الشيخ» وليد المعلم!

 منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية السورية والنظام في دمشق يحاول تصوير ما يحدث على أنه عمل تقف خلفه جماعات دينية، والأسبوع الماضي وحده شهد حالتين لافتتين تنبئان بأن النظام بات يحاول الآن تكريس الطائفية، كورقة من ضمن الأوراق التي يستخدمها لوأد الانتفاضة.
فالأسبوع الماضي حاول النظام – وكاد أن ينجح – ترسيخ فكرة أن ما يحدث في حمص هو عمل طائفي، وذلك لإخافة الأقليات، والمجتمع الدولي، من أن سوريا توشك أن تقع في حرب أهلية طائفية. كما حاول النظام، في الوقت نفسه، والمحسوبون عليه، حتى من بعض العرب في بعض الصحف الغربية، ترسيخ فكرة أن المعارضة التي ظهرت في مؤتمر إسطنبول ما هم إلا إسلاميون، وجلهم من «الإخوان». ودليلهم على ذلك هو الظهور المكثف لأصحاب اللحى، حتى إن أحد المثقفين العرب المرموقين، والحريص على الانتفاضة السورية، يقول لي «أتضايق من ظهور بعض المعارضين السوريين الملتحين على التلفاز، حيث باتوا يكرسون الصورة التي يريد النظام ترسيخها، وهي أن المعارضة (إخوانية)»!
لكن الأمر الذي لم يتنبه إليه الكثيرون هو أن النظام السوري نفسه اليوم بات ملتحيا، وبشكل يفوق بعض أفراد المعارضة، وقد يقول البعض كيف؟ فمن المفارقات أن نشرت صحيفتنا يوم الخميس الماضي صورتين تلخصان كل الحكاية؛ فالصورة في الصفحة الثانية من النسخة الورقية تظهر وزير الخارجية السوري وليد المعلم متصدرا المنصة في ندوة حوارية سياسية دينية حول الرؤية الإصلاحية، عقدت في كلية الشريعة بجامعة دمشق، وجلس على يمينه وزير الشؤون الدينية محمد عبد الستار السيد، وعلى يساره الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، وكلاهما رجل دين ملتح، بينما في الصفحة الثالثة المقابلة لها صورة للمعارضين السوريين عماد الدين رشيد، وفداء المجذوب، في إسطنبول، وكلاهما كان ملتحيا أيضا.
والسؤال هنا: ما الفرق إذن بين النظام السوري المتلحف برجال الدين، والمعارضة الملتحية؟! فهل أصبح، مثلا، وزير الخارجية السوري فجأة «الشيخ» وليد المعلم ليقبل منه إلقاء محاضرة في ندوة حوارية سياسية دينية حول الرؤية الإصلاحية في كلية الشريعة بجامعة دمشق، بينما لا يقبل من المعارضين السوريين أن يكونوا ملتحين؟
وهذه ليست كل القصة بالطبع، حيث لم يتنبه كثير من متابعي الشأن السوري، بعد الانتفاضة الشعبية، أن النظام العلماني البعثي في دمشق لجأ إلى نفس أسلوب نظام صدام حسين العلماني البعثي عندما بات يواجه شعبه، والمجتمع الدولي، إذ شرع صدام وقتها في إضافة عبارة «الله أكبر» على العلم العراقي، وعمد إلى اتخاذ قرارات جعلت العراق يبدو وكأنه دولة إسلامية، مع أن النظام كان بعثيا علمانيا، وكل ذلك ليوجد صدام وقتها لنفسه شرعية دينية. والأمر نفسه يفعله النظام السوري اليوم، وخصوصا أن النظام قد عمد أوائل الانتفاضة السورية إلى رفع الحظر عن النقاب، وإغلاق كازينو قمار في سوريا!
لذا، فإن الحديث عن المعارضة «الإسلامية» السورية، والجماعات المسلحة، وغيرها من السيناريوهات التي يروجها النظام، ما هو إلا أوراق يتم استخدامها فقط لتبرير قمع الانتفاضة. فرموز المعارضة السورية معروفون ويمثلون جميع ألوان الطيف السوري، ومنهم علويون أيضا، وهذا ما
 

السابق
تظاهرة القبّة: ايران واسرائيل وجهان لعملة استعمارية واحدة
التالي
كاميرا «جنوبية» في مسبح «للنساء فقط»: هكذا تكون المسابح النسائية