«تيار المستقبل»: مراجعة عامة للحسابات والعلاقات.. والأداء

 بات في حكم المؤكد ان يعود الرئيس سعد الحريري زعيم المعارضة الجديدة الى بيروت مع حلول شهر رمضان المبارك متجاوزا الاعتبارات الأمنية وغير الأمنية إن وجدت، لأن المرحلة تقتضي وجوده في الداخل.
فلن يكون باستطاعته قيادة معارضة فعالة من الخارج، كما ليس باستطاعته الاستمرار في «منفاه الطوعي أو القسري» وتبرير هذا «الانقطاع الانكفاء» أيا تكن أسبابه.

وجريا على عادته وإحياء لتقليد سنوي بدأه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، سيقيم الحريري إفطارات رمضانية وستكون له إطلالات سياسية وإعلامية شبه يومية من المتوقع ان تسفر عن بلورة مواقفه وخياراته السياسية لهذه المرحلة وعن شرح وتوسيع الأفكار والمواقف التي أدلى بها في إطلالته التلفزيونية الأخيرة والتي تتمحور حول أربع مسائل أساسية: حكومة ميقاتي، المحكمة الدولية، الموقف من حزب الله وسلاحه، وتطورات الوضع في سورية، وفي المسائل الثلاث سيكون الحريري أكثر وضوحا و«أعلى سقفا».

ما يختلف في «رمضان الحريري» هذا العام أمران: الأول «في المكان» شكلي وتقني ويتمثل في ان الافطارات الرمضانية ستقام للمرة الأولى في مجمع البيال وخارج قصر قريطم الذي له رمزية وطنية وسياسية معينة. والثاني سياسي «في المضمون والموقع» لأن الحريري يطل لأول مرة من موقع «زعيم المعارضة» بعد خروجه أو إخراجه المفاجئ من الحكم إنفاذا لقرار اتخذه الرئيس بشار الأسد والسيد حسن نصرالله كما قال الحريري.وفي الواقع، يعود الحريري الى بيروت في ظل وضع سياسي جديد مختلف تماما عن السنوات الماضية، وعلى وقع سجال ونقاش سياسي مازال متواصلا داخل تيار المستقبل وفريق 14 آذار ويحول دون الوصول الى خطط نهائية عملية ومفصلة، وان كانت الأهداف والخيارات حددت في منحاها العام واختصرت بعنوان واحد عريض وهو إسقاط حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.

وإذا كان تيار المستقبل عانى في الأشهر الأخيرة التي تلت خروج الحريري من رئاسة الحكومة مرحلة «انعدام الوزن» واقعا تحت تأثير الصدمة والضربة السياسية التي تلقاها، فإنه في الأسابيع الأخيرة التي تلت تشكيل حكومة ميقاتي دخل مرحلة «عدم استقرار» منصرفا الى لململة أوضاعه واعادة تنظيم صفوفه بما يتناسب مع طبيعة المرحلة الجديدة، وساعيا الى بلورة خطته السياسية وسط نقاش دائر هو أقرب الى عملية نقد ذاتي للأداء السياسي والأسلوب المعتمد في مقاربة ومواجهة المرحلة الجديدة، ووسط عملية اعادة تقييم ومراجعة للحسابات والعلاقات. ويستدل من مجريات هذه العملية انها تتمحور حول 4 مسائل أساسية:

طريقة التعاطي مع حكومة ميقاتي التي لا تتناسب مع الهدف المحدد بإسقاطها. وهنا تبرز انتقادات صريحة لطريقة الاعتراف والتعامل «الواقعي» مع الرئيس ميقاتي والوزراء بما يوحي برغبة المهادنة وتطبيع العلاقة مع حكومته، وما يشجع قوى وشخصيات المعارضة على سلوك هذه الطريق ويلحق المزيد من الاحباط بجمهورها. ثمة دعوة ملحة في أوساط معارضة الى تغيير نمط التعاطي مع حكومة ميقاتي في اتجاه أكثر راديكالية وجدية لتضييق الخناق عليها وإشعارها بأنها مقاطعة ومعزولة في الداخل. مع ما يفرضه ذلك من وقف كل أنواع المسايرة والمجاملة مع رئيس الحكومة رئيسا وأعضاء وكل محاولات التقرب من خلفية المصالح والخدمات. وهذه الدعوة تقابلها، ولكن على نطاق ضيق ومحدود، دعوات الى عدم القطع مع ميقاتي والى انفتاح وتواصل الحد الأدنى معه والى إفادة الحد الأقصى من تناقضات حكومته وحتى لا يندفع أكثر الى أحضان حزب الله والسوريين.

1- الموقف من النائب وليد جنبلاط لأن هناك من لايزال يراهن على تبدل وإعادة تموضع من قبله يفضي في نهاية المطاف الى تبدل وجهة الأكثرية والى عودة الحريري الى رئاسة الحكومة، مستندا في ذلك الى اشارات بدأ جنبلاط يطلقها في أكثر من اتجاه بدءا من رغبة اعادة التواصل مع الحريري وصولا الى لهجة جديدة في مخاطبة النظام السوري. وبالمقابل هناك من يحمل جنبلاط المسؤولية الأولى في ما حدث وانه يعود «الفضل الأساسي» له في نقل الأكثرية والحكم من ضفة الى أخرى، وبالتالي يجب ان يدفع ثمن فعلته وان يتم التأكيد له ان لا إفلات من العقاب السياسي بعد اليوم ويمكن الاستغناء عنه.

2- الموقف من الرئيس ميشال سليمان حيث ان البعض يحمله مسؤولية انه ساهم في تمرير وتغطية الانقلاب الحاصل وفقد دوره التوافقي. فيما يرى آخرون انه مغلوب على أمره وان لا مصلحة في القطع معه وفي تكرار تجربة العزل والمقاطعة التي اتبعت مع الرئيس السابق اميل لحود وفي ظروف مختلفة وموازين قوى مختلة في غير مصلحة 14 آذار.

3- الموقف من حزب الله وسلاحه وحيث التوجه الغالب هو الى فتح ملف السلاح من دون هوادة ومواربة.

4- الموقف من الحوار الوطني بين من يرفضه لعدم اعطاء الحكومة مشروعية سياسية ووضعا مريحا. وبين من يرى صعوبة وعدم واقعية في رفض الحوار ويدعو الى التعاطي والتفاعل الايجابي معه.

5- الموقف من أحداث سورية بين من يدعو الى تطوير الموقف في اتجاه أكثر وضوحا مع الشعب وضد النظام. وبين من يدعو الى الاستمرار في استراتيجية الانتظار الى حين جلاء الوضع في سورية وتبلور اتجاهه النهائي الذي بات يتوقف عليه مسار الوضع اللبناني ومصير حكومة ميقاتي.
 

السابق
إسرائيل تلوح بتدمير لبنان خلال أسبوعين بالحرب المقبلة!
التالي
الضاهر: أخذوا الأمن العام لتزوير جوازات سفر!