دخان أبيض من بكركي

 صار بالإمكان القول إنّ الدخان الأبيض في قضيّة الأراضي في بلدة لاسا تصاعد ليل الأربعاء من الصرح البطريركي في بكركي. في ذاك المساء، اجتمع البطريرك بشارة الراعي والمطران أنطوان نبيل العنداري، على رأس وفد يمثّل مطرانية جونية المارونيّة، ووفداً من المطارنة، إلى جانب نوّاب جبيل: عبّاس هاشم، سيمون أبي رميا ووليد الخوري، والنائب إميل رحمة. وقد انضم إلى الاجتماع قائد الدرك العميد صلاح جبران، وقائد استخبارات الجيش في جبل لبنان العميد ريشار الحلو، ووفد من حزب الله برئاسة عضو المجلس السياسي في حزب الله غالب أبوزينب، إضافة إلى مختار لاسا ورئيس بلديتها. وقد أثمر هذا الاجتماع تأليف لجنة متابعة تضمّ ممثلين عن مختلف المعنيين، مهمّتهم تكوين ملفّ شامل عن الموضوع والاتّفاق في خلال شهرين ونصف مع الأهالي في لاسا على آليّة للحلّ، كما أوضح للأخبار رئيس البلديّة عصام المقداد.
وبحسب المقداد، فقد بدأت اللجنة عملها أمس، "مبدئيّاً"، وستعقد جلسات طويلة مع الأهالي للوصول إلى حلّ يرضيهم ضمن احترام حقوقهم.
من جهة أخرى، أشارت أوساط بكركي إلى أنّ نقطة الانطلاق في الحلّ تبدأ في تحديد الموضوع على أنّه قانونيّ، إذ لا يمكن أن تسود فيه شريعة الغاب بحيث "يفتح كلّ شخص ع حسابو". من هنا، فإن الأطراف المعنيين من أصحاب الأراضي ومن قوى أمن وسلطة قضائيّة، مدعوّون إلى الالتزام بتطبيق القانون، بعيداً عن التجييش المذهبيّ وعن التصعيد الإعلامي، "لكون الموضوع فعليّاً، موضوع حقوق متنازع عليها من قبل أطراف محدّدة".
وكانت الدائرة الإعلامية في بكركي قد أصدرت بياناً في هذا الخصوص أكّدت خلاله "الإجماع على نزع الصبغة السياسيّة عن إشكال لاسا وحصره بالمسار التفاوضيّ والقانونيّ بعيداً عن أيّ تشنّج". ولفت البيان إلى "وضع آلية تنفيذية للمقررات التي اتخذت مع مهلة زمنية لإنهاء هذا الملف، فيما تسهر القوى الأمنيّة على تنفيذ بنود الاتّفاق من دون أن يعتدي أحد على أحد".
أمّا النائب السابق فارس سعيد، فقد اختار التعليق على الموضوع على طريقته، إذ رأى أنّ "ما يحصل في بلدة لاسا من تسويات، شاركت فيها الدولة اللبنانية، تركت أثراً سلبياً على أهالي المنطقة عموماً وعلى أبناء جرد جبيل خصوصاً، فبدت الدولة خاضعة لمنطق القوة". وأضاف سعيد إن "وجود المسؤول السياسي لحزب الله غالب أبوزينب في اجتماع بكركي البارحة يؤكّد الطابع السياسي لهذه المسألة". وطالب سعيد الدولة بالإسراع في استكمال أعمال المساحة بمؤازرة القوى الأمنية، وإزالة فورية لكل مخالفات البناء على أرض الكنيسة، وتجميد مهمات مختار لاسا وإنشاء لجنة متابعة أهلية مؤلّفة من فاعليات قرى بلاد جبيل من أجل متابعة هذه المطالب وتطبيقها.
وفي النقاشات الحاصلة في لاسا وغيرها من قرى جبيل تشديد على أنّ ما يجمع الناس بمختلف طوائفهم أكبر وأوسع مما يخلفهم، فيؤكدون أنهم يعيشون معاً منذ سنوات ولا مشكلة بينهم، بل تجمعهم المصيبة في موضوع تحديد الأراضي وفي الهموم المعيشيّة، فلاسا والبلدات العشر المجاورة لها تفتقر إلى المستشفيات والمستوصفات والصيدليّات والمدارس ومحطّات الوقود، وإلى طريق مؤهّلة يسلكها المواطنون للوصول إلى بلداتهم.

السابق
الحياة : “حمص “شبه مغلقة” عشية “جمعة أولاد خالد”
التالي
الجسر: لا مؤشرات لأي توتر مذهبي أو طائفي