جدول مجلس الوزراء يستبق مائدة عمشيت ··

 كتبت "اللواء" تقول ، على وقع إنقسام عامودي وأفقي آخذ في الاتساع بين الاكثرية والمعارضة، يتوجه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اليوم الى منطقة الجنوب لنقل رسالة مؤداها إلتزام الحكومة اللبنانية بالقرارات الدولية ولا سيما القرار 1701 ودعم مهمة القوات الدولية العاملة في الجنوب بموجب هذا القرار وتأكيد تمسك لبنان بالهدوء والاستقرار في تلك المنطقة، مع عدم التنازل عن الحقوق الوطنية لا سيما الثروة النفطية والغاز·
هذه الزيارة التي يرافقه فيها وزير الدفاع فايز غصن وقائد الجيش العماد جان قهوجي ستشمل سلسلة من المحطات ابرزها مواقع لـ <اليونيفل> والجيش اللبناني ونقاط متقدمة عند تقاطع الحدود اللبنانية، وتأتي غداة جلسة مجلس الوزراء التي انجزت التعيينات المعروفة وفتحت المجال امام تعيين المدير العام للامن العام في جلسة بعد غد الاثنين لطي صفحة من الخلافات المضمرة حول المناصب الامنية ولا سيما مركز المدير العام ولتلتقط حكومة الرئيس ميقاتي ورقة المبادرة او ما وصفه مصدر معارض <بكمية من الاوكسجين> لتدارك سلسلة من الازمات المرشحة لاضعاف الثقة بالحكومة وادائها ولا سيما ازمات الكهرباء والمياه والاعباء الاقتصادية، وربما ازمات مالية بدءاً من الموازنة وصولاً الى تفاقم المديونية العامة·
ويمهد الرئيس ميقاتي بتعويم الثقة الداخلية بحكومته، الى الانصراف الى الخارج، في ضوء البيان الوزاري الذي يشدد على الحفاظ على علاقات لبنان العربية ومع الدول الصديقة·
وفي هذا الاطار، علمت <اللواء> ان ميقاتي جدد رغبته بزيارة المملكة العربية السعودية لاجراء محادثات مع كبار المسؤولين فيها وتأكيد التزامات لبنان العربية وطلب الدعم السياسي والمالي للبنان·
ويأتي توزيع جدول الأعمال لمجلس الوزراء متضمناً ترشيح العميد عباس ابراهيم لمنصب المدير العام عشية <مائدة عمشيت> التي دعا إليها الرئيس ميشال سليمان رؤساء الأحزاب المسيحية لا سيما المارونية: الرئيس أمين الجميّل (الكتائب)، النائب ميشال عون (التيار الوطني الحر)، النائب سليمان فرنجية (المردة)، الدكتور سمير جعجع (القوات اللبنانية)، بالإضافة إلى عدد من الوزراء والنواب من التكتلات النيابية العائدة للأحزاب الأربعة خصوصاً نواب جبيل، فضلاً عن مطارنة ومشايخ ورؤساء بلديات ووزراء سابقين وذلك على شرف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي· ورجحت المعلومات ألاّ يقل عدد المدعوين عن مئة وخمسين شخصية·
ولم يُعرف ما إذا كان توزيع جدول الأعمال قبل العشاء جاء لقطع الطريق على بحث الحصة المسيحية في التعيينات الإدارية في مناصب الفئة الأولى وغيرها أو لتجاوزها إلى مسائل أخرى تتعلق بقانون الانتخاب ودور المسيحيين في لبنان والمنطقة وملف التجنيس وقضية بيع الأراضي وموضوع اللاجئين·
لكن مصدراً مطلعاً في لجنة بكركي النيابية أبلغ لـ <اللواء> ليلاً، أن البطريرك الراعي، الذي تلقى وعوداً من العماد عون بالعمل على استرداد المناصب التي كانت عائدة للمسيحيين وأوكلت بفعل الظروف السابقة لطوائف أخرى في ظل حال عدم التوازن السياسي الذي كان قائماً في البلاد منذ التسعينات، أبدى استياءً وانزعاجاً من منحى <الاستئثار والهيمنة> مع مباشرة الحكومة لملف التعيينات الإدارية، وهو ما زاد من مخاوف بكركي بتكريس هذا النهج، وتوقعت أن تتناول المرجعية المارونية هذه المسألة قبل انعقاد جلسة الاثنين سواء في عظة الأحد أو في عشاء عمشيت·
وفيما تحدثت اوساط عونية عن ان ما سيبلغه النائب عون للمجتمعين في عمشيت ان تعيين العميد عباس في حال حصوله يوم الاثنين لن يكرس مكسباً نهائياً بل مؤقتاً في سياق مراجعة عامة لكل مناصب الفئة الاولى، كشف نائب في لجنة بكركي النيابية ان البطريرك الراعي سيدعو في غضون اسبوع او اسبوعين اللجنة الى اجتماع مخصص لبحث قانون الانتخاب الجديد من وجهة نظر المسيحيين·
ومع ذلك، تخوفت مصادر سياسية من تفاقم الانقسام الداخلي على خلفية ملفات متفاقمة وعالقة مالياً واقتصادياً وامنياً، خاصة في ضوء حدثين من المرجح ان يتفاعل الخلاف حولهما: التعيينات الامنية وما يرتقب ان يتفرع عنها من تشكيلات في الاجهزة على اختلافها، في ظل رغبة الفريق العوني في فرض اجندته الخاصة لتشكيلات في مجلس قيادة الدرك وفرع المعلومات وتحديد الصلاحيات، اضافة الى استعادة الامن العام او مديرية امن الدولة للموارنة وتقليص صلاحيات شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي·
اما الحدث الثاني، فيتعلق بالملابسات التي احاطت بقضية الاستونيين السبعة خطفاً ومفاوضات وتحرير والتي كشفت عن خلل كبير في التنسيق بين الاجهزة الامنية، الامر الذي ادى الى غياب دورها مجتمعة، والى تهشم صورة السلطات الامنية امام الرأي العام المحلي والدولي واهتزاز الثقة بها·
وقال مصدر أمني مطلع ل<اللواء> أن المرحلة المقبلة، بعد استكمال التعيينات الأمنية الرفيعة ستتركز على مراجعة مجمل النظام الأمني اللبناني الذي تشكّل بعد اتفاق الطائف بالمديريات المتعددة: مديرية المخابرات في الجيش، جهاز أمن الدولة، مديرية الأمن العام وجهاز أمن السفارات، ثم لاحقاً شعبة المعلومات التي لعبت دوراً موازياً أو متقدماً في أحيان كثيرة في المسائل الأمنية بعد العام 2005·
وأكّد المصدر أن هذه المراجعة المرتقبة والتي تندرج تحت عنوان <إصلاح النظام الأمني> تتحرك وفقاً لثلاثة عناوين:
1 – مراعاة المناخات الجارية في المنطقة العربية لجهة إبعاد الأجهزة الأمنية عن التدخل في العملية السياسية، لا سيما في الدول القريبة من لبنان·
2 – الملابسات المحيطة بتعامل لبنان مع المحكمة الخاصة بعد صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وضرورة التحكم الكامل في عملية البحث والتقصي والتبليغ والتوقيف منعاً لأي خطوات ناقصة·
3 – إعطاء دور أكبر للأمن العام على غرار ما كان عليه الوضع في عهد الرئيس سليمان فرنجية في العام 1970 وما بعده·
وهذا الموضوع سيكون مادة خلافية إضافة إلى الملفات القائمة وسط مخاوف جدية من تصاعد التجاذب بين المعارضة والحكومة في ضوء الاتجاه السائد لدى وزراء عون لفتح ملفات أو رمي اخفاقات الوزارات التي كانوا على رأسها وما يزالون على الحكومات السابقة·
وفي هذا الإطار، علقت مصادر في المعارضة على كلام وزير الطاقة جبران باسيل في شأن أن الحكومة السابقة قصّرت في موضوع حقوق لبنان في النفط والغاز، فاعتبرت أن ما قاله باسيل مجاف للحقيقة، وأن وزير الطاقة وزملاءه من التيار العوني شاركوا في كل الجلسات وأن حكومة الوحدة الوطنية التي كان يرأسها الرئيس سعد الحريري قامت بكل ما عليها لجهة ترسيم الحدود وإرسال كتاب إلى الأمم المتحدة بهذا الشأن لتحديد المياه الإقليمية اللبنانية التي تحتوي على حقوق لبنان في النفط، في حين أن وزراء المعارضة السابقة بدوا أقل اهتماماً في هذه المسألة·
وفيما توقع تقرير ل<الايكونوميست> نشر أخيراً أن تكون الانعكاسات الاقتصادية للربيع العربي <مرتفعة> سلباً على لبنان، رأى خبراء اقتصاديون صحة في هذا الكلام، وقد اثبتته الأرقام الاقتصادية، إذ سجل النصف الأوّل من عام 2011 تراجعاً في النمو والتدفقات المالية والحركة السياحية وأدى ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة العجز في ميزاني التجاري والمدفوعات وفي ارتفاع معدلات التضخم·
الا انهم رأوا في توقعات النمو للعام 2012 ووضع لبنان في المرتبة 16 بين 19 بلداً شملتهم الدراسة أمراً مجحفاً لأن التقرير لم يأخذ بعين الاعتبار ما يمكن أن تقوم به الحكومة اللبنانية من أعمال أو مشاريع صغيرة، كما اغفل التقرير خصوصية الاقتصاد اللبناني الذي يمكن ان تتحسن كل مؤشراته· ففي العام 2009 على سبيل المثال كان النمو الاقتصادي في الفصل الأوّل ضعيفاً جداً، بينما تحسن في النصف الثاني من السنة بشكل كبير، ما أدى إلى تسجيل لبنان معدلات نمو هي الأعلى في المنطقة وصلت إلى 8%· 

السابق
السفير : تعيين المدير العام للأمن العام الإثنين؟
التالي
الجمهورية : الحكومة تتكتّم على “اللغز الأستوني” وتفتح الملفّ الانتخابي