فضل الله:اخراج التعيينات من عقلية المحسوبيات والحسابات السياسية

 ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية: "لا يزال العدو الصهيوني يواصل حربه المفتوحة على الشعب الفلسطيني، من خلال غاراته المتواصلة على قطاع غزة، أو من خلال استكماله لمشاريع الاستيطان في الضفة الغربية، في الوقت الذي أخذت الأونروا تقليص خدماتها الغذائية والصحية والتعليمية التي تقدمها للشعب الفلسطيني، ما يزيد من معاناة هذا الشعب وآلامه. إن هذه الضغوط تتواصل في ظل انعدام الوزن العربي والإسلامي أو اللامبالاة، وصمت اللجنة الرباعية عن إدانة إسرائيل، لموقفها الرافض لاستئناف المفاوضات على أساس القوانين الدولية. وفي هذا الجو، يتحرك الموقف الأميركي الرافض للحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني، يواكبه ضغط أوروبي لمنع أسطول الحرية من الإبحار إلى غزة لمساعدة الشعب المحاصر.
اضاف:"إننا في هذا المجال، نؤكد على الشعوب العربية والإسلامية، عدم نسيان هذه القضية وترك الشعب الفلسطيني يواجه مصيره وحده، مع كل الظروف الصعبة التي يعاني منها، والتحديات التي تواجهه، وإبقاء القضية الفلسطينية كأساس وكبوصلة لتحديد مواقفها وحركتها، لأن تمييع هذه القضية وإدخالها في لعبة التسويات الدولية، سيمهد لتمييع كل القضايا الحيوية لهذه الشعوب، ولأن سقوط هذه القضية سيؤدي لسقوط الكثير من بلدانها تحت ضغط القوة والقرارات الدولية الجاهزة التي تشرع للاحتلال احتلاله، وتجعله أمرا واقعا. إننا ندعو الشعب الفلسطيني إلى الإسراع في خطواته نحو التلاقي، وإيجاد خطوط مشتركة تضمن الموقف الواحد في مواجهة التحديات الأمنية والسياسية، كما ندعو الذين يعملون من أجل رفع الحصار عن غزة، إلى مواصلة مسيرتهم لفك هذا الحصار، وتطوير جهودهم الإنسانية هذه بالعمل على عودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه، وتجييش الرأي العالم العالمي لحساب هذه القضية، وسيجدون الكثير من الأصوات الداعمة لتحركهم".

سوريا
وقال "أما في سوريا، فإننا ندعو الجميع إلى العمل الجاد من أجل تلاقي كل الفعاليات والحوار فيما بينها، للحؤول دون الوقوع في فخ الفتنة المذهبية والطائفية، وإلى وعي خطورة أن تقع سوريا مع غيرها من الثورات العربية في الفوضى، التي يراد لها أن تؤدي إلى إضعاف الواقع العربي والإسلامي لحساب الكيان الصهيوني والمشاريع الاستكبارية في المنطقة. إن المباشرة في الإصلاح في ظل حوار وطني جاد، وعدم الرهان على الخارج، يقربان المسافة بين الشعب والحكومة، ويمهد الطريق لحفظ سوريا دولة قوية منيعة، تحفظ حقوق كل مواطنيها وحرياتهم".

البحرين
وتابع فضل الله: "اما في البحرين، الذي نتطلع إلى عودة الحوار الوطني والجدي إليه، فقد شهد انتكاسة في هذا المجال، من خلال خروج فريق سياسي أساسي منه، لإحساسه بعدم جدوى الاستمرار في هذا الحوار. إننا ندعو الحكومة البحرينية التي أخذت على عاتقها الاستمرار في الحوار، أن تدرس الأسباب التي أدت إلى هذه الانتكاسة ومعالجتها، للعودة إلى ساحة الحوار الجدي مع كل مواطنيها، تجنبا لوصول الأزمة إلى طريق مسدود قد يعرض البلد مجددا إلى ما يهز استقراره، ويفتح الباب أمام تجاذبات إقليمية ودولية تعقد الأزمة، وقد تفجر الموقف من جديد".

لبنان
وقال: "أما في لبنان، الذي تحركت فيه العجلة الحكومية، فأنتجت توافقا على سلسلة من التعيينات، فإننا نعيد التأكيد على ضرورة إخراج التعيينات من عقلية المحسوبيات والحسابات السياسية، إلى حساب الكفاءة والأمانة، لأجل بناء وطن يتطلع أبناؤه إلى تجربة جديدة في الحكم على مستوى النهج والأسلوب.إننا بحاجة إلى تعديل الصورة التي عهدناها، والتي تقوم على تعيين هذا المسؤول في هذا الموقع أو ذاك، لأنه فقط محسوب على هذا الزعيم أو على تلك الجهة. إننا نريد لأصحاب الكفاءات أن يجدوا لهم مجالا في مواقع هذا البلد، أن يشعروا أنهم مقدرون، لأنهم يملكون المؤهلات، وأن مؤهلاتهم وتميزهم هو القادر على جعلهم في المواقع الأساسية، على قاعدة الأخلاق والأمانة والمصلحة العامة، لحماية البلد من كل الفساد الذي يعيش في إدارات الدولة.إننا نتطلع إلى أن تأخذ الوعود الحكومية طريقها إلى التنفيذ في كل هذا الكلام الجميل حول احترام أولويات الناس، وأخذ مصالحهم وأمورهم المعيشية بعين الاعتبار، رغم الصعوبات التي تواجهها.. وهنا تبدو المساحة واسعة أمام المسؤولين لإثبات صدق نواياهم في كل ما يتصل بشؤون الناس، وخصوصا في ميدان الكهرباء في موسم الحرارة المرتفعة، وهنا نقدر حرص الجمهورية الإسلامية على المساهمة في دعم لبنان، وتخفيف الأعباء الاقتصادية عن كاهل اللبنانيين جميعا، آملين أن تهتم الحكومة بناسها وأهلها، كما تهتم بكل الضيوف من السواح القادمين من البلدان العربية وغيرها، كما أن الفرصة متاحة أيضا أمام المسؤولين للقيام بدور حقيقي لتخفيف أسعار المحروقات ودعم الرغيف، وضبط الأسعار".

ورأى "إن الواقع صعب والأمور معقدة، والتهديدات الصهيونية مستمرة، وأطماع العدو تزداد لمصادرة الثروات اللبنانية في البحر وفي البر، ولا سبيل لمواجهة ذلك كله إلا بالخطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي لا بد للدولة من أن تعد لها العدة اللازمة، ولا سيما خطة مواجهة العدو في تثبيت حقوق لبنان البحرية، وأن تباشر التنفيذ قبل أن تداهمنا أوضاع المنطقة، ويحاصرنا هجوم العالم المستكبر على ثرواتنا وثوراتنا وقراراتنا".

ورحب فضل الله "بكل دعوات الحوار بين اللبنانيين، ونضم صوتنا إلى كل الداعمين لها، ونعتبرها بكل المقاييس إيجابية، لأنها إن لم تتمكن من معالجة الخلافات القائمة بين الحكومة والمعارضة، فإنها قد تخفف من الاحتقان الداخلي، وتجعل الصراع السياسي يتحرك في مواقع الحوار، بدلا أن ينزلق إلى الشارع ويمهد لأجواء الفتنة.إن الحوار هو السبيل الوحيد لحل كل الخلافات بين اللبنانيين، وخصوصا تلك التي تقف عائقا أمام وحدتهم الوطنية. وعلى اللبنانيين أن يعرفوا أن الخارج الساعي لتخريب العلاقات بين أبناء الوطن الواحد، لن يتحرك لحل المشاكل في الداخل، بل سيعمل على تعقيدها أكثر، خدمة لمصالحه وأطماعه.لذلك ندعو اللبنانيين إلى أن لا يضيعوا بلدهم مجددا، ليكون لعبة في كل هذا الصراع الذي يدور في الكثير من الساحات ليكون وقودا لهم، بل أن يجنبوه ذلك بوعيهم وتلاقيهم وتخفيف التشنجات بينهم".

وختم فضل الله "ايها المسؤولون، عودوا إلى إنسانيتكم، وانطلقوا في ورشة حوارية وميدانية تعطي البلد أمنا وأمانا واستقرارا وعيشا كريما على جميع المستويات". 

السابق
المعلوف: نصر على مناقشة السلاح غير الشرعي
التالي
الجسر: ليس هناك مؤشرات على الارض لاي توتر مذهبي او طائفي