الشرق الأوسط : مواقف جنبلاط عن الوضع السوري تربك الحلفاء

 كتبت "الشرق الأوسط " تقول ، لا تزال مواقف رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط المتلاحقة من الأزمة في سوريا تخضع لتفسيرات مختلفة لدى القوى السياسية اللبنانية، وهي باتت تربك حلفاءه في الأكثرية الجديدة، قبل أن تفتح باب التساؤلات لدى المعارضة، خصوصا بعد تأكيده أن "ما يحصل في سوريا ثورة حقيقية"، ووصفه سوريا بـ"الجريحة"، وانتقاده من سماهم "بعض من في النظام السوري الذين لا يريدون الإصلاح" وقوله إن "نظرية الأنظمة الممانعة لا قيمة لها".
وفي جديد المواقف ما أطلقه أمس، ففي إشارته إلى الوضع السوري والعربي دعا جنبلاط إلى أن "تكون مأساة العمل الإرهابي المروع الذي شهدته النرويج عبرة لبعض قادة الأنظمة الذين لا يفهمون أهمية الإصلاح السياسي بدل الاستمرار في التصدي العنيف للمطالب الشعبية المحقة والتي هي بديهية للعيش الكريم وحقوق الإنسان والتطلع نحو مستقبل أفضل"، مؤكدا أن "هذه المأساة تستحق البحث والاستنتاج، بعيدا عن نظريات المؤامرة واللغة الخشبية التي أكل عليها الدهر وشرب". أما في الشأن اللبناني فأكد أن "الحزب التقدمي الاشتراكي سبق وأكد أهمية معادلة الجيش والشعب والمقاومة، وذلك بانتظار التوصل إلى استراتيجية دفاعية شاملة تفضي إلى الاستيعاب التدريجي للسلاح في الأطر الرسمية في الظروف الملائمة، بما يحصن لبنان وقدراته الدفاعية ويبدد مخاوف مجموعة كبيرة من اللبنانيين من هذا السلاح الذي أكدنا مرارا وتكرارا أن استعماله في الداخل مغامرة مستحيلة لا يمكن أن يكتب لها النجاح في أي ظرف من الظروف".
وفيما تختلف التفسيرات لمواقف جنبلاط الأخيرة، وإمكان انتقاله إلى تموضع سياسي جديد، أوضح وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور، أن "وليد جنبلاط لا يزال في نفس الموقع الذي تموضع فيه، وهو موقع الدفاع عن السلم الأهلي". وأكد في حديث لـ"الشرق الأوسط أن "انحياز جنبلاط إلى السلم الأهلي هو الذي يحدد خياراته، إذ لا مسألة تتقدم على هذا الخيار بعيدا عن أي مكاسب سياسية أو انتخابية، فلا هم لديه إلا تجنيب البلد الوقوع في المحظور". وإذ اعترف أبو فاعور بأن "ثمة تفسيرات مختلفة لكلام النائب جنبلاط على ضفتي الخلاف السياسي". أشار إلى أن "الاعتبارات التي قادته (جنبلاط) إلى الموقع الوسطي ما زالت قائمة"، وردا على سؤال عما إذا كانت مواقف جنبلاط المتمايزة عن حلفائه فيما خص الانتفاضة الشعبية في سوريا، لفت إلى أن "كل ما يقوله وليد بك ينطلق من حرصه على سوريا واستقرارها واستقرار لبنان أيضا، فعندما يدعو للإصلاح في سوريا ورأب الصدع يعني أنه إذا ما سلكت الأزمة طريق الصدام والعنف فإن ذلك سيؤذي سوريا ولبنان معا". وأضاف: "إن ما يقوله (جنبلاط) عن سوريا ليس من باب النقد فحسب، بل من باب الحرص على مستقبل هذا البلد الشقيق". وحول ما يتردد عن نقمة في أوساط دروز سوريا من مواقف جنبلاط التي كانت داعمة للنظام السوري، هي التي أدت إلى هذا التبدل اللافت في كلامه الأخير، أجاب وزير الشؤون الاجتماعية "كلا على الإطلاق، فدروز سوريا هم جزء من النسيج السوري، فلا خصوصية هناك لهم أو لغيرهم ولم تصلنا انتقادات منهم، والنائب جنبلاط ليس خائفا على دروز سوريا بل على وحدة سوريا التي هي نسيج واحد".
وعن علاقة النائب جنبلاط برئيس الحكومة السابق سعد الحريري، بعد الافتراق السياسي الذي شاب هذه العلاقة منذ انتقال الزعيم الدرزي إلى ضفة الأكثرية الجديدة، قال أبو فاعور "الأمور بدأت تعود إلى مسارها الطبيعي، بعد التباين الذي حصل في القراءة السياسية والذي أثر على العلاقة بيننا وبين الرئيس الحريري". وعما إذا كان التقارب الجديد طوى صفحة الخلاف العميق، خصوصا بعد قول جنبلاط "لم تعد تربطني بسعد الحريري إلا ذكرى (والده) رفيق الحريري"، ذكر أبو فاعور بأنه "في لحظة افتراق سياسي صدرت مواقف منا (الحزب التقدمي الاشتراكي) ومن تيار المستقبل، ولا شك أن وليد بك توقف كثيرا عند كلام الرئيس الحريري في البيال في 14 فبراير (شباط) الماضي حينما تحدث عن الخيانة، ثم جاء كلامه الإيجابي والمؤثر (في المقابلة التلفزيونية الأخيرة) والذي يعبر عن روحية سعد الحريري، والذي قوبل بموقف إيجابي منا ومن وليد بك".
أما نائب رئيس تيار المستقبل، النائب السابق أنطوان إندراوس، فقدم قراءته لمواقف الزعيم الدرزي، ورأى أن "وليد جنبلاط انتقل إلى الضفة الأخرى تحت وطأة التهديد، لكنه قلبيا لم يترك 14 آذار". وأكد لـ"الشرق الأوسط" أن "أحداث 7 أيار والضغوط التي مارسها حزب الله على جنبلاط كانت سببا لانتقاله إلى حيث لا يرغب، وهو اليوم يراقب التقلبات الكبرى في العالم العربي وما يجري في سوريا من إراقة للدماء وقمع أمني يأتي ترجمة لما قاله في السابق عن السجن العربي الكبير". ورأى أن "التمايز في مواقف وليد جنبلاط مرده أيضا إلى ما يراه من ممارسات لحزب الله في الحكومة، وفي نهاية المطاف نحن لا نتوقع انتقاله (جنبلاط) إلى صفوف 14 آذار مجددا، لكنه سيكون حارسا أمينا داخل هذه الحكومة على بعض الثوابت التي أسسها هو في 14 آذار".
 

السابق
الحياة : اجراءات امنية كثيفة في ريف دمشق وحمص واعتقالات
التالي
البلد : صراخ سياسي يلاقي مهلة تسليم الأربعة