كاميرا «جنوبية» في مسبح «للنساء فقط»: هكذا تكون المسابح النسائية

أطلّ الصيف مبكراً هذه السنة، فالحرارة مرتفعة أكثر من ذي قبل والملاذ الوحيد هو البحر او المسبح، والهدف واحد: الاستجمام والسباحة والبرونزاج، فمهما اختلف اللبنانيون فيما بينهم تجمعهم المياه، إن على الشواطىء العامة او ما تسمى بـ”أبو بلاش”، أو في المسابح.

يعاني اللبنانيون من ارتفاع الأسعار في المسابح الممتدة على طول الشاطىء من الشمال إلى الجنوب، فالعائلة المؤلفة من خمسة أفراد، سيكلفها مشوار المسبح اكثر من 200 الف ليرة لبنانية، أي ما يقارب نصف الحدّ الادنى للأجور، وذلك بين تعرفة الدخول والغداء والشراب والنرجيلة.. لاسيما وأن أكثرية المسابح تمنع زائريها من إدخال المأكولات والمشروبات معها الى حرم المسبح، ومع ذلك فإننا نراها تغص بهم وبشكل خاص تلك المخصصة فقط للنساء.

فتيات يحضرن من الصباح الباكر حاملين حقائبهن وحاجياتهن، يدخلن المسبح بشكل محتشم، وما هي إلا دقائق حتى تنقلب الامور رأساً على عقب، وتظهر النساء بأشكال وألوان مختلفة يطغى عليها لون الجلد.

المحجبات منهنّ يحضرن بأعداد كبيرة لما يؤمنه لهم المسبح من راحة في اللبس والحركة، التي يصعب ايجادها في الاماكن المختلطة او العامة وفقاً لمقولة “مسبح شرعي”، أي حيث يكون بإمكان الفتيات أن تقفن شبه عاريات أو حتى عاريات أمام أخريات من الجنس نفسه، على أن تكنّ بملابس تسمح لهنّ بالسباحة حيث يتواجد الجنس الآخر. وأيضاً الفتيات غير المحجبات تحضرن بكثافة، فالمسبح أكثر طمأنينة وأمانا، حيث الجميع متشابه وليس هناك من “يلطش” ويعكر تحركاتهن ويزعج خطواتهن.

في الداخل تجتمع الفتيات تحت المظلات، وتتنافسن من أخذت سمرة أكثر من الاخرى ومن هي القادرة على القفز من مرتفع اعلى، ومن تلبس مايوها اجمل، وما اكثر انواعها من كل لون ونوع، قطعة واحدة، قطعتين او حتى ولا قطعة!! تنافس مهضوم يلفت النظر لملاحظتهن ومراقبتهن لمعرفة الفائزة في النهاية باعجاب إحدى الامهات اللواتي يجتمعن للعثور على العروس المناسبة لولدها، فتراها تتفحص الفتيات كل واحدة على حدة من راسها الى اسفل قدميها لاختيار كنتها الجديدة.

وأخريات يبقين تحت الشمسية واضعات الحماية على أجسادهن، حاملين النرجيلة والقهوة دون ان يتحركن الى احدى جهات المسبح أو حتى تطأ اقدامهن رمل البحر، لحماية انفسهن من اشعة الشمس الحارقة، وكأنهن لم يسمعن من قبل بالمقهى المقفل او حتى تلك المنتشرة على الشاطىء والتي تؤمن لهن الراحة وتمنعهن من الاحتراق.

في زاوية المسبح تكون الـpiste، وهي حاضرة لاستقبال جنون الفتيات ورقصهن ودلعهن ومنافستهن من تتمايل اكثر من الاخرى ومن تحفظ العدد الاكبر من الاغاني لتكون حاضرة على تكملتها، والرقص على انغام تلك الموسيقى الصاخبة، التي تحرك الجالسات قبل الراقصات. وفي مكان آخر من المسبح، تنتظر البصارة صيدها الثمين من كل فتاة تمر بالقرب منها، لتبدأ معها رحلة الاحتيال والكذب فتخبرهن عن مستقبلهن المزهر، وعمرهن القصير او الطويل، وعن العريس الذي سيأتي بعد اشارتين، وهذه الأخيرة في مصطلح التبصير تتراوح بين الساعتين والدهرين!!!

وفي الجهة الأخرى تقبع إمراة الحنة الجاهزة لتطبع على أجساد الفتيات أجمل الرسومات وأكثرها إثارة، فمن الفراشة على الكتف إلى السنبلة في أسفل الظهر مروراً بالورود على الأيدي والارجل، ما يلفت إنتباه الحاضرات ويشجعهن على الرسم.

يمضي النهار ولا تسمع سوى الاصوات النسائية المتشابهة، إلا فيما ندر، مع صوت ذاك الرجل الذي ينادي بين الحين والآخر ليخبر عن فقدان أحد الاولاد او يطلب خروج إحداهن لتغيير موقع السيارة، وهذا الموظف المسكين يعاني ما يعانيه، فهو يدرك ما تختزن الباحة خلف الستار الفاصل بينه وبين مئات الفتيات العاجز عن رؤيتهن، فيكتفي بسماع صرخاتهن وضحكاتهن، ليطلق العنان لمخيلته ترسم مئات الصوّر والاشكال، فيمضي الصيف بأكمله يلعن الساعة التي خلق فيها ذكرا وليس انثى.

مهما ارتفعت الأسعار، ومهما وضعت إدارة المسابح الشروط والعقبات لمنع الزائرين من إحضار ما يمكن أن يخفف من فاتورة مشوارهم، يبقى للمسبح خصوصية تميّزه عن البحر، حيث تمضي الساعات بسرعة البرق، من المناظر والقصص التي لا يمكن للعين ان تلحظها جميعها لكثرتها في هذا اليوم النسائي بامتياز.

السابق
الشيخ» وليد المعلم!
التالي
علوش: عودة الحريري الى لبنان باتت قريبة