج لتوها في اجازة الصيف. لا شيء ملح، لا احد حقا يضغط عليه، باستثناء نزلاء الخيام ومظاهرتهم الكبرى في منتهى السبت. ولكن نتنياهو لا يعرف كيف يتنفس عميقا، فيعد حتى العشرة، ويقف في وجه الضغط أو مجرد يعد خطة مرتبة ويعالج الامور باعتدال وبسواء عقل. فهو يخاف موجة التسونامي وهو عديم الثقة بالنفس. ولهذا فقد ثنى مرة اخرى، للمرة المائتين وزير ماليته، وعقد مرة اخرى، للمرة الاربعمائة، مؤتمرا صحفيا عاجلا مع ذات غيلا جمليئيل وذات اتياس كي يعرض على الجمهور "الخطة الكبرى" التي ستجلب الخلاص للجميع وتعيد حجوم التأييد له الى سابق عهدها.
هل ينجح هذا؟ من السابق لاوانه القول. نتنياهو يتعلم الان على جلدته مع تعلمه جورج بوش الاب على جلدته في حملة 1991 في أمريكا. هذه هي الطبقة الوسطى، يا بيبي، الطبقة التي لا تأبه بها، التي لا يأبه بها احد، أو أبه بها، هذه هي الطبقة التي ملت حمل الدولة على كتفيها لترى كل الاخرين (القطاعات، الفئات، محققي الارباح، الاغنياء والمقربين) يرقصون بابتهاج على الشاطىء.
نتنياهو جرب أمس طريقة "فرق تسد" الكلاسيكية، بهدف الاخراج من دائرة المظاهرات الطلاب والمحاولة قدر الامكان لاخراج المحيط منها ايضا. يريد أن يعزل روتشيلد، ويبقي الفقاعة التل أبيبية وحدها. رغم التصريحات الكفاحية للمتظاهرين عن وحدتهم أمس، من السابقة لاوانه أن نعرف الى أين تسير هذه القصة. أنت تريد ايلول، يا بيبي، ولكن تموز لا يزال هنا، وآب اللهاب على الابواب. أين، بإسم الرب، الفلسطينيون عندما يحتاجهم المرء.

السابق
السلك الذي أضاء الحي
التالي
الاستخبارات الأميركية تعتقل 3 اشخاص بتهمة “التآمر” من اجل دعم حزب الله