المعنى السياسي للخيام

 ليست العاصفة الاجتماعية في البلاد فقاعة. وليست نزوة دفني ليف التي حظيت بتأييد أصدقائها المقربين والبعيدين. فقد بدأ الاحتجاج يظهر في النضال بسبب أسعار المحروقات ومنتوجات الحليب.
في البدء اعتقدت وسائل الاعلام والحكومة أنه لا توجد هنا مسيرة حقيقية. فبلد مشحون بالحروب والصراعات كبلدنا لن "يدلل نفسه" بتمرد مستهلكين. حاولوا في الماضي اثارة هذا التمرد مرات كثيرة، لكن كل محاولة فشلت وهي ما زالت في مهدها. واولئك المسمون "الطبقة الوسطى"، ولا سيما الشباب منهم، قرقروا في أروقة مغلقة، ولم يخرجوا الطاقة التي تراكمت في داخلهم الى الخارج.
قبل شهرين حادثت في قاعة رياضية فتى شابا يعمل في الهاي تك. وتعمل زوجة ذاك الشاب في مكتب محامين. يقرب حاصل أجري الزوجين الصافي من 25 ألف شاقل كل شهر. وقد حلل ذلك الشاب أمامي اطار نفقاتهما: استئجار شقة باهظة الكلفة، ومساعدة دائمة على أعمال البيت وتربية طفلين صغيرين في الوقت الذي يحتاج أحدهما الى حلقات اغناء. "لا نستطيع انهاء الشهر فضلا عن أن نحلم بشقة"، قال لي. "هذا غير ممكن لاننا شابان ناجحان نحمل لقبين جامعيين". سمعت وكتمت في نفسي. لم تبدو لي دعاوى الشاب في الحقيقة أنها احتجاج عارض لكنني لم أرها أيضا خطة لعمل سياسي.
إن احتجاج اليوم يضيق ذرعا بالنظام القائم. ولا يعني هذا أن المشاركين في الاحتجاج يفضلون تسيبي لفني على بنيامين نتنياهو. فكلاهما، ومعهما ساسة آخرون ليسوا صدى جمهور المحتجين. فللجالسين في الخيام آراء سياسية مختلفة لكن أكثرهم مخلوقات غير سياسي ابتعدوا عن التفكير في السياسة.
أعتقد أن الطاقات التي اجتمعت ستفضي الى نشوء حركات جديدة ومختلفة. ربما حركة واحدة وربما أكثر؛ حركة تريد أن ترى أشخاصا جددا، تراهم أكثر أصالة. وسيكون برنامج عمل الاشخاص الجدد في أساسه اقتصاديا اجتماعيا. هل ستنجح هذه الحركة انتخابيا؟ من ذا يستطيع أن يتنبأ؟ لكن الاحزاب ذات الشرعية قد تتضرر.
هل شخص معروف ومقبول وله تقدير في حلقات ما مثل يئير لبيد قادر على تمثيل الطاقة المندفعة من الاحتجاج الحالي؟ ربما لكن برنامج عمله القائم على التربية وعلى العلمانية (البلد ظاميء الى حركة علمانية) وعلى مواطنة مطورة، سيتغير آنذاك تغيرا غير قليل.
إن الاحزاب الموجودة لن تلتقي مع الاحتجاج لكنها ستنافقه. ستقول بعد ذلك ان "لاسرائيل مشكلات وجودية" وهي أقوى من الاحتجاج على غلاء المعيشة، وهو احتجاج "من الترف في دولة محاطة بالاعداء".
هل اليمين القوي الذي يشعر بأن الرأي العام معه سيتضرر الى درجة ان يفقد زمام السلطة؟ ما زال من السابق أوانه أن نبت ذلك لكن اليمين سيحاول ان يربط "الشعور الوطني" بالاحتجاج لان "دولة يهودية فخورا تهتم برفاهة مواطنيها".
لست على ثقة من أن هذا هو السيناريو الحقيقي الذي سيجري الواقع على وفاقه لان الربط بين الوضع الاقتصادي الاجتماعي والمستوطنات وكلفتها السياسية لن يظل وراء باب مغلق. ومن المفهوم ايضا أن ليس لاحزاب المركز – اليسار سبب للاحتفال، لان كل حركة جديدة ستنشأ ستريد دفع اهدافها قدما ولن تنضم الى ائتلاف لاعتبارات سياسية فقط كما حدث في الماضي. الساحة مخترقة فيصعب أن نقدر زخم النضال. يمكن فقط أن نقول ان ما كان لن يكون. فثمّ طاقات جديدة تصرخ من أجل التغيير. 

السابق
ماذا يريدون؟
التالي
عندما ينسون حدود القوة