نقاش حاد حول عمليات الإنفاق المالي يتواصل في جلستين متتاليتين

بعيداً عن التجاذبات السياسية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، حققت الحكومة "خرقاً" في المجال الحياتي تمثل في موافقة مجلس الوزراء، خلال جلسته أمس، على ابرام مذكرة تفاهم بين وزارة الطاقة والمياه ووزارة البترول الايرانية، الامر الذي يفتح آفاقا واسعة امام لبنان للاستفادة من الامكانيات الايرانية.
وشهدت الجلسة نقاشاً لم يخلُ من بعض الحرارة حول كيفية إقرار عمليات الإنفاق المالي في ظل غياب الموازنة، وذلك على خلفية واقعة سجلت في الجلسة السابقة، حين طُرح موضوع فتح اعتماد بقيمة 750 مليون ليرة لصالح المديرية العامة لأمن الدولة على أساس مشروع قانون موازنة عام 2011، وهي موازنة لم تقر في مجلس النواب ولا في مجلس الوزراء، ما يعني أن الحكومة الجديدة لا تمانع في الصرف اعتماداً على قانون غير موجود، في استعادة لمخالفات حكومتي الرئيسين فؤاد السنيورة وسعد الحريري.
وفي المعلومات، ان الوزير شربل نحاس كان اول المعترضين خلال الجلسة السابقة على هذا الامر، لافتاً الانتباه الى انه ليس هناك مشروع موازنة نافذ كي يرتكز عليه طلب مديرية أمن الدولة بفتح الاعتماد والمحال من قبل وزير المال محمد الصفدي، "وحتى لو وُجد فإنه لا يجوز الاستناد اليه لتكريس الصرف على طريقة فرض الامر الواقع، وإلا ما معنى وضع موازنة محددة وأين دور مجلس النواب ومفهوم الرقابة والمحاسبة؟" ودعا الى ابتكار طريقة للصرف تتيح إخضاعها الى تسوية قانونية لاحقاً، لأن الحل المقترح يحل مكان الدستور والقانون.
يومها فوجئ عدد من وزراء "تكتل التغيير والاصلاح" و"حزب الله" وحركة "أمل" بهذه المسألة، وسرعان ما تضامن جبران باسيل ونقولا صحناوي مع نحاس، فيما رأى وزراء آخرون ان مبلغ 500 ألف دولار الذي يطلبه "أمن الدولة" لا يحتاج الى كل هذا الأخذ والرد، لينتهي النقاش بتسجيل الاعتراض في المحضر من قبل ثلاثة وزراء فقط.
وفي جلسة أمس، اكتشف نحاس، وعن طريق المصادفة، ان جدول أعمالها المدرج ضمن موقع رئاسة الحكومة على الانترنت يتضمن، خلافا للجدول الموزع، "الموافقة على اقتراح وزارة المالية اعتماد مشروع الموازنة أساسا لدفع الاجور وسائر النفقات اللازمة لتأمين استمرارية عمل الدولة"، ما يعني ان الاستثناء المتعلق بمديرية أمن الدولة تحول الى قاعدة، وأن الثغرة الموضعية في القانون والدستور تحولت الى فجوة.
وإزاء ذلك، دار نقاش مستفيض اعتبر خلاله الرئيس نجيب ميقاتي ان هذه الصيغة تستند الى روحية قرارات متخذة في الحكومات السابقة، فرد وزراء إئتلاف 8 آذار وتكتل التغيير والاصلاح بالاشارة الى انهم كانوا آنذاك أقلية" أما اليوم فنحن أكثرية ولا نقبل بتكرار الأخطاء ذاتها"، ونبهوا الى وجوب عدم إقرار هذا البند لأنه يعطي براءة ذمة لكل المخالفات التي ارتكبتها الحكومات السابقة في السنوات الماضية، ولأن مروره يعمم طريقة خاطئة في الصرف تتجاوز ضرورات مديرية أمن الدولة.
وتقرر تأجيل البت في هذه المسألة بانتظار إخضاعها الى مزيد من النقاش، وخصوصا مع رئيس الجمهورية.
وبينما تعقد الحكومة جلستها المقبلة في 2 آب المقبل في قصر بعبدا، بعد عودة ميقاتي من رحلته الخاصة الى جنوب فرنسا، دعا الرئيس نبيه بري الى عقد جلسة تشريعية عامة، العاشرة والنصف صباح يومي الاربعاء والخميس في 3 و4 آب المقبل.

السابق
اجتماع بكركي يبرمج حلاً متدرّجاً لمشكلة لاسا
التالي
جنبلاط للسفير : ما يجري في سوريا ” ثورة ” ولبنان سيلتزم بقرار المحكمة الدولية