برّي: شجرة كلّفتنا 4 شهداء والله وحده يمنعنا عن ثروتنا النفطية

 مسألتان تحتلان المرتبة الأولى في اهتمامات رئيس مجلس النواب نبيه برّي في هذه المرحلة: الحوار الوطني، وأهمية العودة إليه لإخراج البلاد من آفاق التأزم والتشنّج إلى آفاق الاستقرار والتنازع الديمقراطي المشروع، وثروة لبنان النفطية والغازيّة البحريّة التي تقرصنها إسرائيل لمنعه من الحصول عليها لسداد ديونه وإنعاش اقتصاده المأزوم.

في موضوع الحوار لدى برّي تفسيران لا ثالث لهما لرفض المعارضة هذا الحوار الذي يعتزم رئيس الجمهورية ميشال سليمان الدعوة إليه مجددا، إذا جاء استطلاع المواقف الذي يجريه حاليا بنتائج ايجابية: "التفسير الأول، حسب بري، هو أنه إذا كانت هناك نيّة حسنة، فإنّ الرفض يحمل في مطاويه رغبة في "تكبير الحجر" بغية الحصول على ثمن.

أمّا التفسير الثاني، فهو أنه إذا كانت هناك نيّة سيّئة فإن ذلك الرفض يعني أنّ المعارضين لا يريدون الحوار، لأنّهم يعتقدون أنه قد يشكّل عامل تهدئة تستفيد منه الحكومة، وتاليا الأكثرية التي جاءت بها، فيما هم يريدون استمرار الضغوط على الحكومة، التي يرفعون شعار إسقاطها".

ويقول برّي لـ"الجمهورية" إن ليس هناك شيء في لبنان اسمه موالاة ومعارضة، ولا حتى 8 و14 آذار، مذكّرا بأنه كان دعا إلى قيام جبهة وطنية عريضة، تضمّ الجميع، وقال: "إنّ رئيس الجمهورية ميشال سليمان وسطي، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وسطي، ورئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط وسطي، فهل يمكن القول إنّ أيّا منهم ينتمي الآن إلى فريق 14 آذار؟"

ويكرّر برّي تأييده العودة إلى طاولة الحوار والخروج من الاصطفاف السياسي لأن المرحلة الحسّاسة التي يمرّ بها لبنان تفرض التعاون، ولا مانع من أن يناقش الحوار سبل تنفيذ ما كان اتفق عليه في الحوار السابق سواء الذي جرى في رعايته في العام 2006 في مجلس النواب، أو في طاولة الحوار التي دعا إليها رئيس الجمهورية أيام حكومتي الرئيسين فؤاد السنيورة وسعد الحريري، فالحوار ضرورة لتحصين البلد، وهو عامل مهمّ جدا للجميع، وليس لمصلحة فريق ضد آخر". وذكّر بأنّ الحوار في العام 2006 توصّل إلى اتفاق على نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيّمات، وتألّفت لجنة ضمّته والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والرئيس سعد الحريري "الذي كان يومها رئيسا لكتلة "المستقل" وللأكثرية النيابية، (ولم يكن تولّى رئاسة الحكومة بعد)، ذلك في اعتبار أنّ الثلاثة هم الأقدر من بين أقطاب الحوار على التحاور مع الفلسطينيين في شأن السلاح.

وأشار برّي إلى أنّه والسيد نصرالله عقدا كل على حدة لقاء واحدا مع الأمين العام لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة" أحمد جبريل والوفد الفلسطيني المرافق، فيما الحريري اجتمع بجبريل ثلاث مرات، إلى درجة أنه قال لبرّي مازحا يومها "شو هالعلقة اللي علّقتني فيها".

وإذ يشدّد رئيس مجلس النواب على وجوب مناقشة الاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية على سيادته على طاولة الحوار عند انعقادها مجدّدا، يؤكد أن "ليس صحيحا القول إنّ حزب الله لم يقدّم تصوّره للاستراتيجية الدفاعية". ويروي في هذا المجال "أنّ السيد نصرالله قدّم في جلسة الحوار في 2 آذار 2006 في مجلس النواب تصوّرا لهذه الاستراتيجية وشرحه على مسامع المتحاورين على مدى ساعة، إلى درجة أنّ رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع استمع باهتمام إليه، وأكّد لي أنّ ما سمعه يستحق الدرس بدقة، طالبا إعطاءه وقتا لتحضير ردّ عليه".

ويقول برّي "إن كل ما دار في حوار 2006 مسجّل وموثّق في مجلس النواب، ويمكن نشره إذا وافق جميع "الحواريين"، إذا جاز التعبير، وهو ليس ملكي ويبقى في مجلس النواب".

وعندما يُسأل بري عمّا هو منتظر حصوله هذا الصيف، وهل سيكون ساخنا، يجيب: "لا في الصيف، ولا في أكثر من الصيف، في المدى المنظور لن يحصل في لبنان مثلما يحصل في الدول العربية لأنّ الطائفية التي هي علّة العلل عندنا هي في الوقت نفسه "فاكسان" (لقاح) ضد مثل ما يجري في تلك الدول، والمثال على ذلك إذا نبيه بري دعا في لبنان إلى ثورة أو إلى عمل وطني كبير، يقولون على الفور هذا شيعي. وإذا فعل أي زعيم في أي طائفة أخرى شيئا مماثلا يقولون هذا سنّي، أو هذا ماروني أو هذا أرثوذكسي وغيره. ولهذا السبب لا يمكن أن يحصل مع لبنان مثلما يحصل في بعض الدول العربية، لأنّ لدينا هذا اللقاح. لذلك، فإنّ أمامنا فرصة ذهبية لكي نكون مقصد كل العرب، أولا في ما يتعلق بالموسم السياحي خسرنا نصفه نتيجة التأخير بضعة أشهر في تأليف الحكومة، ناهيك بما تسبّب به القرار الاتهامي. ثم هناك الأمر المهم جدا وهو النفط والغاز الذي مضى علينا سنوات ونحن نتحدث عنه، وينبغي أن يكون عاملا مهما في تعزيز وحدتنا الوطنية، لأنّنا بالوحدة نستطيع أن نواجه كل ما نتعرّض له من أخطار ومن اعتداء على سيادتنا وثرواتنا. وهنا أريد أن أقول للذين يقفون ضد المقاومة في المبدأ، أن عليهم على الأقلّ أن يكون معها من باب المصلحة للدفاع عن ثروتنا وعن اقتصادنا، وخصوصا أنّ ثروتنا النفطية والغازيّة تساوي 200 مليار دولار في الحقل البحري الجنوبي ومئة مليار دولار في الحقل الوسطي الواقع قبالة البترون، ومن خلال هذه الثروة نستطيع أن نسدد ديوننا البالغة حتى الآن 60 مليار دولار".

ويروي برّي وقائع حوار دار بينه وبين مايكل وليامز الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في لبنان، حول صلاحية الأمم المتحدة وقوّة حفظ السلام الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، فقال وليامز له إن "لا صلاحية أممية في هذا الشأن لأنّ القرار الدولي الرقم 1701 لا يشمله". فردّ برّي: "هذا غير دقيق، أليس لدى اليونيفيل قوة بحرية قادها بداية (بعد حرب تموز 2006) جنرال ألماني، ويقودها الآن جنرال برازيلي؟ فهذا يفرض أن يكون لها دور في المجال البحري، إلّا إذا كان مطلوبا من هذه القوّة مراقبة شواطئنا فقط. فلقد كنت شريكا في التفاوض حول القرار 1701، وأعرف كل التفاصيل ومنها صلاحية اليونيفيل في موضوع الحدود البحرية".

لكنّ وليامز، ردّ على برّي، مؤكدا أنّه "في مثل هذه الحالات لا دور للأمم المتحدة، وأنّ على الدولتين المعنيتين (أي لبنان وإسرائيل) أن تتفاوضا وخصوصا أنّ هناك حالة عداء بينهما". فقال بري: "هناك تفاهم نيسان 1996 وأنا كنت شريكا أساسيا في التفاوض الذي أنتجه، وهذا التفاهم قضى بتشكيل لجنة عسكريّة تضم ضابطا من الجيش اللبناني وآخر من الجيش الإسرائيلي وضباطا من اليونيفيل مهمتها مناقشة ومعالجة كل ما يمكن أن يعكّر صفو الأمن، سواء حصل في البر أو في البحر. لذا، فإنّ الأمم المتحدة معنيّة بترسيم الحدود في البحر مثل صلاحيتها في ترسيم الحدود في البرّ، وخصوصا بعدما تبيّن أنّ لبنان يملك في البحر ثروة نفطية وغازيّة هائلة ليس لأحد الحق في انتزاعها منه".

وإذ كرّر وليامز تأكيد عدم صلاحية الأمم المتحدة في المجال البحري، ارتفعت لهجة برّي خلال اللقاء، فقال لوليامز: "إذا كانت شجرة عديسة أدت إلى سقوط أربعة شهداء من الجيش وقتلى من الإسرائيليين (في آب 2010)، فما بالك بالنسبة إلى الدفاع عن ثروتنا النفطية وسيادتنا. وحده الله هو الذي يستطيع أن يوقفنا".

وإذ انتهى اللقاء عند هذا الحد، ذهب وليامز ليراجع المسؤولين في الأمم المتحدة، وعاد إلى بري ليبلغ إليه أن هناك إيجابيات على جبهة الموقف الأممي ممّا يطلبه لبنان من ترسيم بحري. وفي هذه الأثناء زارت السفيرة الأميركية مورا كونيللي برّي لتنقل إليه أيضا مواقف إيجابية في هذا الصدد، ولكنّها تمنّت عليه "أن يركّز لبنان في ما يطلبه على الجانب التقني والابتعاد عن الإثارة السياسية". 

السابق
خوري: تمويل المحكمة لم يطرح بعد
التالي
المنتدى الفكري كرم اعلاميي صور وبنت جبيل