مباراة الدخول في “اللبنانية” تحوّلت “بلطجة”

 تعدّدت الروايات وكثرت الشائعات أمس في شأن الاعتداء الذي عكّر صفو مباراة امتحانات الدخول الى كلّية الإعلام التي احتضنها مجمّع الحدث الجامعي التابع للجامعة اللبنانية.

في التفاصيل، وأثناء مسابقة الترجمة والتعريب، دخلت مجموعة من "الطلّاب" قاعات الامتحانات وعمدت إلى توزيع حلول الترجمات على بعض الطلاب. وقد أفاد "الجمهورية" شاهدُ عيان "أنّ الأساتذة حاولوا منع إدخال الأجوبة إلى الغرف، إلّا أنّ من يحملونها تصدّوا لهم بالشتائم والإهانات". وأضاف: "بعدما حاول أمين سرّ كلّية الإعلام أنطوان خوري حرب التصدّي لعملية الغشّ وطرد حاملي الإجابات، تكاثر حوله نحو 10 "طلاب" وانهالوا عليه بالضرب والشتائم، في حين نال الدكتور علي رمّال حصّة بعدما حاول إبعادهم عن زميله". وتابع المصدر موضحا: "لقد بدا الحادث منظّما وغير فردي، بعدما زاد عدد المعتدين على حرب في لمح البصر، والمثير للاستغراب أنّ بعضهم كان يرتدي سترة عمّال الصيانة في "اللبنانية".

في هذا الإطار، لم يخفِ المصدر تخوّف الأساتذة وتململهم ممّا حدث: "أجواء من الاشمئزاز ظللت الامتحانات، وتساءل الأساتذة عن جدوى مراقبتهم إيّاها في وقت يتخوّفون على أمنهم، خصوصا أنهم فكّروا لوهلة في الانسحاب وعدم متابعة المراقبة لرفضهم التحوّل إلى شهود زور".

بعد حادثة الاعتداء، أصدر المكتب الإعلامي في كلّية الإعلام والتوثيق في الجامعة بيانا جاء فيه: "إثر حادث حصل أثناء إجراء مباراة الدخول الى كلّية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية، زار وفد من قيادة حركة "أمل" المجمّع الجامعي- الحدث، حيث عُقد اجتماع في حضور عميد الكلّية الدكتور جورج كلّاس ومجلس الوحدة وأساتذة الكلّية، جرى التأكيد فيه أنّ الحادث فردي ولا علاقة لأيّ طرف سياسي به لا من قريب ولا من بعيد. وأكّد المجتمعون التضامن مع الدكتورين اللذين تعرّضا للاعتداء، وإدانتهم أيّ عمل عنفي يحصل في الجامعة، مطالبين السلطات المعنية باتّخاذ التدابير المناسبة في حق المعتدين، كما أعربوا عن ارتياحهم الى الجوّ الهادىء الذي استمرّت فيه المباراة على رغم الحادث المستنكر من قِبل الجميع".

"أمل"

اثر الإعتداء، عبّر رئيس مجلس النواب نبيه بري عن استيائه داعياً إلى توقيف المعتدين وتسليمهم إلى القضاء.

وفي اتّصال مع مسؤول القطاع التربوي في حركة أمل الدكتور حسن زين الدين، أكّد لـ"الجمهورية " استنكاره الشديد لما حدث: "بعد الاجتماع اتّفقنا على معاقبة المعتدين، فالجامعة ليست مكسر عصا، لا يمكن لأيّ طالب أن يفجّر غضبه بالمراقبين". في هذا السياق، تمنّى زين الدين لو أخذت الإدارة الحيطة والحذر قائلا: "تمنّينا لو اتّخذ المعنيون تدابير أخرى قبل إجراء الامتحانات، مثل الاستعانة بالقوى الأمنيّة داخل وخارج الحرم منعا لأيّ احتكاك، سيّما وأنّ عدد المرشّحين ضخم".

واعتبر زين الدين أنّ بعضهم بالغ في وصف ما حدث، قائلا: "بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية ضخّمت الحدث، في كلّ الأحوال، الجامعة تابعت الامتحانات على نحو طبيعي كأنّ شيئا لم يحصل". وردّا على سؤالنا عن خلفيّة تسلّل بعض الطلّاب إلى غرف الامتحانات، أجاب زين الدين: "كانت الأبواب مفتوحة، وما من تواجد لقوى الأمن، فمن الطبيعي أن يدخل الطلاب ويحاولوا مساعدة بعضهم ممّا ولّد فوضى، ومن البديهي أن يعمد المراقبون إلى التصدّي لها وإخراج الطلّاب".

أمّا عن الإجراءات التي قد تتّخذ في حقّ المعتدين، قال زين الدين: "من المفروض على الأقل طرد الطلّاب، وفي إمكان المعتدى عليه رفع دعوى جزائية، أيّا تكن خلفيّتهم السياسيّة". أضاف: "لو كان المعتدون ينتمون فعلا إلى حركة أمل لما تصرّفوا بهذا الشكل، كلّ إنسان معرّض لارتكاب الخطأ ودفع ثمن هفوته".

وردّا على سؤالنا: "لماذا شاركتم في الاجتماع بما أنّ الطلّاب لا ينتمون إلى الحركة، أجاب: "حضرت بصفتي السياسية والأكاديمية، وانطلاقا من حسّي بالمسؤوليّة".

رابطة الأساتذة

من جهته، استنكر رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرّغين شربل كفوري ما حدث، داعيا إلى إعادة الامتحانات: "لا يكفي إعادة مسابقة الترجمة، لا بدّ من إلغاء المباراة من أساسها والاتّفاق على إجرائها في موعد آخر حفاظا على صدقيّة نتائجها". وسأل: "لماذا على الطلاب الأبرياء دفع الثمن؟ كيف نثق بنتائج تعرَّض المرشّحون خلالها إلى التخويف والإرهاب"؟.

في هذا الإطار، انتقد كفوري تكرار مشهد تبويس اللحى، وسياسة عفا الله عمّا مضى: "لا يمكننا المضيّ قدُما في هذه الطريقة من دون المحاسبة وأخذِ العبر، والاستسلام للفلفة القضايا. ما وقع في الحدث يمكن أن يتعرّض له أيّ أستاذ جامعي في أيّ كلّية، سبق ورفضنا سياسة الأمر الواقع، ونحن لها بالمرصاد على الدوام".

كما عبّر كفوري عن انزعاجه من خضوع مجمّع الحدث لسلطة حزبيّة معيّنة: "الجامعة في خدمة اللبنانيين، ولا بدّ من أخذ إجراءات صارمة بحق المعتدين، فما حدث خرق لكرامة الجامعة برمَّتها". أضاف: "قد يكون حرب مجبرا على مسامحة المعتدين عليه، إلّا أنّنا مولَجون بالدفاع عن "اللبنانية" وكرامة أساتذتها والطلّاب الأبرياء". لم ينتظر الطلّاب انتهاء مباراة الدخول حتى عبّروا عن استيائهم ممّا حصل، فمنهم من فضّل الانسحاب إثر الإشكال على الفور خوفا من اتّساعه، غير مبال بالمسابقة التالية، وآخرون عمدوا إلى متابعة الاختبار على مَضض، لأن لا خيار أمامهم. "حالٌ من الهلع انتابت الطلّاب، سيّما بعد تبلّغهم إلغاء مسابقة الترجمة التي خضعوا لها". هذا ما قالته إحدى المرشّحات جوزفين بشيء لا يخلو من الحرقة، وأضافت: "المثير للاستغراب أنّ بعض المراقبين طلبوا منّا الانسحاب وعدم متابعة المباراة في ما لو لم يعجبنا الأمر، لمجرّد أنّنا حاولنا الاستفسار عمّا يجري".

من جهته، عبّر رئيس الهيئة الطلّابية في كلّية الإعلام الفرع الثاني جوزف شعيا عن هواجس كثيرين من طلّاب الفرع الثاني، قائلا: "تمنّينا فصل الامتحانات بين الفرعين، تدارُكا لأيّ إشكال يمكن أن يستجدّ وحِفاظا على استقلالية الفروع الثانية. بعد كلّ ما حدث زادت شكوكنا بمصداقية مجمّع الحدث، وعلامات استفهام كثيرة تطرح حول مَن يمسك الأمن، ومَن يدير زمام الأمور في هذا الحرم".

أضاف: "يبدو أنّ حلم إلغاء الفروع الثانية لا يزال يراود بعض الفرقاء، إلّا أنّنا سنتصدّى لكلّ محاولات الإلغاء والاستقصاء". كما لم يخفِ شعيا استغرابه ممّا حدث بين شركاء في السياسة: "مِن المعروف أنّ الدكتور حرب ناشط في التيّار الوطني الحرّ، والمعتدون من حركة أمل، ضمن الخط السياسي الواحد ويصعب عليهم التفاهم، كيف بالحريّ مع شركاء يختلفون مع موقفهم السياسي؟".

ربّما نجح الاجتماع الذي عقد بين العميد الدكتور جورج كلّاس ومجلس الوحدة وأساتذة الكلية بمشاركة وفد من قيادة حركة "أمل"، في إظهار أنّ المياه عادت إلى مجاريها، ولكن بالمقابل، أضاء على الكثير من علامات الاستفاهم في أذهان الطلاب: "ألا يكفي ما تعانيه الجامعة من اهتراء وفراغ إداري، حتى تزيد التدخّلات السياسية الطين بلّة؟ 

السابق
لاريجاني : “اسرائيل مصابة بوهم الخوف”
التالي
لجنة المال أقرّت تعيين الأساتذة الناجحين