هذه هي الهواجس المطلوب من الحكومة أن تُجيب عنها

 عملياً، يمكن القول إن بعض الوزراء يعيشون في حالة تصريف أعمال وكأن الحكومة راحلة غداً، هذا الإنطباع يُولِّد حالاً من الجمود الحكومي ويخلق نوعاً من عدم الإنتاجية خصوصاً إذا كان الوزراء الذين لديهم هذا الشعور هم من الوزراء الخدماتيين.
ما هو الإعتبار الذي يجعل السلطة التنفيذية، أو بعضها، يتصرف على هذا الأساس؟
هناك محطات واستحقاقات بعضها قريب ويُحتَسَب بالأسابيع وبعضها الآخر متوسط المدى ويُحتَسَب بالشهور، لكنها استحقاقات تلتقي عند نقطة

اساسية وهي خطورتها وعدم التمكن من الإفلات منها.
الإستحقاق الأقرب هو ملف المتهمين الأربعة الذين سمتهم المحكمة، لقد اقترب انتهاء مهلة الشهر لتسليمهم، فماذا ستفعل الحكومة؟
وما هو الجواب الذي ستُقدِّمه إلى المحكمة؟
هل سيكون الجواب ان الحكومة لم تجدهم؟
مثل هذا الجواب لن يكون مقنعاً لأحد، لا للبنانيين المعنيين ولا للمحكمة الدولية.

الإستحقاق الثاني الذي لا يقل أهمية عن الأول بل يرتبط به ارتباطاً مباشراً هو ملف تمويل المحكمة، لقد اقتربت مرحلة إعداد الموازنة العامة للعام 2012، فهل ستتضمَّن أرقام الموازنة حصة لبنان من تمويل المحكمة الدولية؟

لقد اعتمد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سياسة تقوم على الإستراتيجية التالية:
ما لم يستطع وضعه في البيان الوزاري يضعه في تصريحاته وفي مقابلاته بحيث يلتبس على المراقبين ما هي سياسة الحكومة؟
هل هي في البيان الوزاري أم في تصريحات رئيس الحكومة؟
البيان الوزاري نالت الحكومة الثقة على أساسه لكن تصريحات رئيس الحكومة غير ملزمة لأحد.
هذا التباين لن يستمر طويلاً، ففي نهاية المطاف ستجد الحكومة نفسها أمام التزاماتها وعندها ماذا ستفعل؟
لن تتمكن من الحديث عن الفارق بين البيان الوزاري وبين تصريحات رئيس الحكومة وعندها سيكون يوم الحساب الكبير.

هذا في ما يخص الإستحقاقات التي تربط لبنان بالمجتمع الدولي، ولكن ماذا عن الإستحقاقات التي تهم اللبنانيين في يومياتهم ومعيشتهم؟
ما هي السياسة التي ستعتمدها الحكومة في ما يتعلق بالمحروقات وأسعارها وبالخدمات الأساسية التي أصبحت لا غنى عنها كخدمات الخليوي والإنترنت؟
ماذا عن أسعارها؟
وهل بالإمكان خفض كلفة فاتورتها خصوصاً انها الأغلى سعراً في العالم؟

هذه عينة من التحديات، الداخلية – الخارجية التي يمكن أن تواجه الحكومة، وهي مدعوة إلى أن تُقدِّم الأجوبة حيالها ليس للمجتمع الدولي والشرعية الدولية بل للشعب اللبناني أولاً لأنه هو المعني الأول بعمل الحكومة وبأدائها ولأنه هو الذي يدفع الضرائب لها وليس المجتمع الدولي والشرعية الدولية.
والأجوبة التي يجب أن تُعطى للشعب اللبناني ليست على طريقة تلك التي يجب أن تُعطى للمجتمع الدولي أي الأجوبة الخالية من المِهَل، ما يجب أن يُقال للناس لا يحتمل أي مماطلة.
 

السابق
“تعزيز الروح الوطنية”: ربط القول بالعمل
التالي
تظاهرة القبّة: ايران واسرائيل وجهان لعملة استعمارية واحدة