الجمهورية : سليمان يستكشف فرص الحوار وحقوقيو 14 آذار لمواكبة المحكمة

 كتبت "الجمهورية " تقول ، خِلافا للمناخ الطبيعي السائد، وبعيدا من هذه الخطوة التي فاجأت الأوساط السياسية، حافظ المشهد السياسي على برودته في انتظار السخونة المتوقّعة مع اقتراب انتهاء المهلة المعطاة للسلطات اللبنانية، لاتّخاذ موقف من تنفيذ الدفعة الأولى من القرارات الاتّهامية التي أصدرها مدّعي عام المحكمة الدولية دانيال بلمار، في حلول 30 تمّوز الجاري، والتي ستسبقها محطّتان: الأولى عصر اليوم مع مؤتمر حقوقيّي 14 آذار في البريستول، والثانية مساء مع كلام الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصر الله.
وفيما لم تنتهِ الإجازة الحكوميّة بعد، في انتظار عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من زيارته الخاصة في جنوب فرنسا، خرق مشهد الجمود السياسي دعوة رئيس مجلس النواب نبيه برّي هيئة مكتب المجلس الى اجتماع ظهر غد الأربعاء للبحث في أمور مجلسيّة وجدول أعمال الجلسة التشريعيّة في 2 و3 آب، وملأت مواقف لطرفي النزاع الفراغ السائد، تناولت ملفّات عدّة لعلّ أبرزها ملف المحكمة الدولية والحوار الوطني في ظلّ الشروط والشروط المضادة للمشاركة فيه، فيما يبقى ملفّ لاسا والقرى المحيطة بها التي باتت بفعل الاعتداءات التي شملت قرى وبلدات في محيطها في صدارة الاهتمامات، إضافة الى المطالب الحياتية والخدماتية التي تعتزم قوى 14 آذار مواكبتها جدّيا عبر الاستعداد للقيام بسلسلة تحرّكات شعبية احتجاجية.
وسجل ليل أمس اتصال بين الرئيس سعد الحريري والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.
في غضون ذلك، أكّد المدّعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا في حديث لـ"الجمهورية" أنّ عمل السلطات القضائية جارٍ لتنفيذ مذكّرات التوقيف، وأنّ ثمّة إجراءات اتّخذت، رافضا الكشف عن طبيعتها، مُعربا عن رضاه حيال التعاون القائم بين السلطة القضائية اللبنانية والسلطة السياسية والتنسيق بينهما. وأكّد أنّ بانتهاء المهلة ستكشف السلطات اللبنانية الى المحكمة ما توصّلت اليه، وأنّ هناك إجراءات ستتّخذ في حينه لا يمكن الكشف عنها مسبقا، موضحا أن لا تمديد للمهلة القانونية المعطاة، وبانتهائها ينتهي دور السلطات اللبنانية في تنفيذ مذكّرات التوقيف في حق المتهمين الذين طاولهم قرار الاتهام.
وفي معلومات لـ"الجمهورية" أنّ الأمين العام لـ"حزب الله السيّد حسن نصر الله سيضيء في كلامه اليوم، وفي شكل كبير،على حقوق لبنان النفطية والقرصنة الإسرائيلية، كما سيجدّد دعوته الى توظيف الانتصار لمصلحة لبنان ويمدّ اليد مجدّدا إلى الحوار.
وعشيّة كلامه، شنّ نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم حملة على المعارضة التي وصفها بـ"الفوضوية والجهة التي لن تقبل شيئا من هذه الحكومة حتى ولو ملأت الجبال ذهبا، وستقول لكلّ شيء لا، وستقول للغراب عنزة ولو طارت"، معتبرا أنّ حكومة الرئيس سعد الحريري أسقطت "لأنّه فشل في إدارتها السياسية والعملية، وفشل في إدارة البلد، ومن حقّنا أن نخوض تجربة أخرى مع رئيس آخر، وبتحالفات ورؤية سياسيّة واضحة علَّها تستطيع أن تنقذ لبنان".
في المقابل، تتابع قوى 14 آذار معركتها الداعمة أعمال المحكمة الدولية، في وقت علمت "الجمهورية" أنّ المؤتمر الحقوقي في "البريستول" سيوجّه نداء الى الأمين العام للأمم المتحدة السيّد بان كي مون يحثّه فيه على مواكبة أعمال المحكمة، وآخر الى جامعة الدول العربية يثمّن موقفها من المحكمة، كما يثّمن تحرّك المنظمات الدولية لحقوق الإنسان التي تسعى العدالة الدولية الى تطبيق مبادئها، فضلا عن توجيه رسالة الى الداخل يضع عبرها الحكومة أمام مسؤولياتها.
في غضون ذلك، يتابع لبنان معركته "البحريّة"، وعلمت "الجمهورية" أنّ مجلس الوزراء قرّر في جلسته الأخيرة التي عقدت في قصر بعبدا اعتماد الخرائط الرسمية وإرسالها إلى الأمم المتحدة، بعد نشرها في الجريدة الرسمية، على أن يُعدّ رئيس الحكومة الصيغة القانونية لإحالة مشروع قانون تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة وإجراءات السيادة اللبنانية عليها الى المجلس النيابي لإقراره، ذلك على قاعدة التزام لبنان قانون البحار الذي وقّعه العام 1993 ولم توافق عليه إسرائيل بعد.
وأكّد مصدر وزاري لـ"الجمهورية" أنّ المهمة الملقاة على عاتق الحكومة اليوم هي تحضير ملفّ قانون الترسيم لإرساله الى مجلس الأمن، لأنّ المفاوضات مع إسرائيل لا يمكن أن تتمّ إلّا عبره على اعتبار أنّ لبنان في حال عداء معها، الأمر الذي يمنع اللجوء إلى التحكيم الدولي سواء في محكمة العدل أو محكمة الجزاء الدوليتين، إذ إنّ إسرائيل لم توقّع على التزام هاتين المحكمتين منذ إنشائهما.
وأكّد المصدر أنّ الخيارات كلّها تبقى قائمة لاسترجاع حق لبنان في حدوده البحرية وثروته النفطية، على أن تستعجل وزارة الطاقة في إعداد المراسيم التنظيمية والتطبيقية لقانون التنقيب عن النفط ليصار الى البدء بالإجراءات العملية لتلزيم الاستكشاف والتنقيب، تمهيدا للاستخراج الذي سيفتح الباب واسعا أمام تنافس كثير من الشركات الدولية، وسيدخل في حسابات حكومات كثيرة من الدول حول طريقة التعاطي مع الحكومة اللبنانية، والتي يبقى للعامل السياسي دور في اختيار إحداها، لما لهذا الأمر من أهمّية على صعيد حماية مشروع الاستخراج.
وفي انتظار جلسة مجلس الوزراء في الثاني من آب، تنصرف الدوائر المعنية في الوزارات الى إعداد دفعات جديدة من التعيينات التي ستبدأ بالسلك القضائي وتشمل تعيين رئيس جديد لمجلس القضاء الأعلى.
ونفى الوزير محمد فنيش أنّ محافظين جدُدا سيعيّنون في هذه الجلسة، نافيا كذلك أن يكون تبلّغ أنّ تعيينهم سيتمّ من خارج آليّة التعيينات. وقال إنه لم يسمع من مجلس الوزراء أنّ هناك استثناءات إضافيّة ستتمّ في التعيينات خارج الآليّة المعتمدة، مؤكّدا أنَّ "خطوة التعيينات التي ستقدم عليها الحكومة ستكون غير مسبوقة في الدولة اللبنانية، وهي ستقوم على معايير الكفاءة والنزاهة والإصلاح"، مشيرا إلى أنَّ "الآليّة تعطي الفرصة لكلّ اللبنانيين للتنافس على الوظائف". وأوضح أنَّ "الدستور لم يلحظ المناصفة في وظائف الفئة الثانية والثالثة، إلّا أنَّ التعيينات ستتمّ حسب مقتضيات الوفاق الوطني". وطمأن الى أنّ الحكومة ستعالج أيّ غبن قد يلحق بأيّ طائفة من الطوائف.
وعلى أبواب سلسلة من الملفّات المفتوحة على شتّى الاحتمالات، لم ينتظر رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان كثيرا ليترجم مضمون خطاب عمشيت ويطلق الاستعدادات الى طاولة الحوار في القصر الجمهوري.
وعلمت "الجمهورية" أنّ سليمان باشر أمس المناقشات حول شكل هذه الطاولة وجدول أعمالها وما يمكن أن تتناوله بعد فشل الحكومات السابقة في تنفيذ القليل من القرارات التي أتّخذتها هذه الطاولة.
وقالت مصادر واسعة الإطّلاع إنّ سليمان باشر منذ يوم أمس من خلال لقائه مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد هذه الاتّصالات وفق جدول من المواعيد التي لن تستثني أحدا من الفرقاء. وهو سيلتقي اليوم رئيس حزب الكتائب اللبنانية الرئيس أمين الجميّل وسط أجواء مليئة بالهواجس جراء استعجال هذه الخطوة التي تتزامن مع سلسلة من الاستحقاقات الكبرى التي ينقسم حولها اللبنانيّون وفي أجواء مليئة بالتحدّيات الإقليمية والمحلّية والدوليّة، ممّا يعقّد الأمور ويجعلها في مهبّ الريح، ما لم ينجح في ابتداع صيغة توفّر الإجماع اللبناني على مثل هذه الخطوة المهدّدة بالمواقف المتشنّجة التي انتجتها حكومة اللون الواحد ومظاهر التحدّي التي يخوضها فريق 8 آذار في مواجهة المحكمة الدولية ومن ورائها المجتمع الدولي.
وقالت مصادر معنيّة بملفّ المحكمة لـ"الجمهورية" إنّها تخشى أجواء الاستعجال هذه ما لم يكن بقدرة سليمان ابتداع صيغة فذة لهذه الطاولة وجدول أعمالها وشكلها وآلية تكفل تنفيذ قراراتها السابقة وهويّة من سيكون عليها، من دون أن تخفي الخشية من أنّ الخطوة ستتحوّل الى مناسبة لإبعاد الأنظارعن سيل من الاستحقاقات الأخرى ولعلّ أهمّها ما يتّصل بالتداعيات المترتبة على انتهاء المهلة المتصلة بالدفعة الأولى من القرارات الاتّهامية التي أصدرتها المحكمة.
وزاد الطين بلّة حسب هذه المصادر، أنّ التزامن بين طرح فكرة إحياء الحوار وإطلالة السيّد نصرالله التي تمّ التخطيط لها لفتح جدال حول ملفّ حقوق لبنان البحرية في المنطقة الاقتصادية الخالصة خطوتان متكاملتان لصرف الأنظار عن استحقاق المحكمة وملفّات أخرى ستواجهها قوى 8 آذار ومعها الحكومة العتيدة والعهد بالتكافل والتضامن في ما بينها.
أخيراً، واصل رئيس "جبهة النضال الوطني" وليد جنبلاط إطلاق المواقف ذات المغزى السياسي، فانطلق من حادثة النروج ليغمز من قناة النظام السوري حين دعا إلى أن تكون مأساة النروج "عبرة لبعض قادة الأنظمة الذين لا يفهمون أهمّية الإصلاح السياسي بدل الاستمرار في التصدّي العنفي للمطالب الشعبيّة المحقّة والتي هي بديهيّة للعيش الكريم وحقوق الإنسان والتطلّع نحو مستقبل أفضل". وشدّد على أنّ هذه المأساة "تستحقّ البحث والاستنتاج، بعيدا عن نظريّات المؤامرة واللغة الخشبيّة التي أكل عليها الدهر وشرب". وكرّر تأكيده أهمّية معادلة الجيش والشعب والمقاومة في انتطار التوصّل الى استراتيجيّة دفاعيّة شاملة تفضي الى الاستيعاب التدريجي للسلاح في الأطر الرسميّة في الظروف الملائمة، بما يحصّن لبنان وقدراته الدفاعيّة ويبدّد مخاوف مجموعة كبيرة من اللبنانيين من هذا السلاح الذي أكّدنا مرارا وتكرارا أنّ استعماله في الداخل هو مغامرة مستحيلة لا يمكن أن يُكتب لها النجاح في أيّ ظرف من الظروف. 

السابق
الأخبار : جنرال إسرائيلي: لا أمل بانتصارنا إلّا بتدمير لبنان
التالي
الحياة : اجراءات امنية كثيفة في ريف دمشق وحمص واعتقالات