حزب الله – حزب المستقبل: علاقة ما زالت ممكنة

 هل انكسرت <الجرة> بين حزب الله وحزب المستقبل وتحديدا بين سماحة الأمين العام السيد حسن نصرالله ورئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري؟ سؤال مشروع في ضوء الاتهامات المتبادلة بين الحزبين اللبنانيين على خلفية <المحكمة الدولية> التي أنشئت في المبدأ كما بات معلوماً من اجل إقرار العدالة· أما في الجوهر فإن للقضية وجهتي نظر وشرحين مختلفين، وما بين حزب يرى في <المحكمة> طاقة نور لإحقاق العدالة ومعاقبة القتلة والمجرمين، وآخر يعتبر أن هذه المحكمة الدولية أُنشئت بسابق تصور وتصميم من الثنائي الأميركي – الاسرائيلي من أجل تصفيته <سياسياً> بعد فشلهم في تصفيته <عسكرياً>، أصبحت القضية خلافية بامتياز وبات مسارها دون ادنى شك يحدد الوجهة السياسية لبلد بأكمله رغم أن حزب الله لا يختصر كل <الشيعة> والحريري لا يختصر كل <السنّة> والإثنين معاً لا يختصران كل لبنان·

كما أن الخلاف بين الفريقين لا ينحصر في نقطة واحدة وسجل الاتهامات المتبادلة لا ينتهي، فحزب <المستقبل> داعم اساسي للقرار الاتهامي الذي يدين أفراداً من <حزب الله> باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كما أن الحريري الابن اتهم الأمين العام للحزب شخصياً بقلب الطاولة على حكومته وابعاده عن السراي الحكومي إلى أجل غير مسمى، أما حزب الله فيتهم الحريري بافشال تسوية < س_  س> والإنخراط في المشروع الأميركي الذي يريد تدمير المقاومة والقضاء عليها، وبالتالي فإن ما يفرق الطرفين اكثر مما يجمعهما رغم أنه في فترة سابقة كان بالإمكان تجاوز كل الخلافات المبدأية والجوهرية بالعبور على الجسر السوري-السعودي وتفادي مشكلة في الداخل ومع الخارج·

إلا ان كلا الفريقين اتخذا قراراً حازماً في كيفية التعامل مع كافة الملفات الخلافية الشائكة بدءا بالمحكمة الدولية ووصولاً الى ملف الحكومة اللبنانية وبعد اعلان <حزب الله> على لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله عدم التعامل مع المحكمة الدولية ورفض تسليمها المتهمين ولو بعد 300 سنة، أعلن الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري أن لبنان سيدفع ثمن عدم تعاون الحزب مع المحكمة وقرارها، كما شن هجوما لاذعاً على حكومة ميقاتي معيداً الأسطوانة ذاتها باتهامها بأنها حكومة <حزب الله>·

ورغم اعتقاد البعض بأن العلاقة بين الفريقين باتت شبه مستحيلة في ضوء ما تقدم، إلا أنه وبحسب تأكيدات أحد الشخصيات السياسية المرموقة فإنه <في السياسة لا شيء مقفل الى ما لا نهاية> وما زال بالإمكان تجاوز الخلافات والمضي قدماً لإعادة الأمور الى مسارها الطبيعي·

وفي معرض قراءة مستقبل العلاقة بين الحزبين اللبنانيين كما كلام الحريري الأخير، فإن نائباً بارزاً في الأكثرية الجديدة أكد بأن كلام الحريري ليس بجديد، وهو كان موجهاً لفريقه وحلفائه لشد عصبهم أكثر مما هو موجه ضد خصومه وتحديداً حزب الله، وهذا الكلام قاله الحريري من منطلق محاولته التأكيد على أنه تخطى فترة الإحباط وأنه ما زال موجودا في قلب اللعبة السياسية اللبنانية رغم ابتعاده، كما أنه أراد بكلامه خوض معركة إعادة إثبات زعامته داخل طائفته التي خسرها بعد أن احتكر تمثيلها منذ اغتيال والده في 2005، واليوم نراه يحاول تصوير نفسه <مظلوماً> رغم أنه هو من اتخذ خيار اقصائه من السلطة بنفسه عندما قرر أن يكون جزءاً من مشروع الهجمة على المقاومة وتدميرها عبر المحكمة الدولية وبعد افشاله تسوية <س  _س>·

وأضاف النائب الأكثري بأن الحريري نسي أو تناسى بأن هناك شريكاً سنياً أساسياً في لبنان أثبت حيثيته الشعبية وهو شريك شرعي استطاع تشكيل حكومة حظيت بموافقة دولية وعربية رغم كل الاتهامات التي سيقت ضده بأنه تابع لحزب الله ومجرد اداة تنفذ الأوامر وبأن حكومته هي حكومة انقلابية <غير شرعية>·

ولفت إلى انه كما لا يستطيع حزب الله وحركة امل اختصار الطائفة الشيعية وكما لا يستطيع التيار الوطني الحر احتكار المسيحيين كذلك الحريري لا يستطيع احتكار الطائفة السنية لا بشخصه ولا بحزبه لأنه في المحصلة يبقى المستقبل حزب كباقي الاحزاب اللبنانية وليس الممثل الشرعي الوحيد <للسنّة> وعليه ان يقبل بالشريك السني الآخر في الوطن وأن لا يكرر تجربة الاستئثار بالسلطة التي وقع فيها الكثير من الأحزاب الآخرين لأن هذه اللعبة انتهت منذ زمن بعيد·

أما عن تصوره لمستقبل العلاقة بين حزب الله وحزب المستقبل حول إذا ما كان بالإمكان لقاء والتقاء الفريقين مرة أخرى فقد أشار النائب الأكثري إلى أنه في السياسة لا شيء مقفل وكل الخيارات ممكنة·
 

السابق
الصراع السياسي والمصالح يتداخلان مع حسابات المواجهة
التالي
ميقاتي تقصد مغازلة 14 آذذار في عشاء عمشيت