حان وقت السؤال الصعب !

بعيدا من الكيديات والتحديات وتصفية الحسابات بين جماعات آذار، ما من لبناني يريد لهذه الحكومة أن تفشل، أو أن تنحرف الى ضفة الانتقام والتحزّب حيث تثبت انها حكومة اللون الواحد والحزب الواحد.

تعب اللبنانيون جميعهم كلهم من هذه الحماقات المرضيّة، مثلما تعبوا من حروب أصحاب الشهوات المفتوحة والساعين بأيديهم وأرجلهم وأظافرهم للوصول الى المناصب أياً تكن الأثمان.

تعبوا. وملّوا. وقرفوا. ولم يعد في إمكانهم سماع هذه الزجليات الأقرب الى الدجل.

إنما لندع كل ذلك جانباً، ولندع الحكومة والمحكمة كذلك خلال هذه الفترة من الهدوء، خلال هذه "الهدنة"، خلال هذه "النعمة" لنواجه معاً، معارضة وموالاة، 8 و14 و18 و24 وحتى 34 و44 آذار، المشكلة الأم.

أو حقيقة الأمر. وحقيقة المعضلة التي يتخبّط فيها لبنان، وشعوبه ودويلاته، وإماراته، وقياداته، ومرجعياته، ولورداته، وأعيانه، وكل هذه الرؤوس الحامية والأعين الجاحظة، والمعلّقة فوق هامة لبنان، بل في عنقه، منذ اندلاع حرب بوسطة عين الرمانة.

حتى لو قيل، وقبلنا القول، إنها حرب أو حروب آخرين.

إنها حروب لبنانية يقودها الآخرون، يوجهونها. يوظفونها، كما يوظفون دماء اللبنانيين وخراب لبنان وشله وتعطيله و…

وبأيدي أبنائه وأهله ومَنْ يدّعون أنهم يقاتلون عنه…

حان الوقت، بعد هذه العقود من الموت والبغض والدمار والحزن والموت، أن نطرح السؤال – المشكلة، ونواجهه معاً. وبوضوح. وصراحة. وبالتلازم:

هل تريدون لبنان بلداً واحداً موحداً، طبيعياً، حقيقياً، وكسائر بلدان العالم. تحكمه وتديره وتشرف عليه دولة واحدة حقيقية، ومؤسسات موحدة وحقيقية، وقوانين وشرائع وأنظمة وتقاليد وأعراف حقيقية، يتساوى أمامها جميع الناس؟

هل تريدون ذلك حقا؟

كباراً وصغاراً. أغنياء وفقراء. أحزاباً مدجّجة وطوائف جامحة؟

حتى اللحظة، ليس كل ما يلمع ذهباً، مع أن سعر أونصة الذهب سكَّر الميزان. وليس كل هذا الكلام الذي لا يخلو من الدهاء، والتهرّب، واللف والدوران، يصب في خانة الايجابيات، وخانة الموافقة على عودة الدولة، والتسليم بوجودها وسلطاتها.

وهنا بيت القصيد. وبيت الداء. وبيت العنكبوت. وبيت الفساد.

تتحدثون عن الاصلاح، وإدارة المحاسيب والأزلام ومعظمكم هجم للحال، وفور حصول الانقلاب الحكومي، على الدولة ووزاراتها، ومناصبها، ومخابزها، ومعاجنها، ومغاورها، وما تبقى في ضرعها من لبن وفي قنّها من بيض دجاج.

لا. ما هكذا تُبنى الدول ويتم الإصلاح.

السابق
الغزل السوري الإسرائيلي!
التالي
روايات شلقم