النهار : قلب 14 آذار على المحكمة ونصرالله يفتح الجبهة البحرية

 كتبت "النهار" تقول ، اقتحم أمس الاعتداء الجديد الذي استهدف القوة الموقتة للامم المتحدة في لبنان "اليونيفيل" واصاب هذه المرة قوة الاحتياط الفرنسية، المشهد الداخلي المعقد الذي كان يتمحور على عنوان المحكمة الخاصة بلبنان وما صدر عنها من قرار اتهامي في حق اربعة عناصر في "حزب الله".
وبدا الاعتداء عند المدخل الجنوبي لصيدا والذي جاء بعد نحو شهرين من اعتداء مماثل في 27 ايار الماضي استهدف آلية ايطالية تابعة لـ"اليونيفيل" عند المدخل الشمالي لصيدا، في سياق متصل بجملة اعتبارات أبرزها ما يتعلق باقتراب موعد التجديد لقوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان على اساس تطبيق القرار 1701 الذي انهى حرب تموز عام 2006 وتضمن قواعد عمل للانتقال من وقف النار الى حل طويل الاجل. ومن هذه القواعد "نزع سلاح كل الجماعات المسلحة في لبنان"، الامر الذي يدور جدل حوله انطلاقا من سعي رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الى احياء عمل هيئة الحوار الوطني.
ولفت المراقبون الى ان تفاعلات الاعتداء على "اليونيفيل" وانتهاء مهلة الشهر لمثول المتهمين امام المحكمة الخاصة بلبنان، ستترك بصماتها تباعا على خطاب الرئيس سليمان في عيد الجيش في الاول من آب، وجلسة مجلس الوزراء في الثاني منه، ثم الاوراق الواردة الى مجلس النواب وهذا ما سيجري التحضير له في اجتماع هيئة مكتب المجلس. وعلق قطب نيابي بارز في المعارضة لـ"النهار" على التطورات الاخيرة، فقال انه "اذا استمرت الامور على حالها من مظهر الانقسام الاصطناعي في الحكومة بين الانصياع للقرارات الدولية ومن يهزأ بها، فان الاوراق الواردة الى المجلس ستكون حامية في مواجهة حكومة تتحول من حكومة تحمي المتهمين الى حكومة متهمين امام العدالة الدولية". واضاف: "ان لبنان على لائحة المطلوبين بموجب القرار 1701 الخاص بالجنوب والقرار 1757 الخاص بالمحكمة".
وعلمت "النهار" ان التحقيقات الاولية في حادث "اليونيفيل" في اشراف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر، اظهرت ان زنة العبوة التي استخدمت في الاعتداء تبلغ قرابة ثمانية كيلوغرامات من مادة "تي ان تي"، ورجحت ان يكون التفجير حصل لاسلكياً مما ادى الى اصابة خمسة جنود فرنسيين احدهم اصابته بالغة واثنان اصابتهما متوسطة واثنان اصابتهما طفيفة.
وقد تابع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي الاعتداء من الخارج، واتصل بوزير الداخلية والبلديات مروان شربل ووزير العدل شكيب قرطباوي. وافاد بيان صادر عن مكتبه انه طلب "فتح تحقيق عاجل في الاعتداء لكشف ملابساته". كما اتصل ميقاتي بالسفير الفرنسي دوني بييتون معربا له عن "ادانة الحكومة اللبنانية للاعتداء الاثيم الذي تعرضت له الكتيبة الفرنسية وعن مؤاساته وتضامنه مع الجنود الفرنسيين الذين اصيبوا في الانفجار".
ولاحقا اتصل بنائب قائد "اليونيفيل" الجنرال سانتي بونفانتي وابلغه "ان هذا الاعتداء يزيدنا تصميماً على تقوية التعاون مع القوات الدولية"، مشددا على "اجراء التحقيقات اللازمة لكشف الفاعلين".
كذلك اتصل رئيس مجلس النواب نبيه بري هاتفياً بالسفير الفرنسي مستنكراً "الجريمة الارهابية التي استهدفت وحدة فرنسية عاملة ضمن اطار قوات اليونيفيل، معربا عن أسفه لوقوع عدد من الاصابات في صفوف الجنود الفرنسيين".
واصدر المكتب الاعلامي للرئيس سعد الحريري بيانا ندد فيه بشدة بـ"حادث التفجير الارهابي" الذي استهدف عناصر من الوحدة الفرنسية، لافتا الى "ان مثل هذه الاعتداءات الارهابية هي بالتأكيد ضد مصلحة لبنان وأمنه واستقراره وتشكل اعتداء صارخاً على القرار 1701، وعلى الالتزامات التي تعهدها لبنان ولا يصح ان يخرج عنها تحت اي ظرف من الظروف". واكد ان لبنان "بكل مكوناته الوطنية سيبقى وفيا لالتزامات فرنسا تجاه قضاياه".
وفي باريس، (و ص ف) أصدر وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه أمس بياناً جاء فيه: "أندد بكل حزم بالاعتداء الذي استهدف اليونيفيل بعد ظهر اليوم (أمس) وأدى الى سقوط ستة جرحى في صفوف الجنود الفرنسيين جنوب صيدا في جنوب لبنان".
وقال: "فرنسا تطلب كشف الحقيقة كاملة عن هذا الاعتداء. ندعو السلطات اللبنانية الى بذل ما في وسعها كي يحاكم المسؤولون" عن العملية.
وأضاف: "لن نتسامح مع التعرض لأمن العسكريين المنتشرين في إطار عملية حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة وتطبيقاً للقرارين 1701 و1937 الصادرين عن مجلس الأمن الدولي وبطلب من الحكومة اللبنانية".
وأكد أنه "يجب ضمان أمن جنود اليونيفيل وحرية تنقلهم"، مذكراً بالتزام فرنسا "مصلحة لبنان واستقراره واستقلاله وسيادته".
ونقلت "وكالة الصحافة الفرنسية" عن رئاسة أركان الجيش الفرنسي أن ثلاثة جنود فرنسيين في إطار "اليونيفيل" أصيبوا بجروح أمس، كما اصيب ثلاثة آخرون بارتجاج بسبب قوة الانفجار الذي استهدف الآلية التي كانت تقلهم.
وصرح ناطق باسم القيادة بأن "قافلة تضم أربع آليات عسكرية وسيارة لوجيستية كانت تنتقل من بيروت الى ديركيفا في جنوب لبنان عندما اصيبت احدى السيارات بانفجار لم تعرف بعد طبيعته".
وفي لندن (أ ش أ)، قال الوزير بوزارة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اليستير برت: "أنا في غاية القلق" من الاعتداء على "اليونيفيل".
ونقل مراسل "النهار" في باريس سمير تويني عن مراقبين ربطهم الاعتداء الذي استهدف قوة الاحتياط الفرنسية بالزيارة الأخيرة لقائد الجيش العماد جان قهوجي لفرنسا، وكذلك بموقف فرنسا خصوصاً وأوروبا عموماً من التطورات في سوريا. ولفت هؤلاء الى الطابع المتعمد لهذا الاعتداء لكونه استهدف الجنود الفرنسيين الذين تحولوا قوة احتياط لم تعد مسؤولة عن أي منطقة في الجنوب وانها صارت في تصرف قيادة "اليونيفيل"، مما يعني أن هناك رصداً لتحركات هؤلاء الجنود وتحضيراً لاستهدافهم في الوقت المناسب، وهذا ما حصل أمس.
وفي سياق المشاورات التي بدأها الرئيس سليمان لاستكشاف امكان احياء هيئة الحوار الوطني، التقى أمس الرئيس أمين الجميل. وعلمت "النهار" أن الرئيس الجميل "كان واضحاً في تحذير رئيس الجمهورية من مغبة ارتداد فشل الحوار على موقع الرئاسة وتالياً فان الحوار يجب أن يكون لتعزيز موقع رئيس الجمهورية بعد تهميشه في التعيينات". ولفت الى "عدم نضج ظروف الحوار وعدم وجود مؤشرات لنجاحه". وقال للرئيس سليمان: "اننا لسنا ضد الحوار في المبدأ، فنحن اصحاب الحوار والانفتاح، ولكن هل من أوقف الحوار بسبب المحكمة والسلاح أصبح قابلاً بالحوار؟ وما قيمة الحوار قبل تسليم المتهمين الى العدالة؟ ان الكتائب لن تجلس الى طاولة يجلس اليها أشخاص لديهم في أحزابهم متهمون يعتبرونهم قديسين". ورفض الحوار اذا كان "يراد منه تبييض الانقلاب وتشريعه وتبرير حكومة اللون الواحد".
وأثير في اللقاء موضوع لاسا في جبيل، فدعا الجميل سليمان الى "تحرك الدولة ولا سيما منها الجيش قبل أن تفقد الناس ثقتها بالمؤسسات الرسمية لأن الأمر ليس مجرد خلاف عقاري بل هو تغيير لهوية الانسان والأرض في لبنان".
أما الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، في اطلالته المنتظرة عبر شاشة تلفزيونية في "مهرجان الكرامة والانتصار"، في مرور خمس سنوات على حرب تموز، فقد تجاوز مواضيع "اليونفيل" والحوار والمحكمة وتناول ملف حقوق لبنان البحرية. وقال في هذا الصدد: "نحذر الاسرائيلي من ان يمد يده الى هذه المنطقة ويقوم بأي عمل يؤدي الى سرقة ثروات لبنان". وأضاف: "عندما تعتبر الدولة اللبنانية مساحة ما انها مياه اقليمية لبنانية ستتصرف المقاومة على انها منطقة اقليمية لبنانية".
على صعيد آخر، نظمت قوى 14 آذار أمس لقاء حقوقياً حاشداً في فندق "البريستول" تحت عنوان "العدالة… للاستقرار"، انتهى بتوجيه نداء الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي لمواصلة دعمهما لأعمال المحكمة الخاصة بلبنان.
وأبلغ النقيب السابق للمحامين ميشال ليان "النهار" أن "اللقاء أعطى تفويضاً للجنة التحضيرية للمكتب الذي تقرر انشاؤه خلال شهر على أبعد تقدير لضرورات شهر رمضان المباركة ونكون قد وضعنا هيكلية عمل اللجان التابعة للمكتب بينها لجان تهتم بالقضايا الادارية والاعلامية والاستعانة بحقوقيين من كبار الاختصاصيين في القانون الجنائي الدولي العام، وحتى ذلك الحين سنواكب اعمال المحكمة والقرارات التي ستصدر عنها وحيثيات هذه القرارات". 

السابق
الموقف الغربي من ليبيا وسورية
التالي
السفير : “الأشباح” يضربون “اليونيفيل” مجدداً: خمسة جرحى …