مع الحوار بشروط

 من الافضل لجميع الافرقاء ألا يكونوا سلبيين في التعامل بين بعضهم البعض، لأن الايام اثبتت ان لا منتصر حقيقيا في لبنان، وما الانتصار إلا جولة في معركة دهرية باقية وإن تبدلت وجوهها، وان السلاح مهما تعاظم دوره فهو اداة موقتة سرعان ما تنقلب على اصحابها عند تغير الظروف الاقليمية والدولية التي اوجدتها وساهمت في تعزيز دور من يملكها. ولنا في التاريخ القريب شواهد، هنا في لبنان، وفي المحيط العربي الذي يشهد اكبر حركة تغيير في التاريخ الحديث، وسقوط انظمة كانت لها السطوة العسكرية والمخابراتية العظمى.
يتحدثون اليوم في لبنان عن الحوار الوطني. الاكثرية الجديدة تطلبه، والمعارضة التي كانت اكثرية ترفضه. الاولى تريد الغطاء الوطني لتكريس انتصارها، الموقت طبعا، والثانية خائفة من نيات مبيتة خصوصا مع كلام متزايد على رغبة رئيس الجمهورية ميشال سليمان في توسيع اطار الحوار، اي اضافة مشاركين رغبة منه في ارضاء اطراف شنت عليه اكثر من حملة بسبب عدم مشاركتها. وهذا الامر يخيف المعارضة الجديدة من خطة لتحويلها اقلية ايضا داخل مؤتمر الحوار الوطني.
أمام هذا الواقع هل ترفض المعارضة الجديدة الحوار؟ الجواب الايجابي غير منطقي على الاطلاق، اذ لا يجوز ان ينقطع الحوار بين اللبنانيين، ويجب ألا يتحمل اي طرف لبناني مسؤولية انقطاع الحوار، لكن في المقابل يمكن الترحيب بطاولة الحوار وفق الآتي:
اولا: الاتفاق على الاسماء المضافة في مؤتمر الحوار بعد انعقاده حتى لا تصير امرا مفروضا معطلا للحوار وهذا يريح الرئيس ميشال سليمان فلا يتهم بالانحياز الى فريق دون آخر.
ثانيا: جعل كيفية تطبيق البنود المتفق عليها سابقا بندا اول حتى لا يفقد الحوار بمن فيه الصدقية لدى الناس، اذ كيف يمكن المضي في درس اقتراحات ومشاريع جديدة يعلم اللبنانيون ان شيئا منها لن يطبق. هذا بصريح العبارة كذب على الناس. لذا يجب تكليف الحكومة والاجهزة المعنية البدء بمنع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، في اختبار للقدرة على المتابعة.
ثالثا: انجاز البحث في موضوع الاستراتيجية الدفاعية للبنان، والسلاح من ضمنها، وهذا ليس شرطا كما فسره الرئيس نبيه بري، بل هو متابعة لما قامت من اجله طاولة الحوار تلك التي كان بري شخصيا عرابها، لان عدم متابعة الملف يعني الفشل في التوصل الى حلول في المواضيع الكبيرة العالقة، ويعني بالتالي عدم الحاجة اليها، اذ ان التعيينات الادارية لا تحتاج الى مؤتمر للحوار، والملفات الاخرى ايضا، لان البحث في الموضوعات الاقل شأنا يعني الغاء للحكومة ولمجلس النواب.
إن رفض مؤتمر الحوار امر سلبي، واما الايجابي فهو قبوله ضمن الثوابت والاصول، وعدم القبول بانقطاعه عن ماضيه الذي شكل نقطة تلاق تحتاج الى التطبيق العملي. وأمام الحكومة الفرصة. 

السابق
«عسكر وبس!»
التالي
حوار الطرشان