الأخبار : جنرال إسرائيلي: لا أمل بانتصارنا إلّا بتدمير لبنان

 قالت "الأخبار" :
بانتظار ما سيقوله الأمين العام لحزب الله مساء اليوم في مهرجان الكرامة والانتصار، توزّعت المواقف أمس بين عدم اطمئنان إسرائيلي إلى نتائج أيّ حرب مقبلة في ظل تنامي قدرة الحزب، وتواصل التصويب الداخلي على السلاح
يبدو أن رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، الجنرال في الاحتياط غيورا آيلاند، مشغول في درس الاستراتيجيات التي تبعد عن الجيش الإسرائيلي الكأس التي تجرّعها في عدوان تموز في أي حرب مقبلة، ولم يبق عنده وقت لمتابعة بعض المواقف اللبنانية الداخلية، وإلا لكان أوقف بحثه وذهب في إجازة بانتظار أن يريحه بعض اللبنانيين ممّا يقلقه ويقلق جيشه وداعميه.
آيلاند هذا انتهت مهماته رئيساً لمجلس الأمن القومي قبيل اندلاع عدوان تموز عام 2006، لكن الاستعانة به وبخبراته لم تتوقف، إذ شارك في التحقيقات الداخلية في الجيش الإسرائيلي في أعقاب العدوان الذي سمّته إسرائيل "حرب لبنان الثانية"، وحقق أيضاً في قضية الجندي الإسرائيلي الأسير لدى المقاومة الفلسطينية جلعاد شاليط، وفي قضية أسطول الحرية الأول. وهو في تموز عام 2011 أطلّ في حديث مع صحيفة "هآرتس" ليعلن أنه لم يغيّر رأيه في أن حرب تموز 2006 كانت فاشلة على صعيد تحديد الأهداف. وبالتفصيل، عزا أسباب الفشل إلى: الخلل في أداء الجيش، تحديد المستوى السياسي أهدافاً غير واقعية، العلاقة بين الجيش والمستوى السياسي كانت إشكالية وكذلك الرؤية الاستراتيجية للحرب، عدم ضمان الدعم الأميركي مسبقاً، والفشل الإعلامي الإسرائيلي في إقناع الرأي العام العالمي "بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
أما أحد أهم أسباب الفشل، برأي آيلاند، فكان مسألة تحديد العدو، إذ جرى تحديد حزب الله العدو الرئيسي، وحورب، فيما كانت حكومة لبنان وجيشه والبنى التحتية خارج اللعبة، معتبراً أنه بحسب قواعد اللعبة هذه، ليس بمقدور إسرائيل الانتصار في الحرب. وأضاف: إذا اندلعت غداً حرب لبنان الثالثة وتصرّفت إسرائيل وفق قواعد الحرب السابقة، فلن تكون للجيش الإسرائيلي فرصة للنجاح.
وفي معرض ردّه على سؤال عن استنتاج العبر من حرب عام 2006، بدا القيادي السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي غير مطمئن إلى النتائج، رغم المناورات العديدة التي أجراها الجيش الإسرائيلي. فرغم إشارته إلى أن بعض الأمور عولجت، كالتدريب بأطر واسعة وبطريقة تمنع تكرار الأخطاء، استطرد قائلاً "لا يمكن القول بثقة إن بمقدور المواطنين والجيش في الدولة العبرية أن يكونوا مطمئنين وهادئين بالنسبة إلى التحديات المقبلة. ففي بعض الأمور استخلص الجيش العبر باتجاه مبالغ فيه"، ليردف: "صحيح أن الجيش الإسرائيلي طوّر قدراته، لكن التطور التكتيكي لحزب الله أهم بكثير. فلديه كمية أكبر من القذائف ممّا كان لديه في السابق، وهي أكثر دقة ومداها أبعد، وقد أخفاها بطريقة أفضل". وشرح ذلك بالقول: إذا جرى التصرف في الحرب المقبلة وفق المفاهيم عينها التي كانت في الحرب السابقة، فقد ينجح الجيش في استهداف حزب الله بطريقة أفضل مقارنة بالحرب السابقة، لكن حزب الله سيقصف الجبهة الداخلية على نحو أوسع، لذا لن يحقق الجيش انتصاراً.
وبناءً على ما تقدم، يرى آيلاند أن التهديدات والحرب يجب أن تكون ضد الدولة اللبنانية، لأنه لا أحد يرغب في دمار لبنان، بما في ذلك سوريا وإيران. وقال: إن الرافعة الأساسية هي قدرة الردع قبل أن تندلع الحرب، إضافة إلى ضرورة تحقيق الانتصار بسرعة من خلال القول إن دولة لبنان تتحمل مسؤولية النيران التي تطلق من أراضيها، معتبراً أن هذا الأمر صحيح أكثر اليوم "بعدما أصبحت سيطرة حزب الله على الحكومة اللبنانية أقوى". ولخّص رأيه هذا بأن إسرائيل لن تنتصر على حزب الله في الحرب المقبلة إذا لم تُستهدف البنى التحتية والجيش في لبنان.
وبعدما قال إنه لا يعتقد بأن لدى القيادة الإسرائيلية في الوقت الراهن الوضوح الكافي في كيفية إدارة المعركة في الشمال وكيفية الوصول بسرعة إلى الهدف المطلوب، مضيفاً أن الاعتقاد بأن التطور التكتيكي لدى إسرائيل بمقدوره تحقيق نتائج مختلفة عن الحرب السابقة هو اعتقاد خاطئ، ردّ على سؤال عن أن المجتمع الدولي لن يقبل بتدمير البنى التحتية في لبنان بالقول إن الأمر يتعلق بكيفية عرض الأمور، وإنه إذا أظهرت إسرائيل للعالم، قبل الحرب، أن حزب الله يستخدم المدنيين، فإن العالم سيتفهّم الرد الإسرائيلي. لكنه رأى ان استمرار المعركة لفترة تتجاوز أسبوعين سيسبّب أضراراً غير محتلمة في الجبهة الداخلية، وذلك يعني الخسارة لإسرائيل. لذا فإن الحل البديل هو مهاجمة لبنان بطريقة تدفع المجتمع الدولي إلى المطالبة بوقف إطلاق النار خلال يومين.
وإذ ردّ الهدوء مع لبنان إلى التطورات السورية واللبنانية، لا إلى حرب تموز، قال إن إسرائيل تتبع خطاً استراتيجياً صحيحاً في ما يخصّ خيار المبادرة إلى الحرب، إذ لم تبادر إلى حرب أو هجوم إلا في حال واجهت خطراً استراتيجياً وجودياً، مثل مهاجمة المفاعل النووي في العراق. وبحسب المصادر الأجنبية في دير الزور السورية، أضاف أن سوريا تملك اليوم كميات هائلة من الأسلحة الكيميائية الخطيرة جداً، ولكن هذه الكميات، على الرغم من خطورتها، لا تعتبر بالنسبة إلى إسرائيل سبباً لشن الحرب على سوريا، بحسب قوله.
إذاً، بحسب آيلاند، فإن الجيش الإسرائيلي لن يحقق انتصاراً في أي حرب مقبلة بسبب التطور التكتيكي لحزب الله وتضخّم ترسانته العسكرية. وبحسب بعض اللبنانيين، فإن طاولة الحوار التي يقترح رئيس الجمهورية استئنافها ليست مقبولة إلا إذا كان بندها الوحيد "هو السلاح فقط" الذي لم يعد له "من المقاومة إلا الاسم والاسم فقط"، كما قال النائب خالد زهرمان أمس. ووصف زميله النائب أحمد فتفت العودة إلى طاولة الحوار بالكذبة الكبيرة، قائلاً "إن حزب الله لا يريد طرح سلاح المقاومة" على هذه الطاولة، وذلك في وقت التقى فيه رئيس الجمهورية أمس النائب محمد رعد، وتناول معه، بحسب المعلومات الرسمية، "موضوع الحوار الوطني وطرق المقاربة الكفيلة والضامنة لنجاحه".
أما واشنطن التي ذكر آيلاند عدم ضمان دعمها مسبقاً كأحد أسباب فشل العدوان الإسرائيلي في عام 2006، فإنها على الرغم من وقوفها على أبواب إمكان مواجهة عجز عن سداد التزاماتها المالية للعام الحالي، أوفدت قائد القيادة الوسطى في جيشها الجنرال فنسنت بروكس مع وفد عسكري من أجل "مناقشة التعاون المستمر بين الجيشين اللبناني والأميركي"، كما جاء في بيان للسفارة الأميركية، الذي ذكر أيضاً أن بروكس اجتمع مع قائد الجيش العماد جان قهوجي "لمناقشة المبادرات الثنائية للتعاون الأمني"، وأنه "شدّد على أهمية الشراكة القوية بين الولايات المتحدة والجيش اللبناني من أجل تعزيز إمكانياته العملانية لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701".
في المقابل، وفي احتفال بذكرى انتصار تموز، قال النائب نواف الموسوي: "المقاومة لا تحتاج في شرعيتها ولا في شرعية سلاحها إلى شهادة من أحد، فكيف إذا كان بعض هذا الأحد ممن لا يستطيع أن يشهر أمام العدو الغازي إلا فنجان شاي يقدمه في ثكنة مرجعيون؟ فلا بقرارات دولية ولا بدعم من الإدارة الأميركية ولا بإمداد من الحكومات الغربية تحرر بلدنا، بل تحررت هذه الأراضي بالمقاومة". ورأى أن مطالبة الفريق الآخر بأن يكون السلاح بنداً وحيداً للحوار كشفت "موقفهم الحقيقي من الاستراتيجية الدفاعية، "حيث تبيّن أنهم حينما كانوا يناقشون هذه الاستراتجية لم يكن هدفهم كيفية حماية لبنان، بل التوصل إلى الطرق المناسبة التي تؤدي إلى نزع سلاح المقاومة، وهو المطلب الدائم لإسرائيل والحكومات الغربية منذ أن انطلقت المقاومة".
في هذا الوقت، توقّف المراقبون أمام المواقف الأخيرة للنائب وليد جنبلاط. فبعد إلغائه أول من أمس لـ"قيمة" نظرية الأنظمة الممانعة، دعا أمس في موقفه الأسبوعي لجريدة الأنباء إلى أن تكون "مأساة النروج عبرة لبعض قادة الأنظمة الذين لا يفهمون أهمية الإصلاح السياسي بدل الاستمرار بالتصدي العنفي للمطالب الشعبية المحقة، التي هي بديهية للعيش الكريم وحقوق الإنسان والتطلّع نحو مستقبل أفضل"… ما يفرض السؤال: هل ذلك مجرد دعوة إلى الإصلاح من منطلق الحرص، أم عودة عن استدارة 2 آب 2009 عشية 2 آب 2011؟ 

السابق
الشرق : بري يصر على تحديد حدود المنطقة الخالصة في جلسة 3 و4 آب
التالي
الجمهورية : سليمان يستكشف فرص الحوار وحقوقيو 14 آذار لمواكبة المحكمة