جمع شمل العائلات ورقة التين الأمنية

 عندما يُحرم المرء من حق مسلم به فقط بسبب أصله، فانه يمس به بصفته كإنسان. وعليه، فاذا ما حظر على عربي او عربية اسرائيليين السكن في البلاد مع زوجيهما فقط لانهما عربا من السلطة الفلسطينية، فان هذا يمس بحقوقهم كبني بشر.
هذا لم يمنع "قانون المواطنة والدخول الى اسرائيل" من قول ذلك، وعليه فينبغي ان نسميه "قانون مناهض للمواطنة لمنع دخول عرب الى اسرائيل".
حتى اليوم نجح القانون في اجتياز رقابة المحكمة العليا ونجا بواسطة معاذير مشكوك فيها. في البداية اضافوا له عنوان "نظام طوارىء"، قيدوا انطباقه بالزمن وقالوا انه كون هذا مجرد حظر مؤقت – فهو ليس فظيعا جدا. بعد ذلك حاولوا قلب الطوارىء من سنة الى الابد. ولكن كون الآنية نهايتها أن تنتهي في موعد ما، سنت الكنيست القانون مرة اخرى، تقريبا مثلما كان. الحكومة لم تتمكن من الانصات لنصائح القانونيين مثل البروفيسورين امنون روبنشتاين وروت غبيزون فتتبنى ترتيبا أكثر راحة للعقل في كل ما يتعلق بالتوطن في اسرائيل.
وهكذا وصل القانون الى جولة اخرى في المحكمة العليا. هذه المرة أيضا يتعين على القضاة ان يتصدوا للذريعة الامنية، التي تمتشق دوما عندما لا تكون هناك ذريعة اخرى.
يقولون لنا ان الزوجين العربيين اللذين يأتيان من المناطق يميلان أكثر الى دعم الارهاب. ولكن مثل هذه التعميمات ضد العرب، وتشخيصهم كمخربين محتملين، هي تعميمات عنصرية بالضبط مثل التعميمات تجاه المستوطنين، الاصوليين او العمال الاجانب.
فحص المعطيات العددية يبين ان هذا التعميم ليس صحيحا على الاطلاق. منذ 1994 وحتى 2006 حصل 130 الف فلسطيني على الاذن بالمكوث في اسرائيل. افراد فقط منهم اشتبه بهم بمخالفات امنية. ولهذا فقد توصلت القاضية اييلا بروكتشيا منذ القرار القضائي السابق، الى الاستنتاج الوحيد المقبول على العقل: أن الدافع الحقيقي خلف القانون هو ديمغرافي.
القاضية بروكتشيا لم تتردد في تشبيه القانون بالقرار القضائي الامريكي سيء الصيت والسمعة KOREMATSU V. US الذي صادق في الحرب العالمية الثانية على ادخال مواطنين امريكيين من أصل ياباني الى معسكرات مغلقة. وقد فرض العقاب على جالية كاملة، استنادا الى الاشتباه العام بالخيانة. كما أن الرئيس السابق اهرون باراك في رسالة كتبها بعد اصدار القرار القانوني، استخدم ذات التشبيه. وقد ألمح القاضيان بان القانون يقوم على أساس عنصري.
في المداولات السابقة في المحكمة العليا تحققت أغلبية تصادق على القانون. هذه الاغلبية كانت طفيفة: 6 مقابل 5. فضلا عن ذلك فان ادموند ليفي، الذي انضم الى قضاة الاغلبية ورجح الكفة، وافق على أن القانون عليل. وابقاه ساري المفعول فقط لانه قانون مؤقت، واشار الى أنه مشكوك فيه أن يكون ممكنا تأهيله لفترة اخرى.
في هذه الاثناء تغيرت تركيبة المحكمة العليا وتغيرت المعاذير. الانية لم تعد آنية. وعندما يعرض القانون بعريه، تظهر عورته العنصرية. ورقة التين الامنية ليست كبيرة بما فيه الكفاية.
واضح أنه بعد الالغاء سينزلون باللائمة على المحكمة. سيقولون انها شرعت "حق العودة" الذي بسببه سيلحق "مس بالامن". هذه الشعارات هي فزاعة ترمي الى صرف الانتباه عن الامر الاساس: نحن نسيطر على عدد كبير من السكان عديمي الحقوق. في مثل هذا الوضع من الصعب تسويغ قانون يحظر الزواج على مقيم في رام الله من مقيمة في الرملة. إما أن نسمح لهما بان يقيما دولة، أو نسمح لهما بحقوق في دولة.
حتى ذلك الحين، لا يمكن ان نتوقع من المحكمة ان تهدىء ضميرنا وتسوغ كل ظلم. المحكمة لا يمكنها أن تبيع نفسها للامن، وتتحول الى باصمة طوعية لاعتبارات الديمغرافيا. لا يمكنها أن تجعل التمييز المرفوض سياسة مشروعة. 

السابق
خطوة لانهاء التهديد الايراني
التالي
صيف غير هاديء